|


عبدالله الضويحي
الصقر.. الخسوف.! الأربعة.. والصلاة.!
2009-12-29
(الاستعانة بالله أولاً ثم الالتزام بالتميز والتفوق الرياضي في جميع الأوقات).
شعار وضعه الأمير نواف بن فيصل بن فهد نائب رئيس اللجنة الأولمبية السعودية للرياضيين الذين يعيشون الآن منعطفاً هاماً في تاريخ الرياضة السعودية، وذلك أثناء كلمته التي وجهها لهم ضمن اجتماعات الجمعية العمومية للجنة.. الذي أكد فيه قبل ذلك الأمير سلطان بن فهد على أن اللجنة تقدم أعمالاً تهدف من خلالها إلى الارتقاء بمستوى أبنائها الرياضيين في مختلف الألعاب.
الاجتماع تضمن بنوداً كثيرة من أبرزها، تشكيل قسم لمتابعة الأداء الرياضي، وبرنامج الصقر الأولمبي، وتصنيف الاتحادات الرياضية إلى ثلاثة مستويات أو أقسام حسب تطلعاتها وحجم هذه التطلعات في المشاركات الأولمبية المقبلة.
الأبرز في هذا العمل الجبار الذي بدأ قبل فترة أنه قام على مراحل مختلفة تخطط للمشاركة في الألعاب الأولمبية 2012 في لندن و2016 في ريودي جانيرو.. وحسب معلوماتي فإن هناك تخطيطا لما هو أبعد 2020 وهذا يعني أن العمل في اللجنة بات يسير وفق أسس صحيحة ومنهج علمي واضح، يهدف إلى استمرارية البناء بحيث تكمل كل دورة للمكتب التنفيذي للجنة الأولمبية السعودية.. عمل من سبقها.. مع الاستفادة من معطيات كل مرحلة وتحديثها بما يتناسب مع روح العصر، على اعتبار تغير الأسماء والأشخاص، وهو أمر طبيعي تحكمه سنة الحياة.
وسياسة اللجنة القائمة على التطوير والاستفادة من الكفاءات وكذلك الانتخابات.
الحديث عما تم في اجتماع اللجنة يحتاج لوقفة أكثر تأن.. ووضوح وتحتاج لقراءة تفصيلية لما تم في هذا الاجتماع، وما تخلله من رؤى وطروحات وهو ما سيتم في مقال مقبل بإذن الله لكن الإشارة لهذا الاجتماع كان لابد منها بحكم أهمية الحدث وتوقيته مع نشر هذا المقال.

الخسوف..
بين الهلال والنصر
في الأسبوع الماضي أثارت الزميلة جريدة الاقتصادية موضوعاً يتعلق بتوافق الخسوف مع مباراة الهلال والنصر، في ليلة واحدة وهي الخميس المقبل ليلة الجمعة، النصف من شهر المحرم واستضافت في ذلك الشيخ محمد العريفي لإلقاء الضوء على ذلك والجانب الشرعي فيه، حيث أعطى جزاه الله خيرا شرحاً وافياً للحدث، وكيفية التعامل معه وأهميته بلغة راقية كما هي عادته في التعامل مع الأحداث.
تضاربت الآراء بعد إثارة الموضوع بين تقديم للمباراة 24 ساعة، أو بضع ساعات (عصراً) ودخل في ذلك بعض مسؤولي اتحاد القدم، حتى جاء القرار النهائي بتثبيت المباراة في موعدها المعتمد دون تغيير.
لست هنا، في مجال الفتيا حول الموضوع ولن أكون أكفأ من غيري في الخوض في كافة تفاصيله لكن حسب إمكاناتي المتواضعة، إن حدثا كهذا يمكن أن نتناوله من جانبين.
ـ الأول :
إن صلاة الخسوف ليست فرضاً واجباً كالصلاة المكتوبة بحيث تتوقف الأنشطة بمختلف أنواعها، من بيع وشراء وممارسات اجتماعية ثقافية، رياضية، وغيرها.. وهو ما دأبت عليه هذه البلاد أثناء أدائها.
