|


عبدالله الضويحي
المنشطات..الملف المفتوح
2010-04-27
في كل الأنظمة والتشريعات سواء السماوية أو الوضعية هناك قاعدة معروفة (المتهم بريء حتى تثبت إدانته).
وهي قاعدة تتسق مع العقل والمنطق، وإن كان البعض حاول استغلالها في ظل القوانين الوضعية لدرء عقوبة مستحقة أو نفي تهمة واقعة.
والمتهم عادة أمام إحدى حالتين:
ــ إما: أن يعترف بالذنب وبالتالي يتم إيقاع العقوبة عليه.
ــ أو: نفي التهمة والدفاع عن نفسه.
والنفي ليس شرطا أن يكون مقرونا بالبراءة فقد يكون بريئا بالفعل ويسعى لدرء المظلمة.. أو مذنبا لكنه يهدف إلى تخفيف العقوبة.. أو الحفاظ على سمعته والظهور بمظهر البريء المظلوم. وهنا يأتي دور المحامي ومدى شطارته وذكائه في ذلك. وهناك الكثير من القضايا استمرت سنوات عديدة لعل من أبرزها قضية د. سام شبرد واتهامه بقتل زوجته عام 1955م وبراءته عام 2000م بعد إصرار ابنه الأوحد على تطبيق البصمة الوراثية (عقب اكتشافها) وثبوت التهمة على صديق العائلة بعد تحليل بصمته، وقضية رجل الأعمال المصري هشام طلعت ومقتل الفنانة سوزان تميم ليست ببعيدة حيث تم الحكم عليه بالإعدام بعد ثبوت التهمة ثم تم نقض الحكم وأعيدت القضية إلى الصفر.
وقضايا المنشطات هي جزء من المنظومة وإن اختلفت درجة الخطورة أو درجة التهمة ونوعها، ولعل أبرزها وآخرها قضية لاعب النصر المصري حسام غالي.ومن هنا فإن من حق حسام الدفاع عن نفسه والسعي لإثبات براءته ولا أحد يعترض على ذلك طالما أن اللوائح تبيح له هذا الحق. الاعتراض والتحفظ هو على الأسلوب الذي تدار فيه القضية.. وتجاوزات الأصول إلى الفروع والخروج بها عن النص.
من حق غالي وغيره البحث عن كل سبل الخروج من هذه التهمة والبحث عن براءته، لكن ليس من حقه ولا من حق غيره اتهام جهات سعودية رسمية سواء ككيانات.. أو كأفراد في ذممهم وأعراضهم وأعمالهم.. بتعمدهم الإساءة إليه أو إلى سمعته.. الخ. فمن هو حسام غالي حتى يمارسون معه ذلك ؟
ولماذا هو بالذات ؟ وهذا التساؤل هو لأصحاب النظرات الضيقة في التفسير والتأويل..
شخصية مثل الدكتور صالح قمباز رجل فاضل أفنى حياته وجهوده في البحث والدراسة والتغرب للتخصص في مجال من أنبل المجالات الإنسانية وأصعبها من الناحية العلمية يتم تجريده من أبسط حقوقه التي كفلها الله له من سابع سماء لأن قرارا صدر عن لجنة يرأسها لم يرق للبعض.. رغم أنه واللجنة لاعلاقة لهم بصدور القرار وليسوا مصدره، وكذلك غيره من أعضاء اللجنة.
عموما لنترك هذه لوقت آخر. ونعود لموضوعنا الأساس.
إن إي شخص يملك مستوى عاديا من التفكير والثقافة العامة.. أو الحد الأدنى من المعلومة عن لائحة مكافحة المنشطات وهي لائحة مطروحة لمن أراد أن يذكر أويزداد علما وثقافة في هذا المجال.. يدرك أن اللجان المحلية لمكافحة المنشطات في أي دولة ليست صاحبة قرار في تحديد الاتهام نفيا أو إثباتا.. وبالتالي إيقاع العقوبات. فهي تنقل العينة وفق شروط وآلية معينة بمعرفة المتهم والجهات ذات العلاقة إلى مختبرات معتمدة من اللجنة الدولية وتتلقى التعليمات منها.. لذا فهي تمارس (دور الوسيط)أو دورا تنفيذيا.. أكثر مما هو تشريعي و(ناقل الكفر ليس بكافر)
