|


سلطان رديف
جيل (التغريدة)
2016-12-18

الحكمة دائماً عصية على عقل الجاهل؛ لأن الجاهل عدو نفسه، لأنه يكذب ويعتقد أنه صادق ويضلل ويعتقد أنه يكشف حقائق، ويتعصب ويعتقد أنه محايد يضحك على الآخرين وهو يضحك على نفسه ويصفهم بالجهل وهو أجهلهم لأن الجهل المركب يصعب تفكيكه، فهو مثل الطفل يبكي جهلاً ويضحك جهلاً ويحتاج لسنوات طويلة حتى يكبر ليتقن فن الحروف والكلمات ويتعلم في مدرسة الحكمة أن المعلومة نقلها من غير تثبت دليل جهل وأن الكلمة سيف قاطع لك أو عليك وأن الفكر قول بالمعروف يبني ولا يهدم.

 

رياضتنا اليوم ومجتمعنا يعانون من جيل (التغريدة) جيل جديد يقول ما لا يعلم، يردح في عالمه الافتراضي لا يهمه يكذب، يقذف، يؤجج، يتعصب، ولا يعنيه أي طريق يسلك ليصل لعدد أكبر من المتابعين ليوقد روح الأنا في داخله ولم يعد الإعلامي بذلك الإعلامي الذي يجتهد من أجل معلومة صادقة وطرح قضية هادفة وحوار نافع واستطلاع يكشف الواقع ورأي يثري المجتمع فكراً وثقافة عقلاً وحكمة، بل أصبح الإعلام ما بين متعصب متبجح أو صارخاً لا أريكم إلا ما أرى، فأصبحت كلمة الفساد سهلة على اللسان وكأنها مديح وليست اتهاما صريحا. 

 

قلت وما زلت أقول إنني أحترم العقل والحكمة والأدب والثقافة والأخلاق في فن النقد وأن هناك فرقاً بين نقد يبني وآخر يهدم والكارثة الكبرى أن تُنقل معلومات ناقصة وخاطئة وتُسرد كونها حقائق دامغه فتغش بها مجتمعنا بل ونشوه تاريخاً بعلم أو بغير علم لذلك نرى الشائعات نارا تأكل الحقيقة ينجرف وراءها جهال كثر يتناقلونها ويرددونها نعوذ بالله منها ومن موقدها.

 

عندما أتابع ذلك الإعلام في واقعه الافتراضي فإنني أحزن على عقول، وأشفق على ثقافة، وأرحم مجتمعاً وأخاف على جيل يكبر ويتغذى من فكر متعصب أو تهريج مهرج لذلك نحن بحاجة لمن يتصدى لهذا الغثاء لحماية الفكر والعقل والثقافة والأخلاق في زمن أصبح الوصول للفرد أسهل بكثير مما كان عليه في السابق والمؤلم أن تصبح وسائل إعلامية من تلفاز وصحف وإذاعات تعيد تصدير كل ذلك الغثاء، وعندما تصل المسألة أن يخرج أستاذ جامعة يصف منظومة بأكملها بالفساد ويطالب بالنزاهة، وآخر ناقد يصنف نفسه فيلسوفاً يصف الرموز بالفساد، وإعلامي متبجح يسقط الفساد على هذا وذاك، وكاتب مقال يسرد معلومات خاطئة ويصنف الناس ويتهم الأفراد والمؤسسات، وعندما تناقشهم يكون الجواب الصادم (نحن نتحدث في الرياضة)، وينسون أن الرياضة تبني المجتمع صحة وأمناً واقتصادا وثقافة وحضارة وترفيهاً، بل وروح تكرس معنى الجماعة والتنافس الشريف، وليست أداة لهدم القيم والأخلاق، فتلك هي رياضتنا التي نريدها، فلا تغتالوها بتفاهاتكم وتعصبكم فتصبح بيئة طاردة في زمن نعيش فيه مرحلة بناء في كل اتجاه.