|


عبدالله الضويحي
(إنها الخمسون) .. أيها الراقــي
2010-02-23
(إنها الخمسون
ماذا بعدها .؟)
يا هلالا ..
كلما لاحت في الأفق كأس
يدك الطولى امتدت لها .
(إنها الخمسون
ماذا بعدها .؟)
يا هلالا ..
كلما نادته بطولة
قال :
أنا لها .
(إنها الخمسون
ماذا بعدها .؟)
كلما خاض نزالا ..
رفعوا الرايات بيضاً
ثم قالوا :
أنت لها .
(إنها الخمسون)
و الخمسون .. ليست رقما عاديا في سجل البطولات الهلالية . . بعد أن أصبح تنامي الأرقام في هذا السجل أمرا طبيعيا ..
لكنه رقم مميز .
و تاريخي
مميز ..
بموقعه في خانة الأعداد
و مميز ..
في نوعية الكأس .. و المناسبة
و مميز ..
لأنه امتلكها إلى الأبد ..
و مميز ..
لأنها جاءت في الذكرى الخمسين لأول بطولة فاز بها في تاريخه .. و الصفحة الأولى في هذا السجل .. و تاريخية
في هذا كله .
( إنها الخمسون)
اسم جديد .. لناد جديد .. أعلن الهلال تأسيسه تحت مسمى ( نادي الخمسين ) و افتتحه يوم الجمعة 5 ربيع الأول 1431 للهجرة الموافق 19 فبراير 2010 للميلاد.. لا يدخله إلا الفائزون بـ 50 بطولة .. أو أكثر.
ويبدو أن هذا النادي سيكون حكراً على الهلال فيه يسرح و يمرح .. ويصول و يجول .. و يسافر و يطير .. يتنقل عبر أرجائه .. دون مضايقة . . . منفردا في حركته .. لفترة ليست بالقصيرة .. ولا تحسب على المدى المنظور إذا أدركنا أن أوفر الأندية حظا بدخول هذا النادي أو مجرد طرق أبوابه لمنافسة الهلال على الألقاب .. يحتاج لعقدين من البطولات لا يقل عن 19 بطولة ..
لأن البطولات الهلالية تتنامى بسرعة تسابق فيها الزمن ..
ولأن الأرقام الهلالية تتصاعد .. بصورة تحطم فيها ذاتها ..
فهو الذي يسجل الأرقام ..
وهو الذي ينسخها ..
وهو الذي يحتفظ بها من جديد ..
و المتابع للكرة السعودية يدرك أن المسابقات الرسمية بدأت قبل 53 عاما ..
و تحديدا في عام 1377هـ .. الموافق 1957م ., و هو العام الذي تأسس فيه نادي الهلال .. حيث كانت مقصورة على أندية المنطقة الغربية .. كما هو معروف ..
و انضمت لها المنطقة الوسطى بعد أربع سنوات .. و فاز بالبطولة الهلال آنذاك .
وبعد عشرين عاما .. و في عام 96/1397هـ الموافق 1977م .. انطلق أول دوري على مستوى المملكة .. حيث دخلت الكرة السعودية عصرا جديدا ..يمكن اعتباره العصر الحديث للكرة السعودية .
قبل هذا العصر .. أي قبل عام 1977م .. كان عدد الأندية السعودية في نادي الأبطال – إن صحت التسمية ستة فقط . و كان ترتيب الهلال الرابع فيما بينها بمشاركة مع الوحدة بـ 3 بطولات فقط .. بعد الأهلي و الاتحاد ( 8 بطولات ) و النصر ( 6 ) ثم الاتفاق ( 2 ). وهو ما يمثل 10% فقط .. من المجموع الكلي لبطولات الأندية السعودية .
في هذا العصر .. الذي اتسعت فيه قاعدة المشاركات السعودية داخليا و خارجيا .. و نوعية المسابقات .. انضم ثلاثة أبطال جدد إلى النادي ( الشباب , القادسية , الرياض ) .. وقفز الرقم الهلالي إلى 50بطولة من أصل 149 و هو ما يمثل ثلث عدد بطولات هذه الأندية مجتمعة .. .. ومبتعدا عن اقرب منافسيه بـ 19 بطولة !
