|




ظهرت أكثر شدة من اللوائح الأوروبية والدولية في التعامل مع الجماهير .. وبالغت في نقل المباريات والغرامات

/media/iris/27274_31.jpg
إعداد خالد الشايع 2009.10.31 | 06:00 pm

لم تسلم اللائحة الجديدة من نظام العقوبات من الانتقاد.. في أول ظهور لقرارات لجنة الانضباط المستمدة من اللائحة الجديدة كانت مصدر خلافات.. ومن المرجح أن تستمر تلك الخلافات مع كل قرار جديد لها.. ليس لخطأ في تطبيقها ولكن لأنها لم تكن مقنعة في كثير من بنودها.. عدد من الرياضيين انتقدوا في حديثهم مع "الرياضية" اللائحة الجديدة مطالبين بإعادة النظر فيها.. فيما يلي التفاصيل:



مرة أخرى تكون قرارات العقوبات محط انتقاد وعدم رضى.. واتهام بأنها مجحفة وغير منصفة.. بعد خمس مراحل من الدوري قررت لجنة الانضباط في الاتحاد العربي السعودي لكرة القدم معاقبة الهلال والأهلي بعد أن تقاذف جمهور الناديين العلب الفارغة (والتي من الأساس يمنع دخولها إلى الملعب) بنقل أقرب مباراتين لهما لخارج أرضهما.. وتغريمهما عشرين ألف ريال لكل منهما.. مع قرارات أخرى وغرامات مالية إضافية انصبت على الأهلي.
استندت لجنة الانضباط على فقرة في الباب الثالث: المخالفات والعقوبات، القسم الأول منه: الأندية، والتي تنص في المادة 22: مخالفات الجماهير، وفقرتها الثانية: "القذف بأي أداة تجاه الحكام أو اللاعبين أو الإداريين أو الفنيين أو جمهور النادي الآخر أو أي أشخاص آخرين قبل أو أثناء أو بعد المباراة يعاقب النادي بنقل أول مباراة رسمية تقام على أرضه مع ناد من خارج مدينته وغرامة مالية عشرين ألف ريال".
لم تكن قرارات اللجنة الفنية في الاتحاد العربي السعودي القاضية بنقل مباراتي الأهلي ونجران من جدة إلى نجران ومباراة الهلال والفتح من الرياض إلى الأحساء مقنعة لدى القائمين على ناديي الأهلي الهلال.. فهم يعتبرونها كانت أكثر من قاسية.. وتجاوزت العقاب إلى اللعب لمصلحة أطراف أخرى.. فمع أن اللجنة سارت وفق لائحة الانضباط المقرة من الاتحاد ولم تتجاوزها إلا أن الأهلاويين كما الهلاليين يرون أنه كان بالإمكان إنصافهم أكثر خاصة وأن الأحداث التي كانت سببا في العقوبات التي أقرت عليهما كانت بسبب تصرفات جماهيرهما وليست أطرافا رسمية في أي من الناديين.
ومكمن الاحتجاج الأهلاوي الهلالي هو أن القرار كان عقاباً مضاعفاً.. فهو حرم نادييهما من حق اللعب على أرضهما.. ومنح خصميهما فرصة اللعب على أرضهما مع أن اللائحة تنص على أن تكون المباراة في ملعب الخصم.. فنجران والفتح استفادا من عقوبة الأهلي والهلال وهذا أمر غير منصف.. يقول عضو شرف نادي الهلال الفاعل الأمير عبدالله بن مساعد: "نحن لا نعترض على اللائحة.. ولكن اللائحة تقول تنقل المباراة إلى خارج أرض الفريق المعاقب، ولا تقول أن تنقل إلى أرض الخصم.. هنا يستفيد الفريق الخصم وهذا مصدر اعتراضنا على القرار".
ذات المغزى ذهب إليه الأهلاويون الذين شدوا الرحال في المرحلة السابعة لمواجهة نجران في نجران بدلا من جدة.. يعتقد الهلاليون والأهلاويون أن نقل مباريات الفريق المعاقب لأرض