|


سعد الدوسري
خفافيش المخدر
2020-01-18
تبذل الدولة، ممثلة في الإدارة العامة للجمارك والإدارة العامة لمكافحة المخدرات جهوداً لا يمكن إدراك حجمها، إلا حين نشارك هؤلاء الجنود المجهولين عملهم المضني على مدار الساعة، بعيون لا تكل ولا تمل ولا تتساهل ولا تستكين.
هناك عقول تملك من الذكاء والعبقرية، ما لا يمكن تخيله. همها الوحيد ابتكار طرق لتهريب المواد المخدرة، من حشيش وهيروين وكوكائين وكبتاغون، في محاولة مستميتة لتدمير الشباب وتحييدهم عن أدوارهم الفاعلة في الحراك الاجتماعي والحضاري والتنموي. وعلى الرغم أن عقوبة الإعدام تنتظر المهربين والمروجين، إلا أن الثراء الفاحش السريع يعمي بصيرتهم ويجعلهم يقدمون على تلك المحاولات الانتحارية في اختراق أمن وأمان المملكة. وللأسف، هناك كميات تنجح في الوصول للداخل، كما تنجح في أي بلد في العالم، لديه أجهزة مكافحة متطورة، مثل التي في السعودية.
إن نسبة المتعاطين في المملكة ليست بسيطة، إذ تصل إلى 7% من إجمالي عدد السكان، 70% منهم تتراوح أعمارهم ما بين 16 إلى 20 سنة، حسب الدراسة المشتركة للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات “نبراس” وجامعة الملك سعود بالرياض، ما يستدعي حرباً حقيقية ضد هذا الشرخ الخطير في البنية الاجتماعية. وسوف لن نتمكن من شن الحرب، إن لم نجهّز العدة والعتاد الملائمين، ألا وهما الشفافية في إعلان المشكلة، والعمل الاحترافي لمعالجتها.
إن لم تواجه الأسرة الأزمة بشجاعة، فإنها لن تتمكن من تجاوزها. يجب أن نسمي الأشياء بأسمائها؛ ابننا مدمن أو ابنتنا مدمنة، ولقد سقط كل منهما في براثن المخدر بسبب غيابنا عنه، وعن الحوار معه حول مشاكله وقلقه وهمومه وتناقضاته الداخلية والتناقضات في بيته ومجتمعه. لا شك أن هذا الاعتراف مؤلم لكل أب ولكل أم، لكنه السبيل الوحيد للوقوف أمان النفس بصراحة متناهية، من أجل بلوغ العلاج المأمول، بدل دفن الرؤوس في الرمال، بسبب الخوف من الفضائح، وإن كانت السرية مكفولة لكل من يلجأ لبرامج التعافي العلاجية. هكذا سنضيء شمعة الحل، وسنبقيها مضيئة لكيلا يعود الظلام لحياة الأسرة، فتعود الخفافيش مرة أخرى. لا يمكن الاستهانة بما سيحل بالمدمن، أو بمن يطرق باب المخدر، من أجل المتعة أو من أجل البحث عن الخلاص من الأزمات النفسية. إنه باب مشرع لدمار سيمزق الذات، ويمزق الذوات المحيطة بها. نحن نتحدث عن 7 شباب وشابات من كل مئة، يتعاطون المخدرات.