|


د. سعود المصيبيح
القطرات المنعشة
2011-08-28
تبدأ بالطواف حول الكعبة المشرفة وجنائن الخشوع والخنوع والتسليم للخالق البارئ الموحد تحيط بك من كل مكان، وحولك الطائفون جاؤوا من كل فجٍّ عميق ليطلبوا الرحمة والمغفرة والعتق من النار.. وتشدك وجوه، ووجوه من مشارق الأرض ومغاربها ومن شمالها وإلى جنوبها حيث دين الإسلام الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين، حيث يعد ديننا الأوسع انتشاراً بين الأديان فأقبل عليه الناس بكل قناعة وحب ورغبة لشمولية الدين وعناصره التي تناسب الإنسان وحياته ومتطلباته.
ترفع رأسك إلى السماء بالدعاء وطلب الرحمة والمغفرة وأصوات النحيب والتذلل والصدق في الخشوع تحيط بك وتكسوا وجوه أصحابها الطمأنينة والفرحة بقضاء نسك العمرة وزيارة بيت الله الحرام وتحقيق أمور يراها بعضهم حلماً من الأحلام ظلوا لسنوات يدعون وينتظرون ذلك، ورغم الزحام وكثرة البشر وحالة من الدفع والاصطدام اللاإرادي التي تأتي أحياناً والناس يطوفون ويدعون ربهم إلا أن التسامح والاعتذار والابتسامة المطمئنة هي التي تسود، بل وفي الحرارة الشديدة والزحام يحمل بعض الطائفين عبوات بلاستيكية من الماء بها رأس يسمح برش الماء ثم تجدهم بشكل أريحي تطوعي وقد قاموا برش الماء المنعش على وجوه من حولهم من الطائفين وهم في أعلى درجات الحاجة للتبريد مع هذه الحرارة الشديدة وقت الظهيرة فتهطل القطرات منعشة جميلة باردة تزيد الحيوية والحماس لمزيدٍ من الدعاء والخشوع وطلب الرحمة والغفران من رب العزة والجلال وتغادر صحن الطواف وأنت تنظر إلى جوانب الحرم المكتظة بملايين البشر وهم في وضع مطمئن، حيث الأمن والأمان والخدمات الميسرة ووجوه شباب الأمن الداخلي وهم ينظمون ويرتبون داخل الحرم وخارجه، ثم فن المعمار المتمثل في الرافعات الضخمة التي تنجز أكبر وأضخم توسعة في التاريخ، ثم هذه البنايات الجميلة وعلى رأسها ساعة مكة المكرمة المذهلة ضخامة ودقة وجمال، وهذا ولله الحمد ما منّ الله به على هذه البلاد من ولاة أمر يقيمون الصلاة ويحرصون على دين الله، فانتشرت رسالة الإسلام عبر ما تنقله الفضائيات من صلوات وخطب وبرامج مترجمة لكل اللغات، فحدث هذه الزيادة الملحوظة عاماً بعد عام استعدت لها المملكة العربية السعودية بكافة قطاعاتها من أجل راحة الحجاج والمعتمرين والزوار، ولهذا تأتي الدعوات لله سبحانه وتعالى بالشكر والعرفان على ما يسره لعباده، وأن يديم على هذه البلاد نعمة الأمن والأمان والرخاء والاستقرار ناصرة للدين القويم وحريصة على تطبيق تعاليمه الصحيحة ونشرها للدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.