إن المتأمل في هذه الأرقام يدرك و بكل بساطة أن السجل الهلالي في هذه البطولات يتنامى بشكل متسارع .. يسابق فيه الزمن – كما أشرنا –
فقد تضاعف عدد البطولات الهلالية سبع عشرة مرة .. أي بنسبة 1700% فيما تنامت لدى منافسيه بنسب تتراوح بين 400% ـــ 300% !!
و كان يحقق 105 بطولات في كل موسم .. مقابل بطولة لكل 105 مواسم .. لأفضل منافسيه !!
وهنا يكمن الفرق ..
و لهذا .. لم يجانب الحقيقة أحدهم .. عندما أطلق قبل عدة مواسم مقولة ( أعطوا البطولة للهلال .. و دعوا الأندية الأخرى تتنافس على المركز الثاني ) .. و تلقفها آخرون من بعده .. يرددونها .. دون إدراك أن هذه هي الحقيقة .. و كأنما يعنون ( بطولة الأبطال ) .. أو ( بطولة الأرقام القياسية ) .. حيث أصبح الهلال مغرداً بها خارج السرب .. تاركا لغيره التنافس على المراكز الأخرى ..
هذه الأرقام .. و لغة الأرقام لغة صادقة .. لا تعطي مؤشرا حقيقيا و واضحا .. على هذا السجل البطولي فقط . بقدر ما تؤكد على سلامة النهج الهلالي .. وثباته و انه إرث خاص بالهلال .. .مهما تغيرت الإدارات . .
أو تبدل اللاعبون ..
أو تعاقب عليه المدربون ..
كما أشرت في مقال سابق . . . تظل البطولات ديدنا هلاليا ..
و جزءًاً من ثقافته .
لهذا ..
لم يكن غريبا .. أن يفوز الهلال بكأس سمو ولي العهد لهذا الموسم ..
و لم يكن غريبا ..أن تكون الثالثة على التوالي فتصبح ملكا له .
و لم يكن غريبا أن يتميز هذا الموسم .. و أن يفوز أيضاً بكأس الدوري ..
الغريب ..
هو أن فريقا كالهلال ..
أو ناديا كالهلال ..
لا يكون بطلا .
و ألا يتميز ببطولة ..
بل .. ألا تتميز البطولة به .!!

و الله من وراء القصد

أيها الراقي ..
سلاما ..

أيها الراقي ..
سلاما ..
أنت للمجد
إماما ..
أنت للتاريخ
صنو ..
أنت
أيها الأهلي .. أيها الراقي ..
إذا كنت ( قلعة لكؤوس ) ..
فإن من منحك هذا اللقب .. لم يخطيء .. في زمن كنت فيه سيدها .. في السبعينات الميلادية .. أو التسعينات الهجرية من القرن الماضي .
والألقاب .. تبقى ملكا لأصحابها ..
إذا كنت كذلك .!!
فأنت اليوم “ الراقي “
في زمن أصبح فيه ( الرقي ) عملة نادرة ..!
لا تطال إلا ( بشق الأنفس ) ..
وشق الأنفس .. هنا .. هو مجاهدة النفس أكثر منه مجاهدة الآخرين .
راق في فوزه ..
راق في تعامله ..
راق في علاقاته ..
راق .. حتى في خسارته ..
أيها الراقي ..
إذا كانت البطولة هي عنوانا للمجد فإن الخسارة .. لم تكن ذات يوم فقدانا لهذا المجد .!
و إذا كانت الكأس تتويجاً للعطاء ..
فإن فقدها .. لا يعني انعدام العطاء .
لهذا ..
ستظل أيها الراقي
كبيرا ..
ورقماً أساسيا في منظومة الكبار .
والذين ينظرون .. للفوز و الخسارة على أنها مقياس .. للحضور .. هم أولئك الذين ينظرون للمنافسة من ( ثقب الباب ) .. دون أن يفتحوا نوافذهم لرؤية الأفق البعيد .
