|


فهد عافت
التفضيل المنبري!
2019-04-23
ـ في الجلسات التي يكون موضوعها الفن والأدب، أعترف: لا أتمتّع بصبر طويل على أصحاب التفضيلات المنبريّة!.
ـ ليس عندي أسوأ من حكاية أن الرواية الفلانية هي أعظم رواية، وأنّ الروائي الفلاني هو أعظم روائي، إلّا الجملة الشهيرة السائبة: "قرأت فلان؟! لا، إذن أنت لم تقرأ"!.
ـ مثل هذه "الحَسْميّات" من شأنها إغلاق ملف أي موضوع، مهما كان فتح ملفّه شهيًّا!. أشعر أن الأوكسجين سُحِب فجأة من المكان!، وأن المسألة تحوّلت من عَرض إلى استعراض!.
ـ وبالتجربة والخبرة، صرت أعرف أنّ أصحاب مثل هذه التفضيلات الحاسمة والنهائية، لم يبحروا في مجال القراءة أبعد من سنتميترات قليلة عن هذا العمل الذي يتحدّثون عنه والاسم الذي يدورون حوله!.
ـ وتقريبًا، فإن حتى هذه السنتميترات القليلة، تكون نتيجة إبحار غير متقصّد!، تصلح أغنية عبد الحليم حافظ خلفية لها: "على حسب الريح.. ما تودّي الريح.. ما تودّي"!. وهي إن كانت كذلك صاحَبتها مشكلة أخرى: القطف العشوائي السريع، وبالكاد حفظ المانشيتات!.
ـ نعم هناك من هم أفضل في كل مجال، ونعم هم قِلّة، أو على الأقل فإنني ممن يوافق على أن القمّة لا تتسع للجميع!.
ـ القاع وهي القاع لا تتسّع للجميع في حالات وأوقات كثيرة، فلا تحاول إقناعي بأنّ القمم تفعل ذلك!.
ـ لكن هذا فيما يخص العمل الإبداعي وليس في تلقّيه!. ونعم، أظن وبإصرار يزاحم اليقين، أن التلقّي موهبة وأنه عمليّة إبداعية في نهاية المطاف!.
لكنني أظنّه العمل الإبداعي الوحيد الذي لا يليق بكرمه أن يكون مدبّبًا إلى الحد الذي لا يتّسع لاستقبال أكبر عدد ممكن من الزّوّار وأصحاب الدّار!.
ـ بعد هذه الخطوة الكريمة من التّلقّي، يعتلي المتلقّي الموهوب قمّة هي بطبيعتها مدبّبة، ولا تتّسع للجميع!.
ـ لكن هذا "الجميع" والذي يعني حرفيًا "الكثير"، لا تخصّ عدد المبدعين الذين يحتويهم المتلقّي في قلبه محبةً وفي عقله فهمًا وفي وجدانه تقديرًا وشغفًا، وإنما تعنيه هو نفسه كمبدع وتخصّه هو نفسه كموهوب في مجاله، لا يجاريه فيه غير قلّة من المبدعين الآخرين في فن القراءة والتلقّي!.
ـ القمّة ضيّقة الصّدر، لكن شرطها على من يريدها أن يكون واسع الصدر!.