ولعلي هنا أشير إلى ثلاث من أبرز مواد لائحة مكافحة المنشطات، وباختصار شديد :
المادة 7ـ6ـ1 تشير إلى أنه بمجرد استلام اللاعب الإشعار الذي يتبع المراجعة الأولية فإنه يحق للجنة المحلية أو الاتحاد الدولي فرض عقوبة الإيقاف المؤقت على اللاعب.
المادة 7ـ3ـ5ـ6 إن فحص العينة B يجب أن يكون في نفس المختبر الذي تم فيه فحص العينة A
المادة 7ـ3ـ5ـ8 إذا اتفقت نتيجة فحص العينة B مع نتيجة فحص العينة A في كونها غير طبيعية تستمر اللجنة في اتباع أنظمة المكافحة.. الخ.
وهذا يعـني
أن اللجنة كانت تسير وفق آلية واضحة وخطوات محددة.. تحكمها الأنظمة والقوانين الدولية.
هذه ناحية والأخرى:
إن الذي قرأ البيان التوضيحي الصادر من لجنة مكافحة المنشطات والمنشور في الصحف يوم أمس الأول وهو بيان واضح لا لبس فيه وموثق بجهات دولية لا يمكن لأي لجنة محلية أن تتجاوزها.. أو تتقول عليها.. يدرك أبعاد القضية وملابساتها والدور الحقيقي للجنة.
ولعل أبرز ما جاء في البيان وباختصار شديد :
1) أن اللجنة قامت بإرسال العينة الخاصة بحسام غالي.. واستلمت النتيجة (دور الوسيط)
2) أن المختبر الماليزي أكد في خطابه يوم 25 مارس تطابق العينة B مع العينة السابقة A، وفي خطابه يوم 16 ابريل قال إنه لا يوجد حالة تعاطي في العينة B.
3) أن العينة الأخيرة تم إرسالها من ماليزيا إلى كولون بألمانيا، ومن كولون إلى اللجنة الدولية لمكافحة المنشطات ال (وادا) دون علم اللجنة السعودية، وأن الوادا طلبت من اللجنة السعودية كافة أوراق القضية وأنها أصبحت المسؤولة عن كل ما يتعلق بالموضوع.
4) أن خطاب رفع الإيقاف المؤقت ورد إلى اللجنة في الساعة 9:17 مساء أي أثناء مباراة النصر والهلال وليس قبلها وهناك فرق بين ذكر اليوم أو تاريخه وبين ذكر الوقت، فاليوم قد يسبق ذلك الموعد بحوالي عشرين ساعة أو يوهم المتلقي بذلك. مما يثير التساؤلات لمن أراد تعويم الموضوع والبحث عن أصابع اتهام. وكان بالبريد الإلكتروني. أما بالطرق الرسمية فقد وصل صبيحة اليوم التالي (الأربعاء) ومن أبرز ما جاء فيه:
(الخبراء المعنيون في الـ (وادا) خلصوا إلى استنتاج مفاده أن هذه القضية تثير بعض القلق والتساؤلات وأنه يجب إجراء تحقيق إضافي وموسع بهذا الشأن، وأن عملية إدارة نتائج هذه القضية لا تزال مستمرة مع الإشارة إلى رفع الإيقاف المؤقت عن اللاعب وأن الوضع الحالي لا يعني انتهاء القضية وإنما يعني أنها تحتاج لمزيد من الدراسة قبل اتخاذ أي خطوات أخرى في عملية إدارة النتائج)
أعتقد أن أي متأمل فيما سبق خاصة الفقرة الأخيرة يدرك تماما أن ملف القضية لايزال مفتوحا ولم يغلق بعد. فاللاعب لم تثبت براءته حتى الآن.. كما أنه لم تثبت إدانته بعد. وماحصل هو رفع إيقاف مؤقت.. حتى تثبت إحداها... كما أنني اعتقد أن القضية تتجاوز حالة خاصة... فقد تفتح ملفات أخرى تتعلق بجهات غير اللاعب لابد أن تخضع للمساءلة وربما لإعادة النظر فيها وفي أسلوب عملها... وإلى أن يصدر القرار النهائي لكل حادث حديث.
والله من وراء القصد

