2019-05-18 | 02:50 الكرة السعودية

دموع هداف الدوري تكشف الحكاية

الرياض ـ خالد الرشيد
مشاركة الخبر      

ما كان حضور المغربي عبد الرزاق حمد الله حدثًا جللاً في أسماع النصراويين.. في كل الاتجاهات وقبل أيام قلائل من إغلاق فترة الانتقالات الصيفية تحركت إدارة سعود السويلم بحثًا عن لاعب يسد حاجة هجوم فريقه قبل انطلاق الدوري الأقوى.
تضاربت الأنباء المتواترة، فهناك من قال إن أصحاب القرار في البيت الأصفر لهثوا وراء الفرنسي جوميز الذي ارتدى فيما بعد قميص منافسهم التقليدي الهلال.. كان وصول جوميز إلى الرياض مهيبًا وصاخبًا، وحظي باستقبال جماهيري اكتظت به ردهات صالة القادمين في مطار الملك خالد الدولي في الرياض في ساعة متأخرة..

بدأ النصراويون ينثرون الأسئلة المباشرة والواضحة والمعاتبة باتجاه إدارة ناديهم عن هذا التأخير في حسم الصفقة التي يفترض أن تكون الأهم والأفضل، فالمهاجم الهداف هو ما تحتاجه الكتيبة الصفراء إن كانت لديها نوايا للمنافسة على صراع الموسم الاستثنائي، الذي يحظى بمشاركة ثمانية أجانب للمرة الأولى في تاريخ الكرة السعودية، أمر يعني أن الفرق قد لا يكون بينها اسم يمكن الانتصار عليه بسهولة.. أكملت الأندية تقريبًا كامل عدتها وعتادها وتزودت بالقادمين من خارج الحدود.. النصر هو الآخر رتب أموره إلى حد بعيد لكنه لم يحسم بعد أمر المهاجم..

إغلاق الفترة بات حديث الوسط الرياضي.. والنصر تبقى له مهاجم لم يتم تسجيله.. يعرض المغردون النصراويون عشرات الأسماء في مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بتسجيل واحد منهم.. وهذه أجواء شبه طبيعية في كل مكان حول العالم.. الجماهير تأخذها الحماسة وتدلي بدلوها في مستويات النجوم وتحاول إقناع من يملك القرار بسماع رأيها.
كرة القدم لعبة ليست صعبة أو معقدة أو غامضة.. لعبة لا تخفي أي أسرار تحت وسائد نومها.. لعبة تلعب على المكشوف وهذا أحد أهم أسباب فتنتها.

أعلنت الإدارة في اللحظات الأخيرة التعاقد مع المغربي عبد الرزاق حمد الله.. بلا حفاوة كبيرة استقبل عشاق الأصفر العاصمي الكبير الخبر، وانقسموا إلى فسطاطين بين مؤيد للخطوة وبين رافض للاعب قادم من الدوري القطري، بحجة أنه أضعف كثيرًا من أن يستعين النصر الطامح للمنافسة في مسابقة شرسة وقوية على لاعب منه.

بدأ حمد الله مع النصر بخجل، فتعالت الأصوات سريعًا على أن هذا اللاعب ما هو إلا "مقلب".. ليس بإمكانه أن يقدم للنصر ما يمكن أن يقدمه جوميز للهلال وعمر السومة للأهلي ولا حتى الكولومبي أسبريلا للفيحاء.. بخطى متعثرة انطلق القادم من ضفاف الأطلسي مع القميص الأصفر.. كان قادمًا من إصابة وهذا ما جعل الرافضين لحضوره كثر.. فكيف تتعاقد مع مهاجم ما زال في مرحلة التعافي وقد يحتاج إلى وقت طويل قبل استعادة قواه وحساسيته الكروية.

لم يدخل حمد الله الأجواء سريعًا، بل تخطى جميع العقبات واختصر المراحل.. أصبح بلا مقدمات أيقونة الفرح الأصفر.. كأنه جاء لمهمة محددة هي إعادة تشكيل النصر فريقًا هجوميًّا يصبح الفوز جزءًا من ثقافته وأسلوبه، ثم يكسر أرقامًا ظلت صامدة أعوامًا طويلة في منافسات الدوري السعودي.

تعشق الجماهير الهدافين في أي مكان.. جماهير النصر تولعت بماجد عبد الله لأنه كان هدافًا متفردًا.. بعد ماجد لم تجد أحدًا يناهز هذا اللاعب الأسطوري.. ظلت تعيش طويلاً على ذكريات ماجد وأهدافه.. جاء حمد الله وبالطبع لم يلغِ ماجد ولا تاريخه، فذاك عند القلوب الصفراء منطقة يمنع الاقتراب منها.. يتصارع النصراويون مع أضدادهم ويهرب اللقب منهم ويبتعد لكن حمد الله صامد حاضر عبر كل الشباك وحده.. جميع فرق الدوري تذوقت علقم أهدافه وضرباته باستثناء الفيصلي.

أصبح حمد الله هداف الدوري الأقوى في تاريخ الرياضة السعودية، على الرغم من أنه لم يكمل نصابه من المباريات بداعي الحضور المتأخر.. أمس الأول حضر كالمعتاد وحسم الدوري بهدف الختام.. تعادل الباطن ووضع النصراويون أيديهم على قلوبهم خوفًا على اللقب.. بعد أربع دقائق يرسل عبد الرحمن الدوسري الكرة داخل الثمانية عشرة باتجاه حمد الله.. يحتضنها بين المدافعين على صدره.. يتركها تهبط بسلام على الأرض.. يرقب حركة الحارس.. يسدد الكرة.. ثم يجري فرحًا لأن الشباك اهتزت وربت كما فعلت مع كراته وألعابه 34 مرة.

رهان المشجع
أطلق الحكم صافرة النهاية وانطلقت فرحة نصراوية غامرة.. أحضان وصرخات وهتافات ووجوه تتعانق.. حمد الله لم يتمالك نفسه.. وترك دموعه تحكي قصة الفرحة الكبيرة.. احتشد حوله زملاؤه اللاعبون.. هل يواسونه أم يهنئونه.. وحده مشجع راهن على حمد الله وتحدى أصدقاءه بأن هذا الفارس العربي سيكون جواد السباق الرابح، يعرف لماذا بكى حمد الله بكل تلك الدموع التي قالت للنصراويين إن هناك هدافين وهناك لاعبين.. وأيضًا هناك عاشقين.