|


فهد عافت
على قدْر الأسئلة!
2019-12-10
ـ الحُكْم على الشيء يُجمده في مكانه، يُوقفه ويحبسه حيث الحُكْم. التساؤل حول الشيء والتأمّل فيه ومن خلاله هو الذي يُحرّك هذا الشيء، وكل حركة إعادة تشكيل!.
ـ لا يمكن للأسئلة أن تكون حيّة، خصبة ومعافاة، في حضور أمرين، أحدهما أو كلاهما: الخوف والبَلادة!.
ـ وفي حديث النفس للنفس، لا يكون الخوف مرعبًا و مُريعًا، ولا يملأ صاحبه بالذعر، في الأمور التي لا يطمئن لها!. على العكس: يكون الخوف مزلزلًا حقًّا، في الأمور التي يطمئن إليها!.
ـ ذلك أن الخوف في هذه الحالة ومن هذه الناحية، هو خوف من فقدان ما أنِسَتْ به، وله، النفس!. وأن مشاكسته بالأسئلة، بغية تحريكه، أمر لا يكاد يُكسب شيئًا، أو هكذا يظن صاحبه!.
ـ لذلك يحتمي الإنسان بما اعتقد، لاهثًا قدر المستطاع وراء كل ما يؤكد صحّة ما يعتقد أنه صحيح سلفًا، هاربًا من، أو مهاجمًا بضراوة لا تقبل النقاش، أي معلومة أو رأي أو تساؤل يرى أنه قادر على إرباك ما ترتّب فيه، وما رتّب حياته على أساسه!.
ـ في حديث النفس للنفس، قد لا يرى الإنسان في تساؤلاته عمّا يُنكِر غير أعداء من البشر أو من مواقفهم، لكنه في تساؤلاته عمّا يعتقد، فإنه قد يرى أبالسة يهمّون بالخروج!.
ـ ولأن مواجهة ومجابهة الأعداء ممكنة في نهاية المطاف، فإنه يفضّلها، بمخاوف أقل بكثير من تلك التي تستدعيها مواجهة ومجابهة الشياطين!.
ـ عبوديّة الإنسان لإنسان آخر لم تنتهِ إلا شكليًّا، ومن الخارج فقط!. من الداخل، وفي العميق، ما زالت مسألة الاستعباد قائمة!. اتخذت أشكالًا أكثر تمويهًا ومراوغة: في كل خوف بذرة عبوديّة وقبول استعباد!.
ـ وأسوأ وأشدّ وأعتى أنواع الخوف، هو ذلك الخوف الذي لا يعرفه عنك سواك، ولا يظهر إلا بينك وبين نفسك!. وأسوأ أنواع الجهل ألا تراه!. ومن العبوديّة أن تُلبسه بنفسك أقنعةً ليتمكّن من خداعك!.
ـ أسوأ أشكال الاستعباد، استعباد المرء لنفسه: الغرور الأحمق، وكل غرور أحمق، يدخل في هذا الباب. الاستسلام التام للآخرين، لمنطقهم ولآرائهم ولذائقتهم، يدخل أيضًا في هذا الباب. الذّل نفسه والمهانة نفسها!.
ـ انظر لأسئلتك. تفحّصها جيدًا وافطن لها!. على قَدْر الحريّة فيها أنت حرّ!. على قدْر اتّساعها أنت تمتلك!. على قدر حركتها وفاعليّتها أنت حيّ وفاعل. على قدْر انفلاتها أنت مرتبط بالحياة!. وأنت جسور شجاع بالقدر الذي تكون فيه أسئلتك جسورة وشجاعة!.
ـ أسئلتك الداخليّة، الأسئلة التي تتقافز علامات استفهامها بينك وبينك، هي الأهم. الأسئلة الخارجيّة تسلية وتجريب ما إذا كنّا نصلح صحفيين أو مقدّمي برامج.. ليس إلّا!.
ـ كل ما ليس لديك الرغبة والقدرة على مناقشته بينك وبين نفسك، كل ما تُرعبك فكرة تغييره، يملكك!. وكل ما لا حجّة لنا فيه غير أن الناس يقولون ذلك، أو أن فلانًا من الناس قال ذلك، إنما أسلمناه وقائليه أنفسنا!.
ـ مُذِلّ ومشِين وعظيم الإهانة أنْ يُجَرّ المرء بحبلٍ في رَقَبَتِه إلى السوق.. يُباع ويُشترى!. العقل أكرم من الرّقَبَة!.