|


فهد عافت
الخوف من التّفكير!
2021-12-11
- الإنسان هو الوعي!. أو هو إنسان بقدْر وعيه!. والوعي أكبر من الثقافة، أو هو الثقافة الكبرى، الشاملة والكليّة. الوعي هو الخروج من الصّورة إلى التّصوّر!. إنه ليس حشد كميّة من المعلومات، رغم ضرورة وجود المعلومة، لكن المعلومة صورة وليست تصوّرًا!.
- وللوصول إلى التّصوّر، يحتاج الإنسان إلى معرفة واختبار مجموعة كبيرة من الطُّرُق؛ طُرُق فحص المعلومات وتمحيصها، وطُرُق دمجها ومزجها، وطُرُق تحريكها للحصول على تصوّر، وطُرُق للافتكاك من هذا التّصوّر والتّحرّر من قيوده، وطُرُق لإبقاء شعلة الرغبة في التّحرّر متّقِدَة، وطُرُق لكسر الإطار، وعجن تصوّريْن أو أكثر في تصوّر جديد!. طُرُق للتّقدم وطُرُق للتّراجع!.
الحركة بركة ليس على مستوى الجسد فقط، ولكن على مستوى التفكير والتأمّل والاستنتاج، والإنتاج أيضًا!.
- ليس صحيحًا أنّ كلّ الناس، ولا حتى معظمهم، يُفكّر!. هناك من يخاف من التّفكير، وهناك من يُحذِّر الآخرين منه، وهناك من يُهدِّد وهناك من يمنع من التفكير!.
- وفي الغالب، مَرّ على كلّ من عُرِف عنه، واشتهر بقراءة الكتب تحديدًا، مثل هذا السؤال من صاحب أو مُجانِب أو قريب أو غريب: “هل صحيح ما يُقال عن أنّ كثرة القراءة تؤدّي إلى الجنون أو الكُفر؟!”. أصحاب مثل هذه الأسئلة لن يقرأوا أيًّا كانت الإجابة!.
- كثيرًا ما تكون الحِدَّة في الكلام، وبعثرة الشتائم والسّبَاب، والطّريقة الصّلفة المُوحِشَة في الرّفض، ليست إلّا شكلًا من أشكال الخوف لدى صاحبها!. خوفه من التّفكير في الأمر، وخوفه من مواصلة الاستماع لما قيل، لأنّ ما سوف يُقال أكثر، ربّما، يفلح في تغيير قناعات، وبالتّالي هزّ ما يعتبره هذا الإنسان ثوابت أقام عليها، وبموجبها، حياته!.
- ليست المسألة إساءة متعمّدة إذن ولا الصّوت العالي المُشبَع ببذاءة اللفظ متقصّدًا بحدّ ذاته في جميع الأحوال!.
كثيرًا، وكثيرًا جدًّا، ما تكون مثل ردّات الفعل هذه محاولة للدّفاع عن الذّات!. نعم هي محاولة بائسة وخاطئة، لكن ليست بسبب سوء الخُلُق دائمًا!.
- قد يكون كثير من أصحاب ردّات الفعل هذه على خُلُق كريم في كثير من تصرّفاتهم وعلاقاتهم وأمور حياتهم، تلك التي لا تعترض طريق قناعاتهم الرّاسخة وما يعتبرونه ثوابت أو يتمسكون به كمبادئ!.
- إنهم فقط يرفضون التّغيير، وهم يظنون أنهم يرفضونه لعدم صوابه وصحّته، لكنهم في الحقيقة، أو في جزء كبير منها، يرفضونه لأنهم يخافونه!.
يُمكن لمثل هذا الرُّعب إنتاج أشكال متعدِّدَة من ردّات الفعل غير العقلانيّة!. وفي غياب العقل لا يُمكن الاتّكاء على الأخلاق، ولا المطالبة بها!.
- مواجهة النّفس ليست أمرًا سهلًا، بل لعلّها الأكثر صعوبة على الإطلاق!. الشجاعة الجسديّة أكبر بكثير من الشّجاعة النّفسيّة!. ثم إنّ الشّجاعة وحدها لا تكفي!. مواجهة النفس ومُساءلة الذّات تحتاج فهمًا وإدراكًا وبصيرةً ومُثابرة. لأنها عِلْم!. لو لم تكن كذلك ما كان الطِّب النّفسي مثلًا، ولما كانت الفنون والآداب أصلًا!.
- الوعي ليس وعاءً!. هو خلاصة كل ما يُوجَد، وما يُوضَع، في هذا الوعاء!. هو نتيجة كل تفاعلات هذه المواد من معارف وأحاسيس مع بعضها بعضًا!.
- الشّتّام، حادّ اللفظ والطّباع: فقير ومرعوب أكثر بكثير من كونه قليل تربية!. اللهم إلّا إذا كنّا نقصد بذلك تربيته لنفسه، دون اتّهام أبويه بالضرورة!. في هذه الحالة نعم، هو قليل تربية، ما في ذلك شكّ!.