|


أحمد الحامد
إيقاع
2018-04-21

صغيرًا عند باب البيت، أردد ألحانًا من خيال، وكلامًا لا أعرف معناه، أردد أغنيةً لم أختر لها إسمًا، أنتظر أخوتي وأبناء "الحارة" العائدين من المدرسة، وعندما التحقت بها.. 

رددت كل ماهو خارج عن المقررات الغنائية الصباحية المكرره، أمسك بالإيقاع وأبتكر لحنًا، وعندما نسيت كتاب الرياضيات وعاقبني "المعلم" ضربني أكثر من عشرة مرات، لم يكن إلا مايسترو ممسكًا بعصاه، حافظت على الزمن وفتحت يدي كلما إحتاج اللحن الى إيقاع، إضرب الآن.. لا تتأخر.. كان الصباح باردًا وكنت ملزمًا بالاستمرار باللحن، لم أتأخر.. لم أفوت ضربة.. إيقاع، إلتحقت بفرقة الموسيقى بالمدرسة وعندما اكتشف "المعلم" أنني لا ألتزم بالأناشيد وأألف ألحانًا من خيال.. صافحني وقال: شكرًا انت مبتنفعش، خرجت باكيًا إلا من دموع، وشاهدت صبية المدرسة يلعبون بكرة من حجاره، شاركتهم اللعب، ولأن عدد اللاعبين كان غير محدود بمباراة متعتها "سبيل" خرجت من اللعب.. حفاظًا على الإيقاع، عندما ودعت الأحبة.. كنت أقبلهم.. قبلة قبلة.. بإيقاع، مسافة رحلة العمر.. زمن أغنيه، وكل طريق كوبليه، لن يستطيع أحد إيقافي، لا فرقة موسيقية تأخذُ مني، ولا مسارح أُمنع عنها، أستطيع أن أغنيّ صامتًا في غرفة مظلمة، أشعلها بنقلات موسيقية..

وإيقاع منفرد، آمنت أن الحياة لحن، أرض تروى بالموسيقى، الأرض بلا موسيقى عطشة.. متشققة وجافة، الموسيقى تعيد إليها كل شيء، النباتات والأزهار والطيور، كل ما فشلت به كان بسبب تفريطي بزمن الموسيقى والإيقاع، لحن مشتت.. بطيء.. مستعجل، لا متعة به، وكل ما نجحت به شاهدت فيه الإيقاع مبتسمًا، يعدو بين الآلات فرحًا، معانقًا الأنغام، لحظة واحدة.. هل قلت بأنني نجحت؟ أنا لم أنجح في شيء، ولا أريد أن أنجح، لا يهمني ذلك.. من أطَرّ النجاح؟ أنا رجل أغنية.. لحن لا ينتهي.. طالما الإيقاع ينبض.. أغني ما أريد وأؤلف ما أريد، لم تعد تهمني الجغرافيا، ولا المسميات، ولا أماكن الميلاد، أنا طائرٌ.. أنا طائر أنظر من حولي وألحن أغنيتي، لا عمر معينًا يوقفني، ولا تواريخ، ولا أوراق، ولا أماكن، وعندما يتوقف نبض الإيقاع سيكمل الآخرون، أولئك الذين اختاروا أن يكونوا بأجنحة.