|


أحمد الحامد⁩
وتستمر الحياة
2019-01-14
المجنون لا يعلم بأنه مجنون، لأنه لو كانت لديه القدرة على المعرفة بأنه مجنون لما كان مجنوناً، على المقياس أيضاً نستطيع القول إن الغبي لا يعلم بأنه غبي، ولو استطاع أن يعلم بغبائه لما كان غبياً من الأساس.
أنظر بعين الشفقة على العديد من الناس الذين أقحموا أنفسهم في مجالات لا تصلح لهم فظهروا بمستوى الأغبياء، وبسبب بقائهم طويلاً في المكان الخاطئ اعتقدوا أنهم أصحاب تجربة وخبرة.
ثم ابتلي المكان والناس بتصرفاتهم وسوء مستوياتهم، هم في واقع الحال ارتكبوا خطأً فادحاً في حياتهم عندما لم يكتشفوا المجال الذي يصلح لموهبتهم المخفية التي لم تكن يوماً فيما يعملون به الآن، وفيما أضاعوا حياتهم عليه.
كنت ومازلت مؤمنًا أن الله أعطى لكل إنسان مقدرة وموهبة يستطيع أن يتميز بهما في الحياة ليكونا مصدر رزقه، لكن عملية إدراك ومعرفة هذه الموهبة تحتاج من الإنسان نفسه العمل على إيجادها ثم تطويرها لتصل إلى المستوى الناجح.
قبل سنوات طويلة تقدم للعمل شاب عربي يريد أن يعمل بأي وظيفة، تم توظيفه تعاطفاً مع ظروفه الصعبة، وتم تدريبه ثم توظيفه في مجال فني جدًّا، بعد فترة من الزمن كان واضحاً جداً أنه لا يصلح أن يعمل في هذا الموقع.
لم تكن المشكلة هنا، بل أصبحت في قناعته التامة بأنه محترف وخبير، ثم أصبح يعادي كل من جاء من بعده للعمل معه في نفس مجاله، ثم أصبح منظِّراً على جهالة، قاتلاً لكل مواهب من معه، ثم فشل في تكملة عمله لأن المؤسسة انتقلت إلى مكان آخر ولم تطلبه للانتقال معها.
بعض المواقع يعمل بها من لا ينفعها ولا ينفع نفسه، الإنسان مسؤول عن حياته وعن عائلته، وعليه أن يكون مدركاً لقدراته جيداً، وأن يكاشف ذاته بكل صدق، نجاحك له تأثير على عائلتك، وفشلك أيضاً يحدد مستوى حياتهم وتعليمهم ومكان نشأتهم.
المكابرة جهل، والجاهل يقاتل نفسه لأنه عدوها، ولكن هل يعلم الجاهل بجهله؟ لو علم لما كان جاهلاً، وتستمر الحياة.