|


فهد علي
يتبخترون بأعناقهم
2017-12-21

 

 

مبدأ أولي في سِلم الحياة: "يحق للكائن البشري تقديم نتاجه الفني، ما لم يكن ما يقدمه من نتاج لا يصاحبه أذى للآخرين".

 

وتحت ذلك البند سيضطر مثلي الكثير التخلي عن رغبتهم الحانقة التي كانت تتمنى هذه الرغبة أن نترجمها إلى فعل سلوكي بالذهاب إلى المكتبة وإتلاف كتب دواوين الشعراء الشعبيين، ثم إزالة ما يقدمونه عبر مقاطع الفيديو ومحوها من على وجه الإنترنت.

 

في الآونة الأخيرة ازدحمت وجوه شابه وسيمة تروّج لنفسها، أعناق تتبختر وتتمايل مُلقية كلمات لا تعرف ماذا تريد لكنك تفهم أخيراً بأنها شعرًا كما يدّعيه صاحبها، وبوقت تداول الناس قصائد بدر بن عبد المحسن مطرّزة بموسيقى، تمنح أبيات بدر الجميلة، وتعطي بسخاء قيمة للموسيقى، أمّا حين الموسيقى تغدو الجيّد الوحيد مع القصائد المنتكسة فنياً فهي من تمنح الرداءة الشعرية قيمة وهمية، وذلك ما يمهّد لأن نعترف بصدق ومكاشفة على خروجها ـ أي قصائد الشباب ـ من مصطلح "نتاج فنّي" إلى "نتاج اجتماعي"، فالحظوة الاجتماعية رغبة يودّ الكثير حيازتها لكي تدر على صاحبها من نفع يأويه ويقلب حياته أو على أقل تمنحه ليكون محل تهافت الآخرين مما يعزز نظرته إلى نفسه، لكن هذه الحظوة الاجتماعية كانت سابقًا لا تتعارض مع الجمال أيضاً، أكبر من اغترف منها "المتنبي" بيديه عبر "الفن"، فلو قصدني وعناني بقصيدته الشهيرة "وا حر قلباه" الموجهة إلى سيف الدولة كنت على استعداد تام للاقتراض من أجل منحه ثمن هذا المديح الفنّي رغم دورانه في حلقة الحظوة والتكسّب.

 

أحمد الله على هذه الفترة الزمنية الحائلة بيني وبين المتنبي لئلا ينال مني إعجاباً يسيء لنفسي، وأحمده أكثر على كل ابتلاء بما فيه ابتلاءنا بشعراء شعبيين حاصرتنا وجوههم في المكتبة، رغم أنني أطالب وزارة الثقافة والإعلام بنقل ملف القضية إلى وزارة التجارة، فأغلفتهم التي تحوز على صورهم كاملة من الأنسب أكثر وجودها في محلّات التصوير أو في المشاغل النسائية وبحالة رغبتك شراء الصورة ستجد ديواناً يندس خلف ملامح وجه الشاعر.