|


عبدالله الضويحي
يحدث في القرن الـ21
2009-08-18
بعد أن أمضينا ثلاثة عقود من تطبيق الاحتراف لدينا في عالم كرة القدم.. متجاوزينها كتجربة – كما يسميها البعض- إلى اعتبارها أمراً واقعاً، وانتقالنا إلى مرحلة مهمة.. في مسايرة الكرة العالمية بتطبيق دوري المحترفين. وتشكيل هيئة متخصصة للإشراف عليه ودخول الشريك الاستثماري، وتصنيف الدوري السعودي ضمن أفضل 20 دوري في العالم.. وتشكيل اللجان الأخرى الخاصة بذلك.. احتراف.. استئناف.. فض المنازعات ...الخ وإعداد اللوائح.. وإعادة صياغتها أكثر من مرة.. مما يعني دخولنا عالم الاحتراف من أوسع أبوابه.. والوصول إلى لجته.
وبعد أن أمضينا ما يقارب العقد من القرن الحادي والعشرين وما عايشناه من ثورة في عالم المعلومات والتقنية ووسائل الاتصال حتى تجاوزنا مقولة أن (العالم أصبح قرية كونية).
إلى أن هذا العالم أصبح بين إصبعيك.. تتنقل فيه كيف تشاء، ومتى تشاء، وتحصل منه على ما تشاء! وقت ما تشاء.!
في هذا الوقت..
الذي يفترض فيه أن ينعكس هذا كله على ثقافتنا الرياضية.. وكيفية تعاملنا مع الأحداث.. إلا أن البعض وللأسف الشديد لا زال عاجزاً عن أن يرتقي بفكره وثقافته إلى مستوى الحدث.. ومتطلبات العصر.. والبعض قادر على ذلك لكنه لا يريد.. أو أنه يستثمر فكره وقدرته هذه وفق مصالحه الشخصية.. ومن ثم تسخير ثقافته لما يريده هو.. لا.. ما تتطلبه منه المرحلة.
والمتابع للأحداث هنا.. عند بعض منها.. في إشارة لها وتنبيه دون دخول في التفاصيل..!

العقد.. لا يزال في جيب العضو

على طريقة الفيلم المصري (الرصاصة لا تزال في جيبي).. يبحث النادي عن عقد أحد لاعبيه.. للاطلاع ودراسته ويفاجأ بأنه مفقود..
وتأتي المفاجأة الأكبر أنه في منزل أحد أعضاء الشرف حيث أخذه لدراسته..
السؤال الآن..
بأي حق.. أو صفة.. يأخذ عضو الشرف.. أو عضو مجلس الإدارة.. أو حتى الرئيس عقود اللاعبين إلى منازلهم..؟
وما جدوى.. إدارة الاحتراف.. والمستشار القانوني..؟!
وأجهزة الحاسب.. وغيرها..؟!
هذا التصرف يذكرني بتعاميم وزارة التربية بمنع المعلمين من أخذ أوراق الإجابات إلى منازلهم خوفاً من فقدها.. أو لأسباب أخرى وأن يتم التصحيح في المدارس.. كان ذلك قبل الحاسب وكان المعلمون يواصلون عملهم حتى ساعة متأخرة من الليل.
لجنة الاحتراف.. أكدت قبل فترة على ضرورة أن يكون توقيع العقود في النادي أو مكاتب الرئاسة بعد أن لاحظت أن البعض منها يتم في منازل أعضاء الشرف.

تواقيع/ آخر الليل

كثيراً ما نقرأ..
تم توقيع العقد مع اللاعب في ساعة متأخرة من مساء أمس.. أو أمس الأول.. الخ! (لاحظوا أنه لاعب محترف).
وأحياناً.. تم الاتفاق بين إدارتي الناديين.. في ساعة متأخرة.
أو تواصلت المباحثات إلى ساعات متأخرة من الليل.
والذي يقرأ مثل هذه الأخبار يشعر أن أنديتنا.. لا تبدأ عملها إلا بعد منتصف الليل.. ولذلك لا غرابة إذا انطبق على بعض هذه العقود.. والأعمال المثل المعروف (كلام الليل يمحوه النهار).
أتساءل.. وغيري..
متى نصبح أكثر تنظيماً..؟!
ويصبح توقيع العقود.. والمفاوضات في الصباح أو ساعات النهار.. وفي ساعات العمل الرسمي..؟
وفي داخل مقرات الأندية.. بدلا من منازل أعضاء الشرف ومجالس الإدارة.

نحن في إجازة ..
انتظرونا !!

