|


سلطان رديف
عندما يحضر الوطن
2016-10-09
لا شيء أقوى من الإحساس بالمسؤولية، ولا مسؤولية أكبر من أن تحمل تمثيل الوطن، ولا شرف أرفع من أن تكون مشرفاً لوطنك لذا كان ولا يزال الوطن أولوية الكبار والناجحين يصنعون التاريخ بجهدهم ومثابرتهم وتضحياتهم لأنهم يحملون شرفاً رفيعاً يسجله التاريخ.
ولعلي اليوم لا أريد الحديث عن ثلاث نقاط أو نقطه أو نتيجة مباراة فلا تهمني النتائج بقدر ما تهمني الأحداث، فلقاء منتخبنا الوطني أمام منتخب أستراليا كان وسيكون نقطة تحول كبيرة في مسيرة المنتخب السعودي ليس لأنه كسب نقطة واحدة ولم يخسر بل لأننا شاهدنا منتخباً مختلفاً ليس فنياً بل نفسياً ومعنوياً ورأينا لاعبين يلعبون ليس من أجل النقاط ولكن من أجل الوطن ورأينا جمهوراً يحضر ويتفاعل ويصفق ويشجع ليس من أجل نتيجة بل من أجل شعار وطن ورأينا مجتمعاً بأكمله يتفاعل ويدعو ويتابع ويحفز لحمة واحدة ليس من أجل هذا أو ذاك بل من أجل فرحة وطن.
على ملعب مدينة الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ لم يسجل المنتخب السعودي فوزاً ولكنه سجل روحاً عالية أعادت هيبة بطل آسيا وأعادت لنا ذكريات التاريخ المشرف لكرة القدم السعودية وعرفنا كيف أن كرة القدم ليست لعبة بل هي رسالة وهي حضارة تؤثر في عمق المجتمع متى ما استطعنا أن نعمل يداً واحدة نحو هدف واحد نسخر فيه كل الإمكانات لتكون وقوداً وطنياً يحفز الجميع فكان اللقاء في تلك الليلة مشروعاً وطنياً الكل ساهم في نجاحه وكان اللاعبون هم من وقعوا وسجلوا نجاح المشروع في خطواته الأولى نحو التأهل لكأس العالم.
لاعبونا عليهم أن يستشعروا أنهم لا يلعبون من أجل الفوز والخسارة لأن الفوز والخسارة خيارات يحكمها التوفيق ولكنهم يلعبون من أجل أن يقدموا وجهاً مشرفاً لوطنهم ومجتمعهم وهذا هو المهم فجميعنا كنا سعداء بالتعادل ليس لأنه الطموح ولكن لأننا شاهدنا روحاً عالية وعطاءً مشرفاً داخل أرض الملعب.
جمهورنا في تلك الليلة أثبت أنه ليس جمهوراً متعصباً لأندية بل هو جمهور وطن يحضر ويساند ويدعم ويهتف بلغة الوطن فقدم لنا أجمل صورة للحمة وطنية كنا وما زلنا نفتخر بها ونحافظ عليها في كل محفل.
بعد غدٍ نحن على موعد آخر لنقدم لوحة أخرى أجمل لهذا الوطن وعلى كل مسؤول (وكلنا مسؤول) أن يقدم كل ما يستطيع ليس من أجل الفوز فقط بل من أجل أن نسجل حدثاً مشرفاً لوطننا في كل تفاصيله فأنا وأنت وهذا وذاك وأنتِ وتلك كلنا معنيون وكلنا أدوات نجاح في منظومة هذا الوطن.
دعوتي اليوم للقطاع الخاص فرغم مساهمته المحدودة والمشكورة لبعض الشركات إلا أننا ما زلنا نرجو أن تتفاعل كبرى الشركات مع مثل هذه الأحداث تحفيزاً وتشجيعاً ودعماً.