|


د. علي عبدالله الجفري
رحمك الله والدتي
2009-10-12
أرجو المعذرة قرائي الأعزاء عن عدم الكتابة في الأسبوع الماضي، فقد شُلت كل حواسي، وجفت أقلامي وتعثرت كلمات لساني، وتحجرت الأفكار في رأسي، لوفاة سيدتي الجميلة، والدتي، ومعلمتي، وقدوتي، الحمد لله الذي لا يحمد على مكروهٍ سِواه، فليرحمك الله رحمة الأبرار، والدتي أيتها المثقفة التي لم تتعلمِ إلا القرآن، والحكيمة التي لم تقرأ أياً من كتب الفلسفة، والمربية التي لم تعرف نظريات التربية الحديثة أو القديمة.. فليرحمك الله رحمة الأبرار معلمتي، فقد فاق تعليمك لنا أنا وإخوتي كل المدارس التي تعلمنا فيها، وتخطت توجيهاتك لنا كل خبرات الجامعات والمعاهد التي ذهبنا إليها، وتجاوز حلمك وصبرك حلم وصبر الحكماء والعقلاء، الحمد لله الذي لا يحمد على مكروهٍ سواه.
لقد كانت رحمها الله أماً من الزمن البعيد، لا تعرف اليأس، ولا تقبل لأبنائها إلا النجاح، هاتفتني (يرحمها الله) ذات يوم وأنا في الولايات المتحدة الأمريكية وقد رفضت الجهة الحكومية التي ابتعثتني تمديد بعثتي لدراسة الدكتوراه بعد انتهائي من درجة الماجستير، وقالت "لا تحرمني أن أكون أماً لدكتورين"، فأكرمني الله بفضله وعدت وأهديتها شهادتي.
لقد اقتصرت حياتها (رحمها الله) على صلاتها وقرآنها وتسبيحها والدعاء لأبنائها وبناتها بالتوفيق والنجاح فيما يعملون فيه، ولا أزكيها على الله، وعلى الرغم أنها لا تعرف أي شيء في المجال الرياضي إلا أنها كانت تدعو في أوقات كثيرة أن يوفق الله كرة اليد في نادي الوحدة والمنتخب لأجل أخي بكر، الذي كان مدرباً لنادي الوحدة وللمنتخب، وكانت تدعو لكرة السلة في النادي الأهلي والمنتخب لأني كنت مديرا للعبة في الأهلي والمنتخب، جزاك الله والدتي عنا خير الجزاء ولاقاك بما تحبين.
اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تتغمدها بواسع رحمتك ومغفرتك، وأن تجعل قبرها روضة من رياض الجنة وأن تثبتها عند السؤال وأن تيسر حسابها وتيمن كتابها وأن تحشرها مع الصديقين والشهداء والأنبياء وحسن أولئك رفيقا.. اللهم أسقها من يد سيد المرسلين (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) شربة هنيئة لا تظمأ بعدها أبدا.. اللهم أظلها بظلك واجعل الحوض موردها والرسول الكريم شفيعها والولدان المخلدين من يخدمها والإستبرق لباسها هي وجميع موتانا وموتى المسلمين أجمعين.. اللهم آمين.