وكثيراً ما نقرأ.. أن الاتحاد السعودي لكرة القدم.. خاطب الاتحاد والدولي (الفيفا) وينتظر الرد منه يوم الاثنين المقبل لأنهم في إجازة يومي السبت والأحد.. وعلينا أن ننتظر.
أما نحن.. لا فرق لدينا بين أيام الأسبوع..
بالإمكان تسجيل لاعب عصر يوم الجمعة.. أو وقت صلاة الظهر..
ويمكن التأجيل للخميس.. أو الجمعة.. لأن العضو (مشغول يوم الأربعاء).
يتمتع بعض رؤساء الأندية بإجازاتهم ويعودون في اللحظات الأخيرة.. مطالبين بتحقيق ما يريدون (في الوقت الضائع).
حتى الإجازات الرسمية.. تتحول لدينا إلى إجازات عمل.
رئيس لجنة الاحتراف د. صالح بن ناصر يقال (والعهدة على الرواة) أنه كان (يتمتع) بإجازته السنوية خارج المملكة.
لكن المتابع يرى أنه كان يعمل.
اتصالات مع الفيفا.. وإدارة اللجنة.. وتفاهم مع هذا النادي وذاك الإعلامي وإصدار بيانات توضيح.. ومع ذلك فهو (يتمتع بإجازته).
في الغرب.. يجبرون الإنسان على التمتع بإجازته وأخذ قسط من الراحة.. إيماناً منهم بأهمية الراحة النفسية وانعكاسها على عمله.. وقراراته وقد أصبحت جزءاً من ثقافته.
ونحن الذين يوصينا ديننا الحنيف بذلك (إن لبدنك عليك حقا) أبعد ما نكون عن تطبيق هذا المبدأ والإيمان به.
ولذلك.. علينا أن لا نستغرب عندما يخطئ ذلك المسؤول.. أو الإداري.. أو اللاعب.. طالما أننا لم نوفر له الجو الملائم للنجاح.

2016 .. لا تكفي!!

2016 هذا.. ليس العام الميلادي.. الذي أتمنى أن يحل.. وقد انتهت مشاكلنا هذه.
لكنه رقم نتعامل معه كثيراً.
لجنة الاحتراف أعطت الأندية مهلة 12 أسبوعاً (نظام الفيفا) لتسجيل اللاعبين المحترفين ..الخ وهي ما يعادل 84 يوماً.. وتحديداً 2016 ساعة!! أو (120960 دقيقة) بعد مضي 120930 دقيقة وصلت أوراق بعض الأندية.
وبعضها طلب مهلة إضافية.. واستثناء خاصاً لأن ظروفه لم تساعده.
وهذه تذكرني بمطالبات أولياء الأمور عند تسجيل أولادهم في المرحلة الابتدائية التي تنص على ست سنوات وتتجاوز بحد أقصاه (3 أشهر) (ذكرتني بمهلة 6 أشهر للاعب) فالمولود عند الساعة 11.59 دقيقة قبل منتصف الليل بقليل والمولود عند الساعة 12.01 لا يقبل.. وإن كان توأمه.. وشقيقه.
وليت اتحاد القدم يستفيد من صرامة التربية في هذا القانون.

المستثنى.. والمستثنى منه

وقع نادي الاتحاد عقد رسمياً مع لاعبه التونسي الشرميطي يوم أمس الاثنين.. ويفترض أن يكون هناك مؤتمر صحفي مساء البارحة لإعلان ذلك.
توقيع العقد تم بعد ستة أيام من انتهاء المهلة المحددة لتسجيل اللاعبين.. وكانت لجنة الاحتراف قد وافقت على تسجيل اللاعب في وقت سابق (رغم أن النظام ينص على التوقيع الرسمي قبل رفع الأوراق ...الخ).
اللجنة أكدت في بيان سابق أن هذا لا يعتبر استثناء وإنما تقديراً لظروف الاتحاد ولتسديده (جزءاً) من مديونياته ...الخ البيان).
شخصياً.. لا أعترض على قرار اللجنة.. المبني على توجيه الرئيس العام.. تقديري سموه يرى ما لا نراه.. لكن في الحقيقة لا أرى فرقاً في المضمون بين الاستثناء وتقدير الظروف.
وبالمناسبة.. اتحاد القدم سبق أن طلب من الاتحاد الدولي استثناء في تمديد فترة التسجيل نظراً لظروف المملكة الجغرافية (وكأننا لا نملك تقنية حديثة).. (أو أن أندية المحترفين في مناطق نائية).. ولكن (يبدو أنه مبرر!!) فرفض ذلك نهائياً وسمح بأن تستمر حتى الساعة الثانية عشرة ليلا.. قبل اليوم التالي وحلول تاريخه للابتعاد عن الإشكاليات.
فهل هذا استثناء أم تقديراً للظروف.. عموماً من الناحية القانونية يعتبر إجراء سليماً لأن العبرة بالتواريخ.
لكن.. ماذا لو أن اتحاد القدم تعامل مع الأندية بحزم مهما كانت الظروف..؟
إن الأندية قادرة على حل مشاكلها.. والالتزام بالمواعيد متى ما وجدت الحزم والجدية في التعامل وقد حدث هذا بالفعل ورأينا ماثلا أمامنا.
هل يمكن مثل هذا الإجراء..
الحبّة... والقبة

