|


سعد المهدي
الحكم في الاستديو والميدان
2022-03-12
الاتفاق أن الحكم قد يخطئ في التقدير أو تطبيق مادة من مواد القانون يعني أن “المحلل” بالضرورة يمكن له أن يخطئ أيضًا في قراءته لحالة جدلية أو مفتعلة، وبالتالي على المتلقي أن يتعامل في الحالتين بردة فعل واحدة، فلا يجوز أن يرفع من شأن تعليق المحلل على الحالة، ولا أن يسلم بكل ما يقره الحكم، ففي كل ما ذهب إليه كل منهما نظر.
لو تركنا الذين يعتدون بآراء المحللين وتعليقاتهم على ما يعرضونه من لقطات بحسب ما يتفق مع “هواهم”، أو يأخذون منه ما يعجبهم ويتجاهلون غيره، فإن هناك من المتلقين المهتمين بتفسير منطقي من المحلل “لماذا الحكم اتخذ قرارًا مخالفًا لما يراه المحلل”، وكلاهما يستند إلى مواد قانونية تحكم العملية لا آراء خاصة؟ كذلك أيضًا ما هو التفسير الأقرب لاتخاذ الحكم قرارًا خاطئًا في نظر المحلل، خاصة عندما يردف تعليقه بعبارة “حالة سهلة”، هل يعني أنه “لا يعرف”، أم يعرف ويريد أن “يخطئ”، أم أن الميدان يختلف عن “الاستديو”، أم أننا أمام مباراة “خفية” طرفاها “الحكم” و”المحلل”.
المحللون كانوا يومًا ما يديرون المباريات بالأخطاء نفسها “أقل أو أكثر”، فهل يمكن لهم تقديم كشف حساب لبعضها مع تفسير “لماذا”، وبعضهم ممن على رأس العمل اليوم، غدًا سيخرجون من خلال استديوهات التحليل ليلعبوا الدور نفسه، لكن أقول لجميعهم ألا يمكن الفصل بين الحكم على القرارات “التقديرية “ وما يخالف صريح “القانون”، بحيث يمكن الإشارة إلى أن القرار الذي اتخذه الحكم “تقديريًّا” لا يجوز الحكم عليه بالتقدير الخاطئ عكس ما يخالف صريح القانون.
كيف يمكن لأحد أن يجعل “تقديره” صحيحًا وغيره “خطأ”، يمكن للمحلل أن يقول تقديري الشخصي “كذا” لا أن يقول تقدير الحكم كان “خطأ”، والحقيقة أن تقدير من يدير المباراة ومعه طاقمه المساعد والتقني الأقرب للصحيح من محلل في الاستديو غالبًا يبحث عن حضور، أو قبول أو استرضاء أو فرصة عمل، وهو بعيد عن المساءلة وبإمكانه الرجوع عن رأيه، عكس حكم المباراة وطاقمه الذين لا خيار لهم إلا النجاح في إدارة المباراة.
في هذا الشأن خاصة وقد أخذت قرارات الحكام مساحة تعليق أكبر مما تقدمه أندية الدوري على أرض الميدان، وتناوب المتحدثين عن تضررها في الاستديوهات ووسائل التواصل، أظن أنه أصبح من المهم الالتفات أكثر إلى التدقيق فيما تسوقه الأطراف من حجج وادعاءات، من خلال تحليلها أيضًا وفرزها، لمعرفة ما هو صحيح وما يستوجب المساءلة والعقوبة للمخطئ في قراراته، أو المتجني في ادعائه، حتى يمكن إطفاء الفتنة.