|


عبدالله الضويحي
من المجلس إلى الملحق رفقاً بالجماهير
2009-06-23
عندما وطأت قدما السيد بسيرو الأراضي السعودية لاستلام مهام تدريب المنتخب الوطني فعليا بعد التعاقد معه لإكمال الجولة الثانية (مرحلة الإياب) في تصفيات كأس العالم عن قارة آسيا كان رصيد المنتخب السعودي 4 نقاط حصيلة فوزه على الإمارات وتعادله مع إيران وخسارته من الكوريتين، وكان أكثر المتفائلين يطمع في أن يتأهل كثاني المجموعة ومنهم من نظر إلى الملحق، وذلك عطفا على الرصيد النقطي ووضعية المنتخبات الأخرى، أما بسيرو الذي لم يكن وقتها قد تعرف على فرق المجموعة ولا على المنتخب الذي سيتولى قيادته (إلا إذا كانت لديه خلفية ما).. فقد أكد على أننا سنتأهل كبطل للمجموعة، بمعنى آخر الفوز في جميع المباريات.
انتهت التصفيات.. وبعد أن كنا نبحث عن (صدى المجلس) أصبحنا (نجلس في الملحق) في انتظار أن تفتح لنا أبواب الدخول أو الخروج ولا زلنا نتعلق بأمل الأولى! على أمل آخر بأن تفتح لنا الأبواب الداخلية!
وعودة لتصريح بسيرو أذكر أنني علقت على تصريحه وعلى ما إذا كان منبعه الثقة في لاعبي المنتخب وقدرته على تمكين إمكاناتهم ومعرفته بالمنتخبات الأخرى!!
أم أن الهدف رفع معنوية لاعبي المنتخب.
ومنحهم المزيد من الثقة..!!
أم لأسباب أخرى..!!
وإذا ما أردنا تقييم المرحلة.. فعلى صعيد النتائج حقق 8 نقاط (ضعف مرحلة الذهاب) وفاز في مباراتين (إيران، الإمارات) وتعادل في مثلهما (أمام الكوريتين).
نظريا تعتبر هذه النتائج جيدة.. لكن النجاح الحقيقي للمدرب لا يقاس بالنتائج فقط فالنتائج وقتية وقد تأتي مرة وتغيب مرات، وإنما يقاس بأداء الفريق وصورته داخل الملعب.
وعودة لنتائج المرحلة.. فقد فزنا على إيران والإمارات..
إيران في نظري كان التفوق يعود للناحية المعنوية أكثر منه لشيء آخر..!
باعتبار التغيير الذي حصل في الفريق.. وانعكاسه على أدائه.
وأمام الإمارات كان الفوز طبيعيا لفارق الإمكانات وهو امتداد لما حصل في الذهاب!
وقد أشرت لهذا في حينه مضيفا إن الفترة التي قضاها بسيرو مع المنتخب قصيرة ولا تكفي ليتعرف على إمكانات وقدرات اللاعبين.. وأن الاختبار الحقيقي له أمام الكوريتين عندما يأخذ وقته وزمنه ويعايش الفريق عن قرب.
وإذا قبلنا من حيث المبدأ بتعادل كوريا الجنوبية على أرضها.
فإنني أعتقد أن بسيرو فرط في فرصة كبيرة بأن يكون البطل!
ويحقق الرهان الذي جاء من أجله.. عندما افتقد للشجاعة وأن يكون صاحب قرار في الوقت المناسب..!! وذلك في مباراة كوريا الشمالية.. هنا في الرياض.!
على العموم...
ليس المجال هنا للحديث فنيا عن هذه المباراة فقد تحدث عن ذلك الزملاء بإسهاب عبر مختلف القنوات المقروءة والمرئية.. ولم يتركوا شاردة.. ولا واردة.. ولذا فلن أضيف لما قالوه شيئا.. لكنني أود هنا الحديث عن نقاط أربع.. لم ألحظها في تحليلات الزملاء.. أو على الأقل لم يتم التركيز عليها رغم أهميتها.

الأولى
شكل الفريق لم يكن مقنعا..!! سواء على مستوى الأداء الجماعي أو الفردي..!! وافتقد للروح القتالية.. والانضباط..!
لم يكن الفريق الذي لعب أمام إيران من حيث الروح والأداء.. مما يعزز ما أشرت إليه على أن تلك المباراة كانت حالة خاصة.. في ظرف خاص.. ولا يمكن اعتبارها حالة قياس لمستوى عام!!
ويبدو أنه يقع تحت ضغوط نفسية.. سواء على مستوى الأفراد.. أو على الفريق ككل.. من أجل التأهل والنظر إلى التأهل على أنه غاية!! والمفروض أن يكون وسيلة!
الفريق دخل هذه المباراة.. وربما التصفيات محفوفا بالطبول.. والمزامير.. ومحمولا على أكف الراحة نحو المونديال.. على كل المستويات!! دون اعتبار للمنتخبات الأخرى.. أو إدراك لما تقوم به من جهود.. أو حق في الطموح والتأهل.
وفي هذه المباراة بالذات.. تم تجهيز الورود والأغاني.. والأهازيج.. والاحتفال مبكرا.. حتى إذا ما ظهرت الحقيقة.. تساءلوا (أين تذهب هذه الورود؟!) (وماذا نعمل بها؟!)