قضية لاعبي نادي الرياض سعود حمود وحسن ربيع وانتقالهما للنصر استغرقت شهراً كاملاً بين أخذ ورد.. ومكاتبات واجتماعات.. لتنتهي بتسجيلهما.. وكان يمكن لها أن تأخذ منحى آخر.. أو يتأخر التسجيل.
وكان بإمكانها أن تنتهي خلال ساعات.. أو أسبوع على أقصى مدى ممكن.. لو كنت هناك إدارة واعية تدرك دورها.. وما هو مطلوب منها.. ووكيل أعمال يعرف كيف يتعامل مع القضية.. ومع الاحتراف.
وكان بالإمكان تلافي كل هذه الإشكالات.. والاتهامات للمسؤولين.. وتحريك الرأي العام.

راسب.. ويبقى للدور الثاني

عندما أعلنت لجنة الحكام عن رسوب عدد من الحكام في اختبارات كوبر تذكرت النكتة المشهورة (مدرسة النجاح الخاصة لم ينجح أحد)!! وشهادات المرحلة الابتدائية والدوائر الحمراء.. راسب ويبقى للدور الثاني.
الحكم.. أو اللاعب.. هو خصيم نفسه.. وهو الذي يجب أن يدرك قبل غيره.. أهمية المحافظة على معدله اللياقي وأن الإجازة لا تعني التحرر من كل شيء.. والعودة بجسم مترهل.. ومخزون لياقي ضعيف.
إن الإنسان العادي يقطع في الساعة ستة كيلو مترات بمشي عادي ومنتظم.. وبالتالي فإن اللاعب.. أو الحكم بإمكانه أن يقطع ضعف هذه المسافة في الزمن ذاته بسرعة أكبر.. أو (الجري العادي).. والساعة الواحدة.. لا تمثل شيئا في زمن اليوم.
إنها جزء من ثقافة الشخص.. التي يفتقدها هؤلاء.. ومن الطبيعي أن يعودوا بمستويات دون المطلوب.. وأخشى أن تتحول الاختبارات إلى (تقويم مستمر) أو (نظام المقررات).. حتى يتمكنون من اجتياز كوبر..

الأندية/ ومصادرة.. الرأي!

من حق أي إنسان أن يبدي رأيه.. طالما أن هذا الرأي لا يمس الثوابت والقيم.
ومن حق أي لاعب أن يثني على ناد آخر.. أو يبدي أمنيته ورغبته في الانتقال إليه.. واللعب في صفوفه.. أو ينتقد وضعاً معيناً في ناديه.. طالما أن هذا لم يمس ما يضر بالنادي.
من حقه أن يبدي رأيه ورغبته.. لكن ليس من حقه أن يتجاوز على حقوق ناديه.. ويقصر في أداء دوره.. أو يبتعد عن التمارين.. أو يعترض على قرارات النادي لأنه لم يوافق هوى لديه أو متطلبات يتضمنها العقد.. الخ.
ومن حق النادي محاسبة اللاعب على ذلك.. وعلى أدائه وتدني مستواه.. أو تقصيره في واجباته.
لكن كثيراً من الأندية لدينا وللأسف تتعامل مع هذه الأمور بحساسية.. وتلجأ إلى الحسم من مرتب اللاعب بنسبة تصل إلى خُمس الراتب وربما ربعه.. وهو في نظري إجراء تعسفي يتجاوز حدود المنطق.. وحقه كإنسان.
كما أنه – في نظري – إجراء غير قانوني.. ولو أخذها بعض اللاعبين على محمل الجد عن طريق وكلائه وتحرك هؤلاء بجدية.. ربما تغير الوضع.. وعادت لهم حقوقهم.

تطوير.. الفكر !!

هذه.. بضعة أمثلة.. وأثق أن هناك الكثير وأعتقد أن الأيام المقبلة حبلى بما هو أكثر.
إننا نصرف الكثير من الجهد.. والمال على تطوير الأداء ورفع المستوى والكفاءات الفنية والإدارية.. وإحداث اللجان.
نسن الكثير من القوانين.. واللوائح.. ونعمل على تطويرها..
ونتعاقد مع شركات كبرى من أجل التطوير والتحديث.
كل هذا رائع.. وجميل.. لكننا نغفل عن المتلقي.. الذي لا يقل أهمية.
عن تطوير الفكر.. والرقي بثقافته..
أعني هذا اللي نتوجه إليه بلوائحنا.. وقوانيننا ونرسم له منهجاً كاملاً.. وواضحا من العمل الفني والكروي.. وننظر إليه كأداة تنفيذ.. وكجمهور مستهدف هو الأساس في تطوير الكرة السعودية.. والرقي بمستواها.
أما آن الأوان.. بعد لتطوير هذا الفكر؟
وأما.. آن الأوان.. لهذا الفكر.. أن يطور ذاته.. ويرتقي بثقافته.. وهو المسؤول عنها أكثر من غيره.
والله من وراء القصد