ولله الحمد وهو ما يحرص عليه المسؤولون في رعاية الشباب، والاتحادات الرياضية فهي - أي صلاة الخسوف- تطوعية شأنها شأن عبادات وصلوات أخرى.. لا تتوقف أثناءها الحياة الاجتماعية.. والرياضة جزء من هذه المنظومة.

هذه ناحية.. والأخرى.. التي لا تقل أهمية..
إن الخسوف سيحدث بمشيئة الله تعالى عند الساعة 9.53 ليلا أي بعد نهاية المباراة بحوالي نصف ساعة وهي فترة كافية لينفض الجمهور، سواء من هم بداخل الملعب، أو في منازلهم لأداء الصلاة لمن أراد منهم ذلك.
صحيح أن الخسوف آية من آيات الله.. تستوجب علينا التدبر والتفكر في ملكوته والذكر والدعاء وفقاً لما جاء في السنة النبوية المظهرة، لكن الحدث المصاحب هذه المرة ـ وأعني المباراة ـ ستنتهي قبل وقت كاف لممارسة ذلك لمن أراد.
ولو أن الحدث – أي الخسوف ـ يأتي أثناء المباراة ربما ـ أقول ربما – كان هناك ما يدعو إلى تغيير موعدها، إجلالا للحدث، وليس أمراً إلزامياً يستوجب إيقاف النشاط أو منعه.
ـ الثاني :
مع إيماني بما قلته سابقا والتأكيد عليه فإن المفروض على لجنة المسابقات في الاتحاد السعودي لكرة القدم وهي تخطط لبرامجها أن تضع أمامها تقويما، تحدد من خلاله المناسبات المقبلة سواء كانت دينية، أو اجتماعية، أو تعليمية، أو حتى ما يتعلق بالاتحادات الإقليمية والدولية، وأخذ ذلك في الاعتبار عند وضع برامجها حتى لا تتعرض هذه البرامج للتعديل الآني.. بما يؤثر على البرامج الأخرى أو مباريات الدوري، والاضطرار للتعديل في بعض الأحيان.
اليوم.. لم يعد الأمر يقوم على الاجتهاد وترك الأمور للمستقبل فقد أصبح يعتمد على البرمجة والتخطيط المستقبلي، في كل القطاعات والاتحادات الرياضية.
والاعتماد على العلم والتقنية الحديثة أصبح جزءاً لا يتجزأ من هذه البرمجة.
التعليم والتقويم الدراسي.. الاتحادات الدولية.. وبرامجها الشعائر الدينية.. مواقيتها.. ومواعيدها.. الخ.. كل هذه الأمور أصبح من السهل التعرف عليها وتحديدها على مدى سنوات مقبلة.. وبالتالي أصبح من الأهمية بمكان أخذ ذلك في الاعتبار عند وضع برامجنا في الاتحادات الرياضية خصوصا برامج المسابقات.
بقيت نقطة أكثر أهمية بهذه المناسبة وهي استغلال المباراة (قبلها وبعدها وما بين الشوطين) لبث رسائل دعوية وتوعية حول الخسوف كحدث وآية من آيات الله، تدل على عظمة من بيده ملكوت السموات والأرض سبحانه وتعالى عما يشركون.
إننا بهذا نستثمر الحدث الرياضي وجمهوره المستهدف وهو ذا خصوصية معينة، لتوجيه رسالة معينة تؤكد أن الرياضة هي فكر وثقافة، قبل أن تكون ممارسة.. ووسيلة وليست غاية.
وأنا هنا لا أعني فقط الملعب، وداخله، أو "ساعته" ولكن أيضا حتى القنوات الرياضية التلفزيونية الناقلة للحدث وهي التي تتوجه للقطاع الأكبر من المشاهدين.

الكبير.. كبير..
أيها
الأربعة؟
من حق كل إنسان أن يبدي وجهة نظره وهذا حق مكفول له، دون التعدي على حقوق الآخرين أو الانتقاص من قدرهم ومكانتهم سواء كأشخاص أو كيانات، وليس من حق الآخر مصادرة هذا الرأي أو تحجيمه والتقليل منه.
