|


صالح الصالح
الحرف ال 29 - واحد ( بيرة ) لو سمحت
2012-02-26

في انجلترا لا يزال العمل في أكثر الشركات، وفي الأندية تحديداً على تسليم مرتبات العاملين واللاعبين بشكل أسبوعي، وهي عادة قديمة فرضها أحد الملوك السابقين في بريطانيا قبل عدة قرون بهدف توفير الأموال لشراء “الجعة” أو “البيرة” في العطلة الأسبوعية، والمحددة بيومي السبت والأحد، واستمر هذا الإجراء من ذلك الوقت حتى الآن في مجتمع يقابل هذا المشروب بتقدير كبير، لذا تواصلت المرتبات بشكل أسبوعي، و”البيرة” في أفواه البريطانيين بشراهة في “الويكند”. ما يعنيني هنا أن البريطانيين وهم رواد تطوير كرة القدم الحديثة قبل أكثر من 150 عاماً ملاعبهم مستمرة من ذلك الوقت بدون سياج، والمسافة الفاصلة بين أرضية الملعب والجماهير الحاضرة لا تتجاوز المتر والنصف تقريباً، والمواجهات الكروية تقام يومي السبت والأحد بشكل دائم باستثناء بعض الحالات القليلة، والجمهور الحاضر ربما يكون أكثره ممتلئا حد التخمة بـ”البيرة”، ما يسهم في إضعاف تركيزه الذهني، ورغم كل المعطيات السابقة وتحديداً الأخير يلحظ المتابع ندرة في حالات دخول الجماهير إلى أرضية الملعب، والموجود حالياً هو مجرد ممارسات خاطئة من قبل “الهوليجانز” تتم خارج الملاعب، وفي الطرقات الخارجية فقط، و”الهوليجانز” لمن لا يعرفهم جماعات الشغب في بريطانيا. في المشهد الرياضي المحلي الوضع مختلف جداً، المباريات تقام على مدار الأسبوع، وجميع ملاعبنا مزودة بسياج عال يمنع من اقتحام الجمهور أرضيات الملاعب، إضافة إلى وجود مضمار لا يقل بأي حال من الأحوال عن 10 أمتار بين أرضية الملعب ومدرجات الجماهير، والأهم من ذلك كله عدم وجود مشروبات كحولية محلياً لحرمتها دينياً، وبالتالي ضمان سلامة الحالة الذهنية للجمهور المتواجد، ورغم كل ما سبق تتكرر حوادث اقتحام الجماهير للملاعب، والموسم الجاري ليس استثناء عن سابقه. يُقدّر الوسط الرياضي تدخل أمراء ومحافظو المناطق السريع للقضاء على هذه الممارسات السلبية عبر إجراءات أمنية وشرعية وصلت عقوباتها إلى السجن والجلد في حالات سابقة، لكن وضعية بعض الملاعب تسهم وبشكل كبير في تسهيل مثل هذه الحوادث. أدرك تماماً أن ثقافة الجمهور الإنجليزي ووصولها إلى هذا المستوى مر بمراحل طويلة قبل أن يصل إلى وضعه الحالي إضافة إلى وجود نظام معلن للجميع يُجرّم ويُغرّم مثل هذه الممارسات السلبية، وبالتالي أسهم في إيجاد نظام يطبق على الجميع من دون استثناء، وهو ما نحتاجه لدينا إذ بات الوقت مناسب لإعلان عقوبة مقتحمي الملاعب على أن تجمع التشهير والتغريم، وربما تصل إلى مرحلة الجلد والسجن أو بها مجتمعة سعياً إلى توفير إجراءات نظامية تضمن غياب مثل هذه السلوكيات الخاطئة مستقبلاً. كما أفترض أن يعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم من الآن معاييره الخاصة بالملاعب التي تحتضن المواجهات، وضرورة توفر متطلبات معينة قبل الموافقة على إقامة المواجهات الرسمية عليها، بداية من سعة الملعب الجماهيرية، ومناسبة أرضيته، وجودة إضاءته، وكذلك احتياطات السلامة، ومخارج الطوارئ، وكافة الخدمات الأخرى الواجب توفرها في أي ملعب محترم، لأنني أزعم أن بعض ملاعبنا لا تزال تنقصها الصفة الأخيرة لذا يجب السعي لإكسابها ذلك، بدلاً من نقاش السماح بـ”مايكرفون” واحد أو أكثر.