الديربي.. لمن لا يفهمه...

زف عصام الشوالي الهلال إلى المباراة النهائية لمسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين أثناء الشوط الأول من مباراته مع شقيقه وغريمه النصر في ذهاب الدور نصف النهائي من المسابقة بعد تقدمه بثلاثة أهداف للاشيء، وأكد ذلك في بداية الشوط الثاني بعد تسجيل الهلال هدفه الرابع دون مقابل، وبعد أن سجل النصر أهدافه الثلاثة راهن بعشرة ملايين دولار باسم القناة التي يعلق لها تدفعها لمن كان يتوقع هذا السيناريو. (المباراة انتهت كما هو معروف بـ5ـ3 لصالح الهلال)
ورغم خبرة الشوالي الطويلة في مجال التعليق وغيره من بعض محللي القنوات ومذيعي الأستديوهات وأعني خبرته في التعليق على الديربيات العالمية وعلى مباريات الهلال والنصر كما يقول والدوري السعودي إلا أنه ــ أي عصام ــ أكد بأنه لا يعرف طبيعة المنافسة في الدوري السعودي خصوصا بين العريقين النصر والهلال وتاريخهما في المنافسات على مدى يقترب من نصف قرن.
الأفضلية قبل المباراة لا تعني الترشيح المسبق للفريق بالفوز. وقد حدث ذلك أكثر من مرة.
والتفوق في الأداء داخل الملعب لا يعطي مؤشرا بحسم المباراة لصالح المتفوق.
حضور العناصر.. غيابها.. التقدم في سلم الترتيب أثناء الدوري.. كلها عوامل لاتؤثر في النتيجة النهائية للمباراة.
إنها تخضع لما يدور على المستطيل الأخضر طوال ــ وأؤكد ــ طوال ـ90 دقيقة.
قبل سنوات وفي مسابقة كأس الأمير فيصل بن فهد يذكر الجميع أن الهلال أنهى الشوط الأول لصالحه 3ـ0 وسجل هدفه الرابع في بداية الشوط الثاني الذي مضى نصفه بهذه النتيجة... وفي غضون عشرين دقيقة سجل النصر أربعة أهداف كانت مرشحة للزيادة لو كان هناك متسع من الوقت.. فقد كانت معطيات المباراة تشير بذلك، لتنتهي بالتعادل 4ـ4 .
هذه المباراة لا يتذكرها الشوالي ولا غيره من بعض محللي العصر الحاضر ومعلقي الجيل الحالي !
في مباراة الأسبوع الماضي وعندما سجل النصر هدفه الأول شعر الهلاليون بالخطر وتذكروا كأس فيصل وارتعدت فرائصهم. وأحس النصراويون بالأمل.. وعادوا بالذكرى لذلك اللقاء.
لكن هدف رادوي الذي لم يكن في الحسبان (أخمد فورة النصر).

