|


د. محمد باجنيد
عاقل بزيادة!
2010-11-05
عاقل بزيادة.. وستصيب نفسك بالضغط والسكر ومشتقاتهما! المجانين كثروا.. باعوا عقولهم وارتاحوا.. كذب من قال: (أصحاب العقول في راحة)!.. إنهم يشقون بها – يا صاحبي - وإذا أردت الدليل فاسمع هذا القول البليغ:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم
والمجانين – يا أحباب – لم تعد يضمهم مستشفى يدعى رسمياً بمستشفى (الصحة النفسية).. وتعرف بين مدعي العقل بـ (مستشفى المجانين)!.. أصبح الجنون حلاً للتهرب من المسؤولية.. وأفضل طريقة للنيل من الناس دون مساءلة!
لكي تنجو من أمراض العقل لا بد أن تمارس شيئاً من الجنون ما بين وقت وآخر.. إنها الطريقة الوحيدة التي تمكنك من التفاهم مع المجانين الذين ينطلقون بحرية خارج أسوار مستشفى الصحة النفسية!.. إنني لا أتعجب من انطلاقهم بحرية وإنما من ذلك التزايد المخيف في أعدادهم!
كثيرة هي المواقف التي خرجت منها مهزوماً حين أردت أن أقنع فيها مجنوناً!
إذا رأيت أحدهم يخرج لك لسانه فاخرج له لسانك وضع إصبعيك في أذنيك و(رفرف) بالبقية حتى يفهمك جيداً ويذهب فيبحث عن غيرك.. أو يذهب لـ (يلعب غيرها)!
أحد هؤلاء المجانين تاجر كبير أراد أن يسرقني بعد أن أغراه عقلي.. رفع صوته ليخيفني بجنونه الذي اكتسبه من هوسه بجمع المال.. أراد أن يسلبني حقي فمارست معه جنوناً مبتكراً مؤكداً له مقدرتي ومعرفتي بـ (فنون الجنون).. ولم تمض ساعة حتى عاد صاحبي يحدثني بمنتهى العقل، ويطلب مني أن أحضر لاستلام حقوقي كاملة، مبدياً أسفه على ما بدر منه من جنون!
خسائر كثيرة منيت بها حين أردت أن أكون عاقلاً وازدادت الخسائر حين بالغت وأردت أن أكون عاقلاً بـ (زيادة)!
صاحبي أيضاً ذهب ضحية عقله الزائد.. استغلته صاحبته التي أعطاها كل شيء.. لم تكتف.. ظلت تحاصره بجنون وهو يفرد لها كل مساحات الحرية.. سجنته في قفص الزوجية.. أبعدته عن أولئك الذين زفوه وحملوه لها.. امرأة ذكية.. غبية.. مارست معه جنوناً طويلاً.. فاض صبره.. أظهر لها شيئاً من جنونه فعادت إلى رشدها ولم يعد هو!