|


أحمد الحامد⁩
كلام في الأفلام
2019-09-16
بوليوود هي الاسم القديم لمدينة مومباي، ورغم عدم وجود مدينة حالية بهذا الاسم إلا أنه أصبح يدل في أذهاننا أنها مدينة صناعة الأفلام الهندية، لا أعلم لماذا انتشرت الأفلام الهندية في منطقتنا العربية ولم تنتشر الأفلام الإسكندنافية مثلاً، ربما لأن هناك مشتركات بيننا وبين الهند، اختلاطنا وتجارتنا معهم، أذواقنا في الطعام متقاربة، لون البشرة، بعض العادات، القارة الواحدة، المناطق الهندية التي يعيش فيها ملايين المسلمين.
أعود للأفلام، كنت أحرص على مشاهدة الأفلام الهندية عندما كنت صغيراً، لكنني فقدت هذا الحرص تماماً عندما كبرت، قبل أيام طرحت هذا السؤال: لماذا لم أعد أشاهد أفلاماً هندية؟ الإجابة التي رأيت أنها الأقرب لإقناع نفسي أن نوعية الأفلام الهندية التي كنت أشاهدها كان بها من المبالغات التي سرعان ما يرفضها الإنسان كلما اكتشف حقيقة الواقع على أرض الحياة، قد ترضي هذه الخيالات الأطفال الصغار، يتحول البطل إلى رجل خارق فيقفز عشرة أمتار ويضرب ثلاثة من الرجال الأشرار في ضربة واحدة !
قد ينتقم البطل في الفيلم للمشاهد الذي يشعر بالضعف، لكنه لن يلهمه على أرض الواقع لأن ما كان يفعله البطل لا يمكن للإنسان فعله، قد يسد الفيلم نقصاً عاطفياً عند المشاهد عندما يرتبط البطل بعلاقة حب مع الفتاة الجميلة في الفيلم، لكن ذلك نادر الحدوث في الحياة، ربما كل هذه المبالغات والصدف النادرة الحدوث واقعياً في قصص الأفلام الهندية هي من جعلت من هم مثلي يهجرون مشاهدة الأفلام الهندية، بل بتسمية كل ماهو مبالغ به أو لا يصدقه العقل بـ "فيلم هندي".
في التسعينيات الميلادية أنتجت لنا السينما المصرية أفلاماً قريبة مما أنتجته بوليوود، مع حذف المبالغات القتالية حتى لا تسمى أفلاماً هندية، عوضتها بالإفيهات الكوميدية التي عادة هي من تبقى للمشاهد بينما تذهب قصة الفيلم من ذاكرته، محور الكثير من تلك الأفلام يدور حول ما يتمناه المشاهد المنهك في الحياة أن يكون عليه أو أن يصادفه، شاب لطيف، تعجب بشهامته وشجاعته وخفة دمه فتاة ثرية، غالباً تنتهي العلاقة بالزواج، فينتقل بذلك من حياة شقية إلى رجل ثري وزوجته جميلة ! وهذا نادراً ما يحدث على أرض الواقع، وهذا ما لا يجب أن تقدمه السينما إذا ما أرادت أن تلهم الإنسان وتقدم رسالتها بأمانة.