|


عبدالله الضويحي
تعالوا إلى كلمة سواء
2009-09-01
رغم حروف العربية الثمانية والعشرين.. وقدرة هذه الحروف على استيعاب كل مفردات اللغة ومصطلحاتها.. وهي التي (وسعت كتاب الله لفظاً وغاية).. وهي التي (لم تضق عن آي به وعظات).. كما قال عنها شاعرها حافظ إبراهيم:
"أنا البحر في أحشائه الدُر كامن..
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
وسعت كتاب الله لفظاً وغاية
وما ضقت عن آي به وعظات)

إلا أنني ـ ربما لقدراتي المتواضعة لن أجد فيها ما أضيفه من تعابير ومصطلحات لما تحدث به كثيرون عن استهداف الإرهاب للأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية.. ومحاولة قتله بطريقة افتقدت لأبسط معاني وأسس القيم الإسلامية والأعراف الاجتماعية والإنسانية التي يدعي أولئك التمسك بها والسير على هداها!
وبالرغم من تعبير الكثيرين عن مشاعرهم بالرأي.. وغيرهم وربما أكثر بأساليب مختلفة، إلا أن المؤكد أن هؤلاء جميعاً هم في الواقع (يمثلون) (القلة) نسبة إلى عدد مواطني هذا البلد ومقيميه المؤمنين بفضله والمستظلين بأمنه.
هؤلاء.. وإن لم يجدوا في التعبير المعلن فرصة لترجمة المشاعر لأسباب لا مجال لتنفيذها.. فمن المؤكد أنهم يحتفظون في دواخلهم بما هو أكبر.. وما تختزنه قلوبهم أكثر.
وبالتالي..
فإن أولئك في حقيقة الأمر يمثلون هؤلاء وهم صوتهم ونبض الشاعر الحقيقي.
والقضية هنا تتجاوز استهداف شخص بذاته أطلق شعار (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) بتوجيه من القيادة الرشيدة حفظها الله.. إلى استهداف دولة تبنت هذا الشعار قولا.. وعملاً.. ومنهج حياة.
بعد هذه الحادثة تذكرت كيف أننا ندعو ونردد أدعية نؤمن بدلالتها دون أن نتمعن في بعض الأحيان في معانيها
وأبعادها.
ندعو بأن يحفظ الله لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ووطننا وأمننا.
في صلاة الجمعة.. وفي نهاية الخطبة..
وفي صلاة التراويح.. في دعاء الوتر..
نرفع أكف الضراعة خلف الإمام.. مؤمنين على ما يقول دون أن نتمعن أحياناً في أبعاده.. مع إيماننا التام بمضمونه.
في هذا الموقف تذكرت دعاءً يتكرر في هذين الموضعين..
(اللهم من أرادنا وأراد بلادنا بسوء فاشغله في نفسه.. واجعل تدميره في تدبيره.. أو.. واجعل تدبيره تدميرا عليه).
تذكرت هذا الدعاء في هذه الحادثة وآمنت أنه صادر من القلب ومن نوايا صادقة.
توقفت كثيراً أمام حادثة الاعتداء أو محاولة الاعتداء على (محمد بن نايف)
أخذني الخيال بعيداً.. لكنني (نفثت عن يساري) وتعاملت مع الواقع.. فوجدت أنني أمام حالتين:
ـ بين (خائف يترقب) وهو يتجاوز الحدود والنقاط والأبواب.. كلما خطا خطوة تسارعت نبضات قلبه.. حتى إذا ما ظن أنه وصل إلى (غايته) التي بررتها (وسيلته).. جاءه بأس الله.. واختلط تدبيره بتدميره.
ـ وبين (واثق متلهف) يدرك أن (ما أصابه لم يكن ليخطئه....) فتح قلبه قبل بابه.. غايته في ذلك لا تبررها وسيلته.
هنا أدركت أين يكمن الإيمان الحقيقي.
(واجبنا)

