|


د. محمد باجنيد
بسيرو جبان.. وأنتم شجعان
2010-12-10
كلما جاءت مباراة جاءوا أو جيء بهم ليحللوها قبل أن تبدأ وبعد أن تنتهي!
ولأن مباريات كرة القدم تحديداً باتت اليوم بـ(الكوم).. كلما انتهت بطولة بدأت أختها وربما تعارضت بطولتان أو أكثر!
وضع كهذا ربما يحتم على الإخوة المحللين أن يكون قريبين من مقر التلفزيون أو لعلهم يجدون فيه سكناً!
يبدو أنني أحسدهم على ما يجدونه من شهرة ويحرضني قلمي لكي أهجوهم مستغلاً ذلك الضعف الواضح في قدراتهم التحليلية وإمكاناتهم الكلامية التي باتت تدفعنا للضحك معهم وهم يهاجمون المدرب بضراوة حين يهزم الفريق.. ويمجدونه حين يحقق الفوز!
أكثر ما ساءني في الهجوم على (بسيرو) أنه وصل إلى حد السخرية منه.. بل وعدم الرغبة في سماع ما سيقوله على اعتبار أن هذا المدرب في نظرهم (جبان) ولا يفهم في الكرة، فيما هم يدركون كل خفاياها.. ويستطيعون أن يضعوا تشكيلة المنتخب (عن بعد) ويديرون الفريق وهم يجلسون على كراسيهم في الأستوديو!
أهل التربية والتعليم الذين هم أهلي بحكم التخصص يدركون بالتجربة أن أفضل طريقة لفهم الأمور هي بأن تضع نفسك في المكان الصحيح.. أي في البيئة التعليمية المناسبة.. هذا ما تؤكده النظرية البنائية في التعلم.. إن بسيرو ـ يا سادة ـ يعيش هناك مع اللاعبين ويشاهد ويشرف على العمل التدريبي وما يقدمه اللاعبون من جهود.. ويظل يبحث عن مزيد من التفاهم بين المجموعة في سبيل الوصول إلى اختيار العناصر المناسبة لكل مباراة وفقاً لظروف اللاعبين أولاً وإمكانيات الفريق المقابل.. يقوم بهذا العمل الكبير وهو يبحث عن الفوز وليس الخسارة أو حتى التعادل!
أعجبني كثيراً منتخب بسيرو الجديد الذي شارك في كأس الخليج.. أكثر ما يميزهم هو القدرة على الاستحواذ على الكرة لوقت طويل والسرعة في الضغط على الفريق المقابل عند فقد الكرة ومن ثم استخلاصها. أعجبني أيضاً التركيز العالي للاعبين والثقة الكبيرة في النفس، والإصرار على العودة إلى المباراة بعد التأخر والرغبة الجامحة لتحقيق الانتصار!
شاهدت هذا الفريق أمام (أوغندا).. كنت وقتها في دبي.. فرحت لعودة أسامة المولد والمستوى الجميل الذي قدمه مع باقي زملائه.. تلك المباراة جعلتني أتفاءل بالمشاركة في خليجي عشرين بفريق أسامة العائد من الإصابة بحماس لنراه يقود دفاع المنتخب ويساعد لاعبي الوسط والمهاجمين في تسجيل الأهداف أيضاً!
اصبروا على بسيرو.. لقد نجح الرجل، ليس لأنه قاد الفريق لنصف نهائي دورة الخليج.. وإنما لأنه أعطى هذه الكوكبة الكبيرة من اللاعبين فرصة كاملة لإثبات الوجود لتأكيد قناعاتنا في جهودهم ومستوياتهم الفنية، قبل أن تعصف بهم آراء أصدقائنا المحللين النائمين في العسل أقصد (أستوديو التلفزيون).. أولئك الذين خسروا الرهان بجدارة وما زالوا يقولون إن بسيرو لا يصلح مدرباً للمنتخب ويحملونه مسؤولية عدم الوصول إلى كأس العالم، وأحسب أنهم مخطئون فلو سجل المهاجمون الفرص التي سنحت لهم أمام مرمى كوريا الشمالية، ولم يتهاون بعضهم في الضغط على حامل الكرة في الثواني الأخيرة من مباراة البحرين لفاز المنتخب وتأهل ولوجدنا الإخوة المحللين يقفزون من الفرحة ويثنون على جهود بسيرو ويطالبون ببقائه وليس رحيله.