الثانية
إن مباراة إيران وكوريا الجنوبية التي انتهت بالتعادل قد خيمت بظلالها على مباراة منتخبنا مع كوريا الشمالية حيث وضعتنا أمام خيارين:
ـ إما الفوز والتأهل.
ـ أو التعادل ودخول الملحق.. والانتظار.
هذان الخياران جعلا الفريق يعيش مرحلة انعدام وزن.. خاصة المدرب..!!
وكثير من مدربي العصر الحاضر.. يبحث عن الأمان.. واللعب على المضمون.. وترك الخيارات الأخرى لظروف المباراة!! من خلال فن الممكن!! ولهذا يفتقد الشجاعة والجرأة في التعامل مع الحدث..!!
ويبدو أن كل هذه الإرهاصات والأفكار كانت تدور في أذهان اللاعبين.. والمدرب على حد سواء.. خاصة أن مباراة إيران وكوريا الجنوبية انتهت قبل مباراتنا بوقت كاف.. أن تجري في دمائهم والدخول في صراع مع كريات الدم البيضاء.. وربما القضاء على بعضها!!

الثالثة
بسيرو..
الذي تابع مدرب المنتخب بسيرو.. وإن لم يكن أصلا في حاجة للمتابعة.. فقد كانت الكاميرا تقوم بذلك.. وتفرض عليك رؤيته.. أقول.. الذي تابع بسيرو يلحظ أنه لم يكن طبيعيا في تصرفاته..!! وهي المرة الأولى التي أشاهد فيها مدربا سواء كان بسيرو أو غيره بهذه الصورة من العصبية!! وعدم القدرة على ضبط أعصابه وتصرفاته.. مما أفقده التركيز..!! ويقول بعض الذين شاهدوه في الملعب إنه كان كذلك بالفعل وربما أشد مما لم يظهره في الكاميرا!! هذه الحالة لا يمكن أن تكون طبيعية ولا بد لها من تفسير..
ومن المؤكد أن نتيجة مباراة إيران كان لها دورها.. وكان الأمل يتضاءل تدريجيا.. وبصورة متسارعة كلما مر زمن المباراة وهي على هذه النتيجة (التعادل) في ظل الخوف من الخسارة وبالتالي الا النهائي..
لقد كان الأمل في تناسب عكسي مع زمن المباراة وهي تمضي بالتعادل..!
وبالتالي الإقصاء.. فإن هذا أحد الأسباب..!!
ويبقى تحليل الأسباب الأخرى ويعزى لأحد أمرين:
ـ إما أن اللاعبين خارجون عن (نصه) ولا يطبقون تعليماته.. أو على الأقل لا يسايرونه في أسلوبه وتطلعاته.!
ـ أو أن هناك أسبابا أخرى.. وفي (فم بسيرو ماء).