واجب الجميع
أطلق نادي الهلال وشركة موبايلي (الشريك الاستراتيجي) مساء السبت الماضي برنامج (واجبنا).. وهو برنامج عمل خيري يتم تنفيذه للمرة الأولى على صعيد أنديتنا الرياضية، وهو الأضخم.. ويأتي متزامنا مع هذا الشهر الكريم.
في تلك الليلة أعلن الأمير عبدالرحمن بن مساعد (أو كما قال وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين) وفى الأمير بوعده وقدم مبلغ 550 ألف ريال لجمعية إنسان ومثله لجمعية البر، وهو ما يعادل ربع دخل نادي الهلال من مبيعات التذاكر للموسم الماضي. دفعها من جيبه الخاص باسم نادي الهلال.. حتى يظل (دخل الهلال للهلال) كما قال ذات مرة، لكنه في الواقع يمثل الهلال قولاً وعملاً، فالدخل زاد أو قل هو من جماهير النادي ولهذا دعاهم لحضور المباريات واحتساب الأجر.
(عبدالرحمن بن مساعد) المعروف في الأوساط الاجتماعية بأنه ممن (لاتعرف شماله ما تنفق يمينه) أراد من خلال هذه الخطوة أن يؤكد على دور الأندية الاجتماعي ويوجه رسالة إلى الآخرين وإلى المؤسسات الأخرى أو دعوة.. (تعالوا إلى كلمة سواء) من أجل العمل الخيري.
والذين يرون في الأندية أنها أندية رياضية فقط أو كرة قدم بعيداً عن المسؤوليات الاجتماعية والثقافية وغيرها.. إنما هم في الواقع يخطئون في نظرتهم هذه.
فالعمل الخيري يجب أن يظل بمعزل عن كل الأمور والنشاطات الأخرى.
وفي كل أنحاء العالم تظل لهذا العمل أسسه ومفاهيمه، وهناك مباريات ونشاطات رياضية عالمية يتم تنفيذها لهذا الغرض.. من أبرزها كأس الدرع الخيري الذي يفتتح به الدوري الإنجليزي في كل موسم بين بطلي الكأس والدرع في الموسم الماضي.
خطوة الهلال هذه لم تكن غريبة على ناد تعودنا منه المشاركة في البرامج الاجتماعية والخيرية.. وريادة كثير من هذه البرامج.
ولا شك أن هناك أندية أخرى من أنديتنا السعودية قامت ببرامج كثيرة في هذا الشأن.. لكن (واجبنا) الذي تبناه الهلال ـ موبايلي يظل الأضخم والأبرز.
وواجب الأندية الأخرى والقطاع الخاص المتعامل معها وشريكها الاستراتيجي التفاعل مع مثل هذه البرامج وتبنيها.. من خلال التأسيس لعمل خيري ينطلق من خلال الأندية والدوري السعودي، خاصة أننا في بلد يضع مثل هذه الأعمال في أولويات سلمه.. منطلقا من شريعة سمحاء يدين بها.. ودستور يؤمن به.. لتصبح هذه الأندية جزءاً من مؤسسات المجتمع المدني.
ولو خطا كل ناد الخطوة ذاتها.. ولا أقول بنفس القدر والمثل.. ولكن كل حسب ظروفه وإمكانياته والنسبة التي يراها.. وتم توظيف مثل هذه المبالغ بصورة سليمة وصحيحة في دعم الجمعيات الخيرية وبرامج الشباب التي تعينهم على أنفسهم وتبتعد بهم عن البطالة ومزالق الخطر.. لاستطاعت هذه الأندية أن تكون عاملاً هاماً ومساعداً في تنمية هذا الوطن وبناء مستقبله.
والحال ينطبق على هيئة المحترفين والشركة الراعية للدوري من خلال تبني جزءاً بسيطاً من دخل المباريات لهذه الأعمال..
وبعملية حسابية بسيطة لو افترضنا أن متوسط الحضور الجماهيري لأي مباراة عشرة آلاف متفرج.. وتم تخصيص ريال واحد فقط (ريال واحد فقط) من كل تذكرة لهذه الأعمال الخيرية لوصل الرقم إلى (1.320.000) أي ما يقارب مليون ونصف مليون من مباريات (دوري زين) فقط.. ناهيك عن المسابقات الثلاث الأخرى.
قد يرى البعض أن مثل هذا المبلغ يمثل رقماً صغيرا.. وهذا غير صحيح، فالأرقام الصغيرة هي التي تشكل الأرقام الكبيرة.. وهي الأساس.
والأرقام الصغيرة في هذه الدنيا هي أرقام لا تعد ولا تحصى في يوم (لاينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).

