|


أحمد الحامد⁩
لا وقت نضيعه
2019-10-20
اليوتيوب من أعظم الخدمات التي استفاد منها هذا الجيل المحظوظ، لا أتصور أن هناك من سيصيبه الملل وبين يديه كل هذه المكتبة المرئية والمسموعة، بالأمس وقبل أن أنام استمعت إلى برامج مختصة بقصص وحكايا التراث العربي، تم تسجيلها بشكل مهني، لكن ذلك الاستماع امتد إلى وقت متأخر، نمت دون أن أصحو في الوقت المناسب، الأمر الذي جعلني أتأخر عن موعد قطعته مع أحد الزملاء وهذا ليس من عادتي، اعتذرت طويلاً من الزميل الذي قبل اعتذاري بعد أن واعدته بوجبة عشاء نجهزها في الهواء الطلق بعد أن تحسن الطقس وأصبحت نسمات الرياض منعشة مساءً.
ـ اليوم يستطيع الإنسان ضمن عالم الإنترنت أن يتعلم ما كان يصعب الوصول إليه من معلومات قبل سنوات طويلة، اليوم يستطيع أن يقرأ ما كان يجب البحث عنه مدة طويلة ودفع الأموال مقابله، هذه الظروف هي ظروف رائعة لمن يريد أن يسعد نفسه بنفسه ويشعر بالمتعة عندما يقتطع عدة ساعات كل يوم لصالح سعادته وتطوير ذاته.
ـ أشعر بأنني ظلمت نفسي كثيراً عندما أهدرت وقتاً طويلاً من عمري في تلك الأوقات التي قضيتها دون معنى أو فائدة، أو تلك الأيام والليالي مع أشخاص جمعتني بهم ظروف عمل أو مكان، نقاشات طويلة لا علاقة لنا بها، وأفكار نطرحها دون معرفة وتجربة، كل ما كان ينقصنا هو ألا نكون مع بعضنا بعضاً، كان من المفترض أن نستغل تلك الأوقات في تعليم أنفسنا، في اقتطاع وقت نجد به متعتنا الخاصة، في الاستفادة من التقنية التي أحضرت هذا العالم بكل معلوماته وتقنياته وأدبه في لوح صغير يحضر لك وأنت في مكانك كل ما تريد معرفته عن طائر يعيش في غابة تقع في قارة تبعد عنك آلاف الأميال.
ـ في الماضي كنت أبحث عن أي فرصة حتى أرى بها الأصدقاء والزملاء خارج العمل، في الحقيقة وعلى الرغم من مئات اللقاءات معهم، إلا أنني لا أذكر شيئاً أفدتهم به أو أفادوني به، كانت أحاديث أقرب إلى عبثية، هكذا أصفها وأراها الآن، أما اليوم فأنا حريص على أن أجد نفسي كل يوم في هذا العالم الممتع الواسع، عالم اليوتيوب والإنترنت.
ـ آمل من كل الذين يشعرون بزحمة أعمالهم وكثرة لقاءاتهم مع أصحابهم، أن يجدوا وقتاً لأنفسهم، أن يأخذوا جزءاً من هذا الوقت الذي لم يكونوا منصفين في توزيعه لأنهم لم ينالوا منه شيئاً.