|


لماذا تحول مبولحي إلى وحش؟.. القصة من البداية

الرياض – عبدالرحمن عابد 2020.08.19 | 05:06 pm

شخصيته كتومة، وعلاقاته الشخصية محدودة جدا، يحب الاستماع أكثر من الكلام، حيث نال دروسا قاسية في مدرسة الحياة، بعد تجارب كثيرة حول العالم متنقلا بين الولايات المتحدة واليونان وتركيا وروسيا وأسكتلندا وبلغاريا واليابان، بينما في داخل ملعب كرة القدم يقف بثبات بين الخشبات الثلاثة، معتبرا المرمى أحد أملاكه الشخصية التي عليه حمايتها من الغرباء.



ولد رايس مبولحي في 25 أبريل 1986، في ضاحية «آينار سور سين» في العاصمة الفرنسية باريس، من أب كونغولي وأم جزائرية انفصلا سريعا عقب الزواج، وخلفهما طفل صغير وجد نفسه في منزل والدته المملوء بالحب والدعم، حيث ترعرع الابن على ممارسة الرياضة، وسط اهتمام جدته فاطمة وتحت أنظار الخالين عبدالحميد ومصطفى، إذ كانا يديران لعبة الملاكمة في إحدى الأندية الباريسية هناك.



طبقت عائشة وهاب، والدة رايس مبولحي، مقولة الأديب الفرنسي «أونوريه دي بلزاك» القائل قبل قرن ونصف تقريبا: "الرجال تصنعهم أمهاتهم". حيث كانت تعمل الأم في أحد البنوك المصرفية الفرنسية، براتب شهري قدره 6 آلاف يورو، فيما أفنت حياتها في تربية ابنها الوحيد بتوفير أفضل رعاية اجتماعية له، ولم تكتف بذلك بل أرسلته إلى أحد الأندية المحلية لتطوير موهبته الرياضة، لاحقا ابتعثته إلى العاصمة البريطانية لندن في مدرسة متخصصة بأساسيات حراسة المرمى.



يروي الصحفي الجزائري نجم الدين سيدي عثمان، قصة رايس مبولحي الذي كان يحرس مرمى سلافيا صوفيا البلغاري في 2009 قائلا: "آنذاك اتصل رئيس الاتحاد الجزائري محمد روراوة بالسّفارة الجزائرية في بلغاريا سائلا عنه، فأرسل رئيس النادي البلغاري 17 شريط فيديو يوضح قدرات وموهبة الحارس الأسمر كقط مرعب ورشيق يربض بثقة وثبات في المرمى".



راهن المدرب الجزائري المعروف رابح سعدان، على الحارس مبولحي في موقعة ودية بين الجزائر وأيرلندا استعدادا لمونديال جنوب أفريقيا. وردا لجميل والدته عائشة التي ضحّت بحياتها وكل ما تملكه، اختار رايس تمثيل «محاربو الصحراء» على فرنسا التي سبق أن ارتدى قميصها الأزرق على مستوى منتخب الناشئين حتى عام 2003، على غرار زملائه الجزائريين سفيان فيغولي وياسين براهيمي وفوزي غلام ونبيل بن طالب.



فور وصوله إلى مطار هواري بومدين بالعاصمة الجزائر، تلقى مبولحي رسالة نصية من ابن خاله يفيده بوفاة والدته في باريس يوم السبت 7 أغسطس 2010. خيّم الحزن عليه ومكث في غرفته بفندق «الشيراتون» حزينا لمدة يومين، مع محاولات أصدقائه مواساته وتعزيته، كون ظروف الطيران منعته من حضور مراسم العزاء ودفن جسد حبيبته الغالية في التراب.



تحوّل الحارس الثلاثيني قبل 4 أيام إلى وحش كاسر أمام البرازيلي رومارينيو، في موقعة الاتحاد والاتفاق الدورية في جدة بسبب شتم والدته، إذ قال مبولحي لوسائل الإعلام السعودية: "أحد اللاعبين استهزأ بي بطريقة سيئة وهذا ما أغضبني، فعادة أنا شخص هادئ بصفتي قائدا، لكن عندما تتعرض عائلي للإهانة، فهذا لا يمكن السكوت عليه". الأمر الذي كلّف الحارس 20 ألف ريال وإيقافا لمباراتين.



يقدّس مبولحي طبق الدجاج والبطاطس، وبحسب صحيفة «لو كومبيتيتر» الفرنسية، فإنه مرّ بضائقة مالية أثناء احترافه في صفوف فلادلفيا الأميركي، أجبرته على الظهور في مقاطع فيديو راب مع تقمص دور مغني الراب كين رينج، وحينما انتقل إلى أنطاليا سبور التركي في 2015 لعب مع النجم الكاميروني صامويل إيتو الذي كان يحضر قبل المباريات بحوالي 10 دقائق، غير مكترثا طوال مسيرته بالعنصرية وشائعات انتمائه إلى أصول يهودية، حافرا اسم عائشة على قفازه الأيسر، ومرددا دائما: من أجل أمي حرست الجزائر.