أندية المملكة جميعها تسعى لهدف واحد، هناك أندية عريقة ولها تاريخها ومكانتها، وغيابها عن المشهد الرياضي فترة معينة لا يعني التقليل من مكانتها وموقعها في الساحة الرياضية.
ورؤساء الأندية أيضا.. يعملون لهدف واحد ومنهم من يضحي بماله وجهده، ولهم قيمتهم ومكانتهم الاجتماعية ولا يحق لنا أن نقلل من هذه المكانة لمجرد الاختلاف في وجهات النظر، (قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا).
وما يحدث بين الأندية - وللأسف الشديد – من تراشق إعلامي في بعض الأحيان خاصة بين قياديي هذه الأندية أمر يؤسف له، ولا يمكن أن يكون تعبيرا عن المجتمع الرياضي.
إن مثل هذه الأساليب من شأنها أن تساهم في تنمية روح التعصب لدى الجماهير، في الوقت الذي يفترض أن يكون فيه هؤلاء مثالا يحتذى في بث الروح الرياضية، وتعميقها وتنمية ثقافة التنافس الشريف فيما بين الأندية ولعلي هنا.. أشير إلى مصطلح الأربعة الكبار، وما أثاره هذا المصطلح من ردود فعل بين مختلف فئات المجتمع الرياضي.
والاختلاف على هذا المصطلح والنقاش حوله لم يكن وليد هذا الموسم، أو المواسم الأخيرة، فقد حدث ذلك قبل خمسة وعشرين عاما لكنه لم يخرج عن إطار المناقشة، والطرح الإعلامي دون تطرق إلى الأشخاص وذواتهم، والأندية وكياناتها.
و(الأربعة الكبار) كما هو معروف مصطلح أطلقه الإعلام الرياضي في بداية الدوري الممتاز قبل أكثر من ثلاثين عاماً ويعني به أندية الاتحاد الأهلي ،النصر والهلال، حيث كانت هذه الأندية تمثل أقطاب الكرة السعودية، والأكثر إمكانات مادية، وجماهيرية، وأعضاء شرف بين الأندية والذي تابع بدايات الدوري الممتاز يدرك هذه الحقيقة، وكيف أن هذه الأندية كانت هي الأكثر قدرة على التعاقد مع مدربين عالميين ولاعبين على مستوى عال من الكفاءة والخبرة ومن هنا جاء المصطلح.
وعندما برز الاتفاق في عصر الثمانينيات الميلادية.. وفرض اسمه على الساحة بعد تحقيقه بطولة الدوري عام 1983م ـ 1403هـ لأول مرة، وبدون لاعبين أجانب وبمدرب وطني (خليل الزياني) وبعد أن أنهى الدوري دون خسارة كأول فريق وخلال خمس سنوات حقق الاتفاق بطولة الدوري مرة أخرى وبطولة مجلس التعاون مرتين وبطولة الأندية العربية وكان أول فريق يحقق هاتين البطولتين على المستوى المحلي العربي، وأول ناد يحقق بطولة خارجية للمملكة.
عندما حدث هذا بدأ الحديث عن الأربعة الكبار وهشاشة المصطلح، وأن الاتفاق خامس الأربعة، أو أحدها...الخ.
في المواسم الأخيرة وبعد أن برز "الشباب" وفرض اسمه بكل جدارة كواحد من أفضل ثلاثة فرق على مستوى كرة القدم في الدوري السعودي، وحقق العديد من البطولات محلية.. خليجية.. عربية.. قارية.. عاد الحديث من جديد عن هذا المصطلح لكنه يأخذ منحى آخر.
"الشباب" من أعرق الأندية وأقدمها تاريخا، وشيخها وهو الآن مع الهلال والاتحاد يمثلون الأنموذج الأمثل والمتنافسين على بطولة الدوري منذ خمسة عشر عاما، وهذا في حد ذاته كان للتدليل على مكانته.
