|


عدنان جستنية
مونديال قطر والربيع العربي
2022-12-09
الحق يقال إن ما تحقق في مونديال قطر من نجاح باهر في التنظيم، وفي كل شيء، فاق كل التوقعات، وتجاوز حدود خيالنا ونظرتنا المحدودة للمكتسبات الحقيقية المرئية، التي باتت مفخرة للقطريين، حكومة وشعبًا، ولجميع العرب، عبر ما لمسوه على أرض الواقع من أول يوم أقيمت في هذه البطولة. حيث كانت مبهرة ومذهلة للعالم أجمع.
ـ لعل من أهم وأبرز هذه المكتسبات، التي تحققت للعرب في مونديال قطر، تلك اللحمة العربية، التي ظهرت للعيان في كمية هائلة من الفرح والسعادة عقب فوز المنتخب السعودي على منتخب الأرجنتين، عبر ما تم عرضه من جميع القنوات العربية والأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي، وما صاحب هذا الانتصار من مظاهر احتفالات شعبية، كشفت محبة الشعوب العربية قاطبة للسعودية، قيادة وشعبًا.
ـ كانت هذه البداية والانطلاقة لكمية أخرى من الفرح والابتهاج، التي شجعت المنتخبين المغربي والتونسي على أن يكون لهما أيضًا نصيب من الفرح العربي، ودور يؤكد تضامن ولحمة الشعوب العربية، بعيدًا عما خلفته السياسة من اختلافات وخلافات ظن الكثيرون من أعداء هذه الأمة أنهم قادرون على تدمير علاقة العرب ببعضهم البعض، ليأتي مونديال قطر ليفجر الحقيقة.
ـ فشل ذريع لما كانت تحاول أن تلعبه السياسة بمنافذها الكبيرة والصغيرة كافة، وبشتى الطرق والوسائل، لتعطيل وقتل الحلم العربي، وإحلال البديل، تحت ما سمي بالربيع العربي، الذي كان وما يزال وبالًا على دول تشتت، ونالت من شعوبها الحروب، مخلفة الخراب والدمار والضياع، وبالتالي جاء مونديال قطر مثبتًا بأن العرب أمة واحدة، وأن الرياضة، ممثلة في هذا الحدث الكروي العالمي، نجحت في إظهار الصورة المشرفة لتعاضدهم وتلاحمهم على قلب رجل واحد، عبر مشهد فرح مع كل انتصار لمنتخب عربي.
ـ مظاهر الفرح بكل معانيها، وصخبها، كشفت حجم القهر المكبوت، ليأتي الفوز معبرًا بكل صدق، منفسًا عن مشاعر الشعوب العربية وألم محبوس في صدورها، وكأنه انتصار عظيم لم يتحقق في مباراة، إنما في معركة ضد الظلم وأعوانه من أعداء العرب والخونة.
ـ سيبقى مونديال قطر عالقًا بالأذهان محتفظًا في ذاكرة التاريخ المكسب الأهم الذي تحقق، لعل وعسى أن يتحول تأثيره إلى طاقة إيجابية عند قادة الدول العربية ليجتمعوا في قمة عربية وانتصار عظيم على خلافاتهم وعودة من جديد لتضامن عربي سعت المملكة العربية السعودية على بلوغه وإيجاده على أرض الواقع، وهو حلم عبر عنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في ثلاث كلمات “الشرق الأوسط الجديد”.