|


صالح الخليف
رئيس تحرير البرنامج
2019-02-22
يسمي المصريون سائق الدراجة النارية الذي يوصل طلبات المطاعم إلى المنازل طيارًا.. شركتا أوبر وكريم تصفان السائق العامل تحت مظلتيهما بالكابتن.. قبل أكثر من عشرة أعوام دخلت سوبر ماركت في شارع العليا وصادفني شابّ وافد يرتدي بالطو الأطباء الأبيض.. من ملامحه استكثرت عليه أن يكون طبيبًا.. هناك مثل شهير في نجد يقول: "الرجال تعرف من وجوهها".. لم يكن استنقاصًا فحاشا لله أن أكون من الجاهلين.. لكن نفسي وسوست لي وقالت: "هذا لم يدخل كلية الطب في حياته"..
بعدها بأيام ذهبت لمحل حلاقة في الحي ذاته.. وجدت صاحبي الذي صادفته يعمل حلاقًا ويرتدي بالطو الأطباء.. كانت موضة ارتداء الحلاقين لهذا النوع من الأزياء قد بدأت بالانتشار.. ما خابت ظنوني.. الرجل صار حلاقًا وليس طبيبًا، وإن ارتدى ملابس الجراحين والدكاترة والمعالجين.. لا أعرف لماذا لا يختار الحلاقون لونًا آخر يميزهم عن رداء الأطباء والصيادلة والممرضين.. لم يستطع ذلك الحلاق خديعتي.. كنت فقط أحتاج إلى دليل دامغ حتى أتيقن من شكوكي..
في الفترة الأخيرة انتقل هذا الحلاق على الشاشة ولكن بطريقة ثانية وهيئة ثانية وملامح ثانية..
البرامج التلفزيونية هي الحلاق الجديد..
لرئيس التحرير قيمته ومكانته ومهمته في الصحافة.. له منزلته المتفردة.. له مسؤولياته المرهقة.. له خصوصيته في حدود المهنة المعقدة والمتعبة.. تتشعب أدواره كما تتغلغل الصحافة في أدغال الحياة.. دأبت هذه البرامج في أعوامها التالية على القول إن ضمن طاقمها رئيس تحرير.. أحيانًا يكون المذيع نفسه هو رئيس التحرير.. يبدو أن التفسير الوحيد الذي يتوافق مع منطقية عقول البشر في حكاية رئيس تحرير البرنامج لا تتعدى كون المذيع، هذا يعاني نقصًا يريد أن يسد فراغه في مسمى رئيس التحرير..
لا علاقة أبدًا بين رئاسة التحرير وبرامج التلفزيون.. ربما في البرامج ما أقوى وأكثر إغراء من هذا الاسم فلماذا يتطفلون على رئيس التحرير ويتخاطفونه كما تتخاطف الفراشات رذاذ الضوء.
رئيس التحرير عمله يختص بالصحف فقط وله مهام وواجبات وأدوار.. ليس لكم بها شأن.. لا تعبثوا بالاسم لحاجات في نفس يعقوب.. لا تكونوا مثل الحلاقين ومثل الطيار فوق دراجة وسط شوارع القاهرة..
رئاسة التحرير مهمة عرفها العالم كله أنها مرتبطة بالصحف.. ما شأن وكيف ولماذا ومتى وأين وهل له علاقة بالبرامج التلفزيونية..؟!
أرجوكم توقفوا.. صدقوني.. مش ناقصة..!!