|


أحمد الحامد⁩
طرف واحد
2019-05-27
عاش الكاتب كامل الشناوي دون أن يتزوج.. وحيدًا إلا من حبه لنجاة الصغيرة، حتى هذا الحب عاش وحيدًا لأنه من طرف واحد.. وألم في قلب واحد، كانت نجاة تحب كامل الشاعر الذي يكتب لها أرق القصائد الممزوجة بألمه، لتطير بها إلى سماء الشهرة وتسحق به إلى أقصى الخيبات، لم تبادله حب العشاق، لكنها بادلته المكر في تحريكه ونبش آلامه حتى يكتب وحتى لا يتوقف عن الكتابة..، كانت تستمع لكلماته لترد بكلمة واحدة.. حلوة القصيدة يا كامل..!
كامل كان يشعر أن نجاة من حقه وحده لأنه يحبها ولأنه يشعر بأنه هو من قدمها للجمهور، لكنه نسي بأنه يقدمها للملايين الذين أحبوها كلهم، نسي بأنه يضعها على "فاترينة" أمام قلوب المستمعين!، الحب لا يعرف كاتبًا كبيرًا ولا صانع نكتة ولا مفكرًا، الحب لا يعطيك مجالاً للتفكير ولا مقدرة على الانتباه.. أقصى ما يفعله العاشق هو ترديد بعض الكلمات بصوت خافت معاتبًا نفسه بعد مرور العمر: احتشم ياقلبي.. فالحب طيش وشباب وأنت طيش فقط!، قد يصنع الإنسان قضية يعيش بها ومن أجلها، قضية أكبر من مهارته، شيء لا يتحكم به، شيء يمده بالطاقة حتى لو أفضى به إلى البؤس: افهميني على حقيقتي.. إنني لا أجري وراءك بل أجري وراء دموعي!، الحب من طرف واحد يشبه الرزق أحيانًا، قد يرزق غيرك بك.. لكنك لا ترزق به أبدًا: إنها تحتل قلبي، تتصرف فيه كما لو كان بيتها، تكنسه وتمسحه وتعيد ترتيب الأثاث وتقابل فيه كل الناس.. شخص واحد تتهرب منه، صاحب البيت!، في يوم من الأيام شاهد كامل نجاة مع الكاتب يوسف إدريس.. خيل له بأنها تخونه رغم أنها لم تقل له يومًا بأنها تحبه، لكنه الحب، يصنع لك كل المشاهد التي تصنع لك آلامك حتى لو كانت من وهم وخيال، شاهدها معه وبكى كثيرًا فكتب:
لا تكذبي
إني رأيتكما معًا
ودعِ البكاء فلقد كرهت الأدمعى
ما أهون الدمع الجسور إذا جرى
من عين كاذبة فأنكر وادعى
لا تخجلي.. لا تفزعي مني.. فلست بثائرٍ
أنقذتني من زيف أحلامي وغدر مشاعري
فرأيت أنت كنت لي قيدًا حرصت العمر ألا أكسره
فكسرته.
لم يكسر كامل قيده، عاش آلام الحب من طرف واحد، آمل ألا تكون واحدًا ممن خاضوا تجربة هذا الحب عزيزي القارئ!