والذين ربطوا ــ تاريخيا ــ بين احتفالات الأهلي بيوبيله الفضي .. قبل 25عاما .. و فوزه ببطولة الدوري آنذاك .. و غيابه عن سماء البطولة .. على اعتبار أن آخر دوري فاز به كان موسم 1403 ــ 1983 .. هم أولئك . الذين ربطوا عنصر التفوق باتجاه واحد .. و أخشى أن يكون ذلك انسحب على بعض الأهلاويين فسايروا الركب .. و تأثروا به ..
صحيح أن آخر بطولة للدوري كانت تلك . . لكن الأهلي الذي فاز بـ ( 26 ) بطولة على مدى تاريخه حقق ( 12 ) منها .. بعد ذلك التاريخ .. أي أن نصف بطولات الأهلي جاءت بعد تلك البطولة .. منها ( 4 ) خارجية .. و ( 3 ) لسمو ولي العهد و مثلها كأس الأمير فيصل و هذا يعني أن الفريق قادر على تحقيق البطولات و مؤهل أن يكون بطلا ..
وفي العصر الحديث للكرة السعودية .. حقق الأهلي ( 18 ) بطولة .. متفوقا على آخرين .. ظلوا .. أكثر حضورا منه في الإعلام .. مما أوحى للآخرين بأنهم أكثر منهم حضورا .. على منصات التتويج ..
لكن الأهلي ..
أو ( الراقي ) ..
أراد أن يكون ( رقيه ) هذا شاملا ..
فعاش .. في الظل .. ساكناً .. هادئا يتوارى عن الأنظار تارة .. و ( يوارونه ) عن الأنظار أخرى !!
في زمن .. أصبح الحضور لـ ( الصوت الأعلى ) و ليس ( الأقوى ) !!
وهذا لا يعني .. دعوة ( الأهلي ) للخروج عن النص . وحتى لو حاول ذلك .. لما استطاع إليه سبيلا لأنه ( إرث أهلاوي ) ..
و ( صيغة أهلاوية ) .. يريدها أن تستمر ..
لكننا نريد منه أن يكون ( واثقا ) من قدرته على الحضور ..
وأن يكون صاحب ( الصوت القوي ) .. و ليس ( الصوت العالي ) .
قلت في مقال سابق .. إن الأهلي بحاجة لعاملين مهمين :
الثقة ..
والقيادة داخل الملعب ..
و ( الترميم ) .. ممكن .. و قد تم بالفعل .. لكن المشكلة في الثقة و القيادة ..
الثقة بأنه مؤهل للبطولات .. و قادر على تحقيقها .. و التاريخ الحديث ( وليس القديم ) .. يؤكد ذلك .. كما أشرت ..
والقيادة .. لا زال الفريق بحاجة لذلك ..
في نهائي كأس سمو ولي العهد الجمعة الماضية .. أمام الهلال لم يخسر ( الأهلي ) لأنه كان ( الأضعف ) في المنافسة ..
صحيح أن الهلال .. كان الأفضل .. و الأقدر و الأجدر .. حتى لا نبخسه حقه ..
لكن ( كان بالإمكان أفضل مما كان ) لدى الأهلي .. لو توفر لديه العاملان السابقان بعد أن كان متقدما بهدف ..
التعادل الهلالي .. أوحى للأهلي بفقدان الثقة لأن المنافس هو ( الهلال ) .. ربما لو كان فريقا آخر لاستطاع الأهلي التفوق ..
وهذا عامل أساس خسارته .
وفي خسارته لبعض المباريات ..
لأنه بحاجة لمن يزرع في لاعبيه ثقة التفوق .. و الشعور بالقدرة على المنافسة ..
و الشعور بفقدان ( الحلم ) .. انعكس على أداء اللاعبين داخل الملعب .. مما أثر بالتالي على عطائهم . . وعطاء الفريق ككل .
وهنا يأتي دور القائد ..
والقائد الذي أعنيه هنا قائدان :
ــ القائد الذي يعمل على تهدئة الفريق .. و ضبط أعصابه ــ و القائد الذي يعمل على قيادته فنيا و ضبط إيقاعه .
والأهلي .. قادر على هذا كله .. و أكثر ..
و الله من وراء القصد