|


فهد عافت
فئات وصِفَات!
2021-12-15
ـ لحظة لأختار كلمة أفضل وألطف من “تَكالَب”!……، حسنًا، وجدتها، وعليه يكون السؤال بهذه الصيغة: تُرى، لماذا كل هذا النجاح لشبكات التواصل؟! لماذا “يتزاحم” الناس عليها إلى هذه الدرجة؟!.
ظنّي: لأنّ الإنسان خُلِق ليَعْرِف، بالدرجة نفسها التي خُلِق فيها ليُعْرَف!.
ـ في رواية “خفّة الكائن التي لا تُحتمل” هذه اللافتة: جميعنا بحاجة إلى شخص ينظر إلينا!. وعليه، يُقسِّم ميلان كونديرا الناس إلى أربع فئات: تبحث الفئة الأولى عن عدد لا نهائي من العيون “الغُفل”، أي تبحث عن نظرة الجمهور!.
ـ الفئة الثانية تضم أولئك الذين لا يطيب لهم العيش من غير جمهرة من العيون المألوفة!. الأشخاص الذين هم من هذه النوعية، لديهم ما يشبه الهوس، بتلبية الدعوات وحضور المناسبات أو إقامتها والدعوة إليها!. كثير من مدمني الجلوس فترات طويلة في الاستراحات هم من هذه النوعية!. وهم، على أي حال، أقرب إلى السعادة، أو هم بالفعل أسعد من أهل الفئة الأولى، ذلك أنّ أصحاب الفئة الأولى، يسكنهم إحساس مخيف، وظن راعب، بأنّ دنياهم ستنتهي، وأنّ لياليهم ستُظلِم، فيما لو أنهم فقدوا جمهورهم.
ـ الفئة الثالثة هي فئة الذين هم بحاجة إلى أن يكونوا تحت بصر المحبوب!. يبدو الأمر هنا أكثر لطافةً، غير أنّ ذلك لا يُقلّل من خطورته!. إنها خطورة حادّة بالفعل، فهذه النوعيّة من الناس تقع، أو يسهل جدًّا وقوعها، تحت سيطرة المحبوب!. تصير فكرة الهجر والفراق، أو تغيّر نظرة المحبوب إلى شخص آخر، فكرة قاتلة حتى لو كانت احتمالات وجودها بعيدة!. شيئًا، فشيئًا، يصير الاستعباد مصير هذه الفئة، وفي كل الحالات هي قابلة للمسخ!. لذلك فإنّ أي ابتعاد للمحبوب عنها، يُفسّر على أنه خيانة تستوجب الانتقام، وغدر يستأهل، على أقل تقدير، تمنّي وقوع الطرف الآخر في شرّ ومكروه!.
ـ وأخيرًا، الفئة الرابعة، والتي تضم، فيما يبدو، عددًا أقلّ من بقيّة الفئات، وهي فئة “الحالمون”!. أولئك الذين يعيشون تحت أنظار وهميّة لأشخاص مُتخَيَّلِين، أو غائبين!.
ـ تقريبًا، وأقول “ تقريبًا” للتّخفيف والتّلطيف ليس إلّا!، في كل واحدٍ منّا تجتمع كل هذه الصِّفات/ الفئات!، وإنما تختلف، ونختلف حسب اختلافها، بالدّرجات والرُّتَب!. تطغى صفات فئة فنُصَنَّف، ونُصَنِّف الناس، بناءً عليها، وإلّا فجميعها موجودة، ومُتداخِلَة!.