|


أحمد الحامد⁩
مواعيد الصدف
2018-11-12
يا لهذه اللغة العبقرية، لا أقلل "أبداً" من كل اللغات الأخرى، لكنني أحتفي بما لدينا من هذا المحيط العظيم، هذا المحيط وإن بدا ممتداً عميقاً رحباً، إلا أنه يأبى أن يبحر به إلا من يستطيع إنصاف جماله، المحيط هو من أطلق الألقاب على أولئك البحارة الشجعان، أعطى المبحرين عدة ألقاب حتى يميزهم، وكالأب الذي يحب جميع أبنائه، أسمى كلاً منهم باسم يناسبه.
الشعراء لهم حظوة لديه، كيف لا وقد استخرجوا من أعماقه ما لا يراه من لا يستطيعون الإبحار فيه، اخترت بعضاً من جماله الذي شاهدته في أوراق بحار كبير، الشاعر سلطان السبهان كان ضيفاً في برنامج "مسّيان" لم أتفق معه على إجراء اللقاء قبل أيام من موعده كما جرت العادة، بل كان التقاؤنا صدفة سببت هذه الاستضافة، قبل أيام قرأت مقالاً لأديبنا الكبير فهد عافت بعنوان "مواعيد الصدف"، ضحكت من المفاجأة، ما هذا العنوان العبقري؟ هذا ليس عنواناً بل اختراع، مواعيد الصدف؟!! لا أتصور أن هناك أجمل من هذا العنوان، ليس لمقال فقط، بل للكثير من مجريات الحياة وما يمر به الإنسان من أقدار ومفاجآت ومواعيد للصدف، أعود لشاعرنا الجميل سلطان السبهان الذي كشفت معرفتي به من خلال مواعيد الصدف قصر نظري في عدم القراءة له، كيف لم أكن أحد قرائه طوال الفترة الماضية، ثلاثة دواوين صدرت له لم أقرأ منها صفحة واحدة! ما هذا الجهل الذي يصيبني من دون أشعر به، وهل يشعر الجاهل بجهله؟ الله يسامحك يا عبد الحليم، قبل أيام كان صوت عقلي يقول انتبه.. هذا الصوت الساحر أصبح مخدراً لك منذ فترة ليست بالقصيرة، عموماً كان لقاءً ممتعاً بالنسبة لي، حضر سلطان السبهان للبرنامج ومعه ثلاثة دواوين هي يكاد يضيء، تفاصيل أخرى للماء، وما لا يجيء، أثناء اللقاء أعلنت له أنني سآخذ هذه النسخ الثلاثة، وافق على إعطائي اثنين منها واعتذر عن الثالث لعدم وجود نسخة أخرى لديه، ومن ديوان تفاصيل أخرى للماء اخترت لكم مقطعاً من قصيدة مهاجرٌ للغيم:
شحُب الزمان
وأنت فصلٌ من رضا
والصبرُ ملّ وأنت صدرك من فضا
فيما مضى أرخصت دمعك عندهم
لا بأس..
ذلك كله..
فيما مضى