ومن هذا المنطلق
اختلف مع كثيرين ممن رشحوا الهلال للمباراة النهائية خاصة وأن لقاء الرد سيكون على ملعبه. أو الذين تفاءلوا للنصر وفق رؤى ومعطيات معينة. حتى وإن عاد نجوم النصر وعناصره التي غابت عن اللقاء السابق.. أو أدار المباراة طاقم تحكيم أجنبي.
وكما قال الصديق النصراوي عوض القرني في رسالة بعثها لي عقب المباراة (ألا تتفق معي أن أمر التأهل لم يحسم بعد وإن كان الهلال قد قطع 70% من المشوار) قلت له :
اتفق معك نظريا فقط. أما عمليا وتنفيذيا لا نستطيع الحكم.
وطالما أننا في سيرة عصام الشوالي فمع احترامي الشديد وتقديري له كمعلق له بصمة واضحة ومحبون كثر إلا أنني أرى ومن وجهة نظر شخصية أن مشكلة عصام في أنه يتحدث أكثر مما يتحرك اللاعبون.
وإذا كان زمن المباراة 90 دقيقة فهو يتكلم أكثر من ذلك !
بمعنى أنه لا يعطي الفرصة للمشاهد كي يلتقط أنفاسه ويعبر داخليا عن رؤيته.. ويعطي لخياله الفرصة ليسرح مع بعض جماليات المباراة ويمتع ناظريه ببعض أحداثها.. خاصة عندما تكون قمة في الأداء والإثارة وتعبر عن نفسها كما كانت المباراة الأخيرة. وكما تكون مباريات الديربي عادة.
مشكلته أنه يستغل كل ثانية بل كل لحظة في المباراة فيكرر بعض المصطلحات والمترادفات في استعراض للبلاغة اللغوية أو إعطاء معلومات معينة. وهذه مشكلة كثير من معلقي الجيل الحالي الذين لايجيدون التوقيت المناسب لإعطاء المعلومة.. أو للتوقف.. أو.. أو حتى في بعض المواقف التي يفترض فيها ذلك لإعطاء المشاهد مساحة كافية ليتابع حدثا ما دون مؤثرات خارجية. وهذا ما يجعلهم يخطئون كثيرا سواء في المعلومة أو الأسلوب أو طابع المجاملة. كما حدث مع زميلنا العزيز الشوالي في المباراة الأخيرة عندما قال إن ملعب الملك فهد افتتح عام 1987 م والصحيح أنه افتتح كما هو معروف عام 1988 م أو عندما تردد في تقديم الهلال على النصر والعكس.. مع أن مثل هذا الأمر محسوم ولا مجاملة أو حساسية فيه.. فالمباراة في ضيافة النصر، وهو أشار بذلك وبالتالي يتم تقديم اسم الفريق المستضيف وهكذا في المباراة المقبلة! لكننا كجمهور وللأسف خلقنا من أمور بسيطة كهذه مشاكل وحساسيات لا مبرر لها ظل البعض يراعيها ويتحاشى الوقوع بها.
هذا النوع من التعليق.. لا نجده لدى المعلق الأوروبي وبالأخص الدوري الإنجليزي الذي يمتعك ويعطيك الفرصة كي تستمتع !
على أنه لابد من كلمة حق سواء اختلفنا مع الشوالي أو اتفقنا معه.. أن لديه أسلوبا مميزا بإضافة بعض المصطلحات والجماليات وربط الحدث بالواقع كما حصل في المباراة الأخيرة وبركان آيسلندا مما يضيف نكهة مميزة للمباراة أو مقارناته ووصفه بعض الأندية واللاعبين.. وكذلك حياديته.
في المباراة الأخيرة

أشار إلى نقطة هامة جدا.. أرجو أخذها بعين الاعتبار مستقبلا وهي توافق هذه المباراة مع مباراة برشلونة وانترميلان في دوري أبطال أوربا، ومعروف أهمية هذه المباراة ومتابعتها من قبل الجمهور الرياضي، وهذا ما يؤثر على متابعة المباريات المحلية خاصة وأن الدوري السعودي انتقل الآن إلى مرحلة متقدمة من حيث الأهمية والمتابعة على المستوى العربي والإقليمي وهذا التوافق في المواعيد يؤثر على جماهيريته ومتابعته.

خليل جلال أين الخطأ ؟

لا أعني أداء خليل جلال.. فقد أشبع ذلك المحللون والمراقبون.. لكنني وبكل صدق وصراحة أسفت كثيرا لما ناله من أوصاف ونعوت تجاوزت إطار النقد السليم لأدائه إلى التطاول على ذاته وشخصه وأمانته.. وهو أمر لم يعد غريبا في وسطنا الرياضي وللأسف.. خاصة من فئات معينة.
وإذا كان الخطأ في إسناد المباراة لطاقم تحكيم محلي مهما كانت المبررات في عدم حضور طاقم أجنبي.. لأن من يضع الحلول لابد أن يضع البدائل.. فإن الخطأ الأكبر هو في إسنادها لخليل نفسه لسببين :
أولهما :
أنه سبق أن تعرض لنقد قاس وتشكيك في نزاهته وأمانته من أحد طرفي اللقاء في مباراة سابقة.
وثانيهما :
أنه مرشح لكأس العالم وكان يفترض تفريغه لهذه المناسبة الكبرى والهامة وإعداده نفسيا وبدنيا بعيدا عن أية ضغوطات.
ثم إن تكليفه جاء قبل أربع وعشرين ساعة وربما أقل من اللقاء وهو وقت لايكفيه للاستعداد لمباراة كهذه ..
الحكم شأنه شأن الأطراف الأخرى يحتاج لإعداد نفسي وفني للمباراة خاصة عندما تكون بمثل هذه الأهمية والحساسية.
كان يفترض من خليل جلال أن يعتذر في ظل الظروف السابقة.. لكن السؤال :
هل سيتم قبول اعتذاره لو اعتذر ؟
وما موقف اللجنة لو أصر على الاعتذار ؟
والله من وراء القصد