الرابعة
الجمهور..!!!
ماذا تريدون من هذه الجماهير بالضبط.؟!
عندما نعجز عن اتهام المدرب أو اللاعبين.. أو نعجز عن تحديد أطراف المشكلة وحلولها.. نبحث عن الجماهير ونحملها جزءا من المسئولية كاملة.!!
لأنها ظلت صامتة.. ولم تواصل الأهازيج والتشجيع طوال 90 دقيقة!! بل ونتهم هذه الجماهير في وطنيتها.. وعدم استشعارها للمسئولية.!!! وننسى أن منتخبات وفرقا ومنها منتخبنا وأنديتنا.. فازت بعيدا عن جماهيرها.. وأمام جماهير هادرة (ضد) وآخرها أمام إيران (مباراة الإياب).. وعندما توجد العزيمة.. وروح الفريق.. والرغبة في العطاء وغيرها من الأمثلة كثير في تاريخنا الكروي!!
بل إن السؤال الأكثر أهمية:
منذ متى كان التشجيع.. وترديد الأغاني والأهازيج في المدرجات مقياسا للوطنية..؟!
وهل الوطنية مظهر خارجي ترسم حدوده التعابير اللفظية والحركية.؟!
أم أنه شعور داخلي.. لا تحكمه مساحة ولا تحدده أطر..!! ولا يرتبط بحدث.؟!
أصبحت (الوطنية) شعارا يزايد عليه البعض دون إدراك لمعناه.. وإبعاده عن الحقيقة من خلال توظيفه بطريقة لا تعبر عن مضمونه ودلالته.!!
وأصبح هناك منظرون.. يخلطون بين الوطنية والشعور بالمسئولية.!!
ويشككون في ولاء اللاعب أو المشجع كمواطن!!
وظهر علينا قراء يفهمون في (لغة الشفايف) ويترجمون الإشارات!! بلغة تنسجم مع ما يرون بعيدا عن مضمونها الحقيقي..!
يا سادتي الكرام..
العلاقة بين اللاعبين.. أكبر من أن نحددها بألوان الأندية!!
والعلاقة بين الجمهور والمنتخب.. أسمى من أن نربطها بالوطنية..!!
أحيانا..
تقسو على ابنك الصغير..!! وقد تخرج عن طورك.. أو تتجاوز حدود التعامل معه بهدف البحث عن مصلحته.. وهو بحث يعتمد على الاجتهاد.. قد تخطئ وقد تصيب..!!
لكن هذا لا يخرج بك عن مظلة (الأبوة).. ولا يخرج به عن عباءتها..!!
وعودة إلى الجمهور..
ماذا قدمنا له.. حتى (نلومه)!!
لو عانى هؤلاء جزءا من معاناته لأدركوا حقيقته!! وأبعاد اتهامه!!
في كل أنحاء العالم خاصة أوروبا تعتبر مباريات الكرة نوعا من السياحة!!
يحضرها كثيرون من أجل المتعة حتى وإن لم يكن منتميا لأحد الفريقين!!
هنا..
حضور المباراة لدينا معاناة..!!
ولهذا..
يحجم كثيرون عن الحضور للملعب!!
عندما ينتظر الجمهور ساعات تحت درجة حرارة تتجاوز الـ 45 درجة مئوية!! دون ماء يروي عطشه ولا ترفيه يسليه!! لا يستطيع مغادرة هذا المقعد حتى للأمور الضرورية.. لأنه يخشى أن يحتله غيره!! ثم يصطدم بأداء متواضع لفريقه.. أيا كان منتخبا أو ناديا فأنا هنا لا أحدد!! مثل هذا الجمهور ماذا ننتظر منه؟!!
هل نطالبه بأن يظل راقصا ومرددا للأهازيج وضاربا للدفوف بعد كل هذه المعاناة تسعين دقيقة أخرى؟!
بل أعتقد أن هذه من أسباب الشغب في الملاعب كردة فعل عكسية عندما يخسر الفريق..!!
في مباراة المنتخب الأخيرة أمام كوريا الشمالية وفي درجة حرارة تصل إلى 40 درجة إن لم تتجاوزها تحمل مدير ملعب الملك فهد سلمان النمشان إدخال قوارير الماء (وبدون أغطية) للجماهير.. على مسئوليته!! لأن أنظمة الفيفا تمنع ذلك!!
إنني أتساءل:
لماذا.. لا تتحول مباريات كرة القدم لدينا إلى سياحة ومتعة..؟!!
ما الذي يمنع ذلك؟
خاصة أننا نملك جميع المقومات.. والبنى التحتية التي تساعد ذلك.. وأخص بالذات ملعب الملك فهد الدولي.
أتساءل..
عن الساحات المحيطة بالملعب.. وداخله قرب المدرجات لماذا لا يتم استثمارها وتأجيرها للقطاع الخاص لعمل مقاهٍ وبوفيهات تقدم الوجبات الخفيفة والمشروبات الباردة والساخنة على مستوى راق..؟!
بحيث تتحول إلى مكان للانتظار وبث الرسائل التوعوية أيضا عبر شاشات يتم توفيرها في المكان؟
أتساءل..
لماذا لا يطبق نظام بيع التذاكر كما هو معمول به عالميا بحيث يتم ترقيمها وفق المقاعد الموجودة بالملعب، بحيث يعرض أمام المشتري (الجمهور) مخطط الملعب ومواقع المقاعد ويختار المقعد الذي يريد ويحضر في الوقت الذي يريد قبل المباراة بدقائق أو أثناءها أو في الشوط الثاني..!! طالما أن مكانه محدد ومحجوز بدلا من هذه المعاناة!!!
إن فتح الملعب مجانا وبيع المقاعد عشوائيا وعدم التقيد بها وترك الخيار في الأفضلية لمن يحضر أولاً كلها أمور تساعد على مثل هذه الضغوط على هذه الجماهير.. وبالتالي تتسبب في معاناتها.. وعدم تفاعلها في بعض الأحيان مع أداء الفريق!!
لقد طبقنا الاحتراف..
وأصبح لدينا دوري محترفين وهيئة محترفين..!!
وتم بيع الدوري.. كعملية احترافية وآن الأوان ليكتمل عقد الاحتراف، ونتمنى أن يكون ذلك من معطيات الموسم المقبل.
والله من وراء القصد.