و"الشباب" يمثل النادي المثالي في مفهومه الشامل، والمثالي أيضا في كرة القدم.
كل هذه الصفات وهي حقيقة والألقاب أكبر قيمة وقدراً من أن يتم تصنيفه "اسماً" ضمن الأربعة الكبار، فهو كبير بحضوره وعمله.
وما حصل للنصر، أو الأهلي.. في المواسم الأخيرة لا يقلل من قيمتهما كناديين عريقين لهما تاريخ ومكانة.
في نظري أن (الأربعة الكبار) هو مصطلح ومن الصعب تغييره كدلالة وليس كمعنى ومفهوم وأركز على هذه النقطة، وهو "عرف" تعارف عليه المجتمع الرياضي، و"العرف" يقوم مقام الدليل أحياناً.
أعتقد أننا يجب أن نرتقي بأنفسنا ومستوى تفكيرنا عن الدخول في منافسات لا تخدم الصالح العام.
أن يحترم كل منا مكانة الآخر.. وتاريخه وقيمته..
والكيانات الكبيرة هي التي تفرض قيمتها واحترامها على الآخرين.. بعطائها.. وحضورها دون أن تنشد ذلك لدى الآخرين.

ملعب (فيصل)
الصلاة.. لمن..؟!
وردتني بعض الرسائل وبعض الاتصالات ومنها شهود عيان أعرفهم، أن مباراة الهلال والوحدة التي أقيمت عصر الخميس الماضي، شهدت إغلاق أبواب الملعب لفترة تتجاوز كثيراً ما صرح بن مسؤولو الملعب من أنها عشر دقائق فقط.. لأداء الصلاة.
وأن التذاكر بيعت في السوق السوداء بأسعار تجاوزت الخمسين ريالا بكثير.
ومما يؤكد المعلومة الأولى.. أن المدرجات بدأت تمتلئ ويدخل الجمهور بعد بداية المباراة (بدأت 3.15) بحوالي ربع ساعة.
وأنا هنا أسأل الذين أغلقوا الملعب بحجة الصلاة..
هل الملعب بقالة..؟! أو محل تجاري..؟!
ثم.. هل أدت الجماهير المحتشدة بالآلاف على أمل فتح الباب بين لحظة وأخرى والتدافع إلى المقاعد الصلاة في وقتها.؟
أجزم أن كثيراً منهم إن لم يكن جميعهم لم يؤدوا الصلاة كما يجب.. وأن من أداها بعد دخوله الملعب أداها على عجل، أو متأخراً (بين الشوطين).
وطالما أن الملعب مجهز وفيه أماكن للوضوء ولتأدية الصلاة لماذا لا تظل أبوابه مفتوحة للدخول وتأدية الصلاة في داخله.
وإذا كان المقصود (الموظفين) فهل هؤلاء تجب عليهم الصلاة والجماهير لا..؟!
ثم.. ألا يمكن لهؤلاء الموظفين تأدية الصلاة حتى والجمهور يدخل الملعب، أو التناوب بين بعضهم ممن يفترض تواجدهم لضبط الدخول أو غيره.؟!
المشكلة.. أننا نتخذ قرارات في بعض الأحيان دون أن نعي أبعادها، أو نفكر في تأثيراتها الجانبية وإمكانية تنفيذها.. كما حدث في إقامة المباراة عصراً.
وإننا نجتهد ونتخذ قرارات بحجج لا ندرك أبعادها.. ومضامينها ومتى يتم تطبيقها كما حصل في إغلاق الأبواب.
ولو أنه حصلت كارثة – لا سمح الله – جراء تدافع الآلاف لدخول الملعب، بعد فتح الأبواب فجأة.. فمن المسؤول؟
وستظل هذه المشاكل قائمة. طالما أن هناك من يفكر في ذاته، وحماية شخصه قبل التفكير في حماية الآخرين وسلامتهم.. لأنه أساساً لا يملك القدرة على اتخاذ القرار.. وأبعاد القرار..!
والله من وراء القصد