|


خالد قاضي
من أي كوكب أنت يا سوليد؟
2010-08-28
جاءت إقالة المدب الأهلاوي سوليد أمس كنتيجة حتمية لمايعتري فريق الكرة، وأنا (لست من جماعة إن طاح الجمل كثرت سكاكينه) وأعوذ بالله أن أكون من هذا النوع من البشر.. وأحمد الله إنني لا أحمل أجندة خاصة.. ولست ممن يعد سيناريو أو كلاماً جاهزاً في أي برنامج فضائي.. وقد أكتب لكم من فكرة ربما تكون وليدة اللحظة.. فالأهلي الذي سقط مبكراً في أول خطوات الدوري قلت بعد مباراته أمام الحزم في جدة حتى وإن فاز فيها الأهلي بهدف الحوسني في الدقائق الأخيرة بأن الأهلي ليس في وضعه المطمئن أو حتى الطبيعي.. فالفريق يهاجم وهو مكشوف الساقين.. ولازلت أذكر كلمة قالها لي المدرب الصربي الشهير ديمتري الذي قاد الاتحاد لبطولات كثيرة: أصعب شيء في كرة القدم أن يدخل مرماك هدف.
لا أنكر أن الأهلي سجل حضوراً هجومياً قوياً في مباراتيه الأخيرتين أمام الاتفاق والفتح، وأتيحت له فرص تسجيل بالكوم لكن ما هي الفائدة؟ فالأهلي يذكرني بالطبيب الذي خرج وهو سعيد من غرفة العمليات بأن العملية نجحت وعندما سألوه عن المريض قال لقد مات.
كرة القدم لعبة لها مئات السنين وهي تمارس، وكل الأفكار والخطط وطرق اللعب استنفدت وشاهدنا مدربين لهم شنة ورنة كانوا يلتزمون بتشكيلة واحدة لأن هذا الشيء هو ألف باء تدريب.. حتى فرق الحواري أهل الحارة يعرفون الـ11 لاعباً الأساسيين.. إلا أن سوليد الذي طلع للأهلي في البخت جاءنا بأفكار جديدة من بنات أفكاره فأصبح الأهلي حشفاً وسوء كيل.. أو مثل الطباخ التعيس الذي لا يملك إلا مقادير أتعس.. وإلا ما معنى أن يسجل الفريق ثلاثة أهداف في الاتفاق ويخسر بأربعة.. ولو أن 11 مشجعاً أهلاوياً من المدرجات أكملوا المباراة بثيابهم في شوطها الثاني لما خسروا بهذا الشكل المخجل.. وكم أعجبتني واقعية ومنطقية المدافع كامل الموسى الذي قال عبر الفضاء لاتوجد لدينا أي أعذار.. وجاء الأهلي مع سوليد أمام الفتح وبدلاً من أن يتخلى عن قناعاته التي لا أدري من أين جاء بها ليخسر الأهلي ثلاث نقاط أخرى بشكل أسوأ من مباراة الاتفاق.
ولأنني لست من جماعة إن طاح الجمل.. فقد قلت وأعوذ بالله من كلمة أنا بأن معسكر الأهلي في النمسا وألمانيا فقد أهميته الفنية من خلال تأخر المدرب وإقامة المعسكر بلاعب أجنبي واحد هو مارسينهو.. حتى التعاقد مع الحوسني جاء في الوقت بدل الضائع ومن قبله مع البرازيلي واندرسون في الوقت الذي تأخر فيه وصول فيكتور سيموس لسبب أو لآخر.. وسبق لي أن كررت والكلام لكل الأندية والأهلي عبرة لمن لا يعتبر لايمكن أن تسلم إدارة الكرة الخيط والمخيط للمدرب حتى لو كان البرتغالي مورينهو أفضل مدرب في العالم، فهناك طباع وعادات وتقاليد لكل لاعب كرة في كل بلد، ولابد من المدرب المنطقي أن يستمع لآراء الناس الموجودين في النادي وأن لا يستفرد برأيه لأن من انفرد برأيه هلك.. ولا أرى نهاية سوليد إلا قريبة ويبدو أنه سوف يقضي عيد الفطر في ربوع النرويج.. إلا إذا كانت رطوبة جدة العالية قد (سيحت) الأفكار التدريبية من رأسه فهذا موضوع آخر.
مدرب جاء بفكر غريب وهو إشراك اللاعبين في غير مراكزهم وهذه قد تصلح مع بعض اللاعبين الموهوبين كما فعل المدرب ديدي عندما أعاد اللاعب أحمد صغير (رحمه الله) من الهجوم إلى الوسط.. وحول دابو من لاعب وسط إلى مهاجم.. أما الآن حتى اللاعب علاء ريشاني نفسه غير مستوعب أن يلعب في قلب الدفاع.. أما أنصاف اللاعبين في الأهلي فحدث ولا حرج، ولو أن الأهلي عرض بعضهم على قائمة الانتقال لما فكرت أندية الدرجة الأولى في استقطابهم.. لن أقلل من مكانة الرائد والتعاون والفتح.. ولكن ليس مقبولاً أن تقدم هذه الفرق مستويات أفضل من الأهلي، فالمدرب سوليد لخبط أفكار اللاعبين لدرجة أنه لايكشف تشكيلته الأساسية إلا قبل المباراة بساعات ويطلب من جميع اللاعبين الحضور إلى المعسكر بكامل عددهم وهذا ما لم يحدث حتى في فرق الحواري.
حتى اختيارات اللاعبين الأجانب تركت لهذا المدرب وكأنه يخترع من رأسه في وقت شاهدنا فيه بلجيكي الهلال جريتس وهو يقول في أكثر من تصريح بأن المحور الرماني رادوي أهم لاعب عندي.. ولو عدنا إلى نهائيات كأس العالم الأخيرة لوجدنا أن البرازيل التي خسرت الكثير من البطولات بسبب اللعب المفتوح المبالغ ولم تعد للبطولات إلا بعد أن عالج كارلوس البرتو وهو بالمناسبة لاعب كرة طائرة سابق (وهذه المعلومة لصديقنا فؤاد أنور) المشاكل الدفاعية في المنتخب البرازيلي وبعده لويس فليب.. ولسنا ببعيد عن نهائيات كأس العالم الأخيرة في ألمانيا عندما هزت إيطاليا الفرنسيين بفضل الحارس بوفون والعمق الدفاعي المكون من كانفارو وماترازي والمحور جتوزي وهو ما تخلى عنه ليبي في جنوب أفريقيا فسقط ضحية الكرة الهجومية.. وفي نهائي المونديال الأفريقي شاهد الجميع الحارس الإسباني كاسياس وهو ينقذ هدفين من الهولندي روبن، وقبله المدافع بويل الذي أزاح الكابوس الألماني من الأربعة بضربة رأس لن ينساها الألمان.
حتى في الحروب (أعاذنا الله من شرورها) الدفاع أهم من الهجوم.. والدليل أن الدول تسمي (وزارة الدفاع) فهل سمعتم بدول في العالم لديها (وزارة الهجوم).. سامحونا على الإعادة ولكن من يسمع؟