|


أحمد الحامد⁩
الضحية.. كلام في الفن
2020-07-13
أغنية كلام الناس من أشهر أغاني جورج وسوف، لاقت هذه الأغنية رواجًا عند المستمعين كونها لامست مشاعرهم، وعبرت عن غضبهم من كلام الناس، كما أن النتيجة التي وصلت إليها الأغنية أعجبتهم “كلام الناس لا بيقدم ولا يأخر” قناعتي أن الكثير من هؤلاء الذين أعجبتهم الأغنية، هم من يتكلمون عن الناس.
وأذكر أنني شاهدت أحد أصدقائي الذي اعتاد الحديث عن الناس وهو يتمايل على أنغام الأغنية متأثرًا بمعانيها وبما عاناه من كلام الناس.. “يا راجل”! حتى أنا الذي أصف صديقي بأنه يتحدث عن الناس بما لا يخصه، لا بد أنني كنت في يومًا ما أتكلم عن الناس بما لا يعنيني، وقد أفعل ذلك في المستقبل، أو أنني أفعله الآن، الإنسان بطبعه يسمح لنفسه ما لا يسمح به للآخرين، ليس الجميع طبعًا، لكنني أعتقد أن الأكثرية كذلك، المراقب للكثير من الأغاني التي لاقت رواجًا يجد أنها تعبر عن المستمع “الضحية” وهذا ما انتبه له كاتب الأغنية واعتمده المغني، لأن الإنسان بطبعه يطالب بما له من حقوق، لكنه يتناسى ما عليه، لذلك لا نعرف مغنياً قدم أغنية يقول فيها بأنه خائن لمحبوبته، لكننا نجد عشرات المغنين يصفون حبيبتهم بالخائنة!، تمنيت لو أن مغنيًا كان أكثر واقعية وغنى عن هجره لحبيبته لأنه كان “يلعب” وغير جاد، وهو نادم الآن بعد فوات الأوان؟ ما المشكلة في غناء ذلك طالما أن هذا واقع، وأن بعضهم فعل ذلك، ما المشكلة لو أن مغنيًا غنى عن تجربة إنسانية موضوعها أنه قابل المحبة بالجحود وهذا أمر حاصل، يصر المغني على الاستمرار دائمًا بلعب ورقة التعبير عن المستمع المظلوم، طالما أنه يكسب بذلك، لكنه يتناسى بأنه يقدم شكلًا فنيًا لا جديد فيه، وضيقًا ومحصورًا في مواضيع مكررة، كما أن غيره ممن سبقوه كرروا ما قاله آلاف المرات، أتمنى أن يأتي اليوم الذي يتجرأ فيه بعض الفنانين الشباب بتقديم أغنية أكثر واقعية، لكي تكون أقرب للحقيقة، بعيدًا عن الأغاني التي أنهكت بعض المفردات من كثرة الاستخدام مثل، عطيتك، ما توقعت، للأسف، محروم، الخيانة، قالولي، ما أصَدق! الأغنية من ضمن الفنون التي توصل رسائلها الإنسانية، وعلى المتعاطين معها أن يضيفوا لها لا أن يأخذوا منها فقط، أخيراً ما قاله محمد عبد الوهاب “هناك فنان يستفيد من فنه، وفنان آخر يستفيد الفن منه”.