أليس منكم رجل رشيد
عفواً..
ربما اعتقد البعض.. أو رأى أن هذا العنوان (قاس) في حق الاتحاديين.
إنني أثق تماما في حكمة الاتحاديين.. وأنهم كلهم (راشدون).. لكن الواقع الاتحادي هذه الأيام يستدعي هذا التساؤل..
ويستدعي تساؤلاً آخر:
من هو المستفيد مما يجري على الساحة الاتحادية هذه الأيام؟
لم يكد الاتحاديون بعد أن يتجاوزوا مشاكلهم المالية وقضاياهم ولاعبيهم الأجانب.. لتستقر أوضاعهم وينطلقوا بنجاح في المحافظة على لقبهم في دوري المحترفين.. حتى دخلوا في (دوامة أخرى) لا تقل خطورة.. وكأنهم موعودون بدوامات تتالى مع إدارتهم الجديدة وموسمهم الجديد.
لن أقول إن هناك من لا يريد لهذه الإدارة أن تنجح أو من لا يريد للنادي النجاح في عهدها.. لكنني أعيد السؤال المطروح وبقوة عن هذا الوضع.. وفي هذا التوقيت بالذات؟
من المؤكد أن الوضع لم يكن وليد اليوم..
ومن المؤكد أنه لم يكن يطبخ على نار هادئة.
ولكنه كان في (قدر كاتم).. ثم نزع الغطاء عنه فجأة.. أو أن الغطاء (طار فجأة) لسبب أو لآخر.
لا يهمني هنا من قال أو تحدث.
ولن أكرر عبارات قيلت سواء كانت صحيحة أو منسوبة..
وسواء كانت حقيقية أو (مفبركة).
وسواء كان المتحدث رسمياً ينفي.. أو منتمياً يثبت.
ما يهمني ويهم غيري أن ما دار أو يدور فيه تجاوز للقيم..
وقفز على الأعراف..
وخروج عن المألوف.
تسجيلات.. وإسقاطات.. واتهامات.. وتطاول على الرموز الرياضية.. والقيادة الرياضية.. وتسريب لمعلومات واتهامات بمصالح مشتركة.. ودخول الإعلام في هذه الاتهامات وتسييره للمصالح.. إلخ.
كل هذه الأمور.. أيا كان مصدرها وموقعه من النادي.. كيف يمكن أن ننظر إليها كمجتمع عام ومجتمع رياضي على وجه الخصوص.. بل ومجتمع اتحادي بالذات.
والذين يعرفون الاتحاد جيداً ويعرفون تاريخه يدركون أن هذا النادي مر على مدى تاريخه بأزمات كثيرة.. استطاع أن يتجاوزها لأنه اعتاد أن (يحصرها داخل البيت الاتحادي).
والذي استطاع أن يتجاوز تلك الأزمات قادر على أن يتجاوز هذه الأزمة إذا ما تعامل معها بنفس الأسلوب.
والنادي مقبل على مشواره في دوري أبطال آسيا.. وهو ممثلنا الوحيد.. ويأمل ونأمل معه التأهل مرة أخرى لبطولة أندية العالم، ولن يتأتى له ذلك طالما عاش في مثل هذه الدوامة.
والذين يقولون إن الزمن تغير والعصر اختلف.. مع الانفتاح الإعلامي يخطئون أكثر، ذلك لأن مثل هذا الانفتاح يمارس دوره بنجاح عندما يتم استغلاله بحثا عن المصالح الشخصية ويتم تغليب هذه المصالح على مصلحة النادي.
أما توحيد الرأي في اتجاه واحد ونبذ الخلافات والمصالح الشخصية.. فهو السبيل الأمثل والوحيد لمحاصرتها داخل أروقة البيت الواحد.
إن ما حصل ويحصل على الساحة الاتحادية لا يتعدى أحد أمرين:
- إما..
أنه كان موجوداً ـ كما أشرت ـ ينتظر الفرصة وقد حانت لتصفية حسابات شخصية.
- أو..
أنه وليد اللحظة لأسباب قد يعرفها أهل البيت الاتحادي أكثر من غيرهم.
وفي كلا الحالين..
فإن الاتحاديين بحاجة إلى رجل رشيد في حنكته.. راجح في حكمته.. قوي في منطقه.. حازم في قراره.. يدعوهم إلى (كلمة سواء).. ويقول للمخطئ أخطأت وهذا خطأك.. وعليك أن تتحمله.
ويقول للمحسن أحسنت وشكراً على إحسانك.
ويلي.. (زين) على (زين)

التبرع الذي أعلنه لاعب الهلال السويدي ويلهامسون لجمعية إنسان بمقدار خمسين ألف ريال جائزته من (زين) للاتصالات كنجم للأسبوع الأول من دوري زين للمحترفين.. يؤكد أن العمل الإنساني والخيري هو طبيعة بشرية وإنسانية.
ومن المؤكد أن هذا التبرع جاء تفاعلاً مع الحدث الذي سبق تسلمه الجائزة.. وهو برنامج (واجبنا) الذي يتبناه الهلال.
هذا التبرع يجب أن ننظر إليه من جانب آخر يتجاوز إطار التفاعل مع الحدث.. إلى أن خطوة الهلال قدمت رسالة حقيقية عن الإسلام كدين يعتمد العمل الخيري كأحد مناهجه.
وهي فرصة لنقدم هذا الدين بصورة غير مباشرة من خلال تصرفاتنا وأعمالنا وبرامجنا لهؤلاء لتوضيح الصورة الحقيقية لهذا الدين.
تذكرت خطوة ويلي..
وخطوة الذي حاول الاعتداء على محمد بن نايف.
يد غير مسلمة تعطي بسخاء.. وأخرى تدعي الإسلام تغدر في ليالي رمضان!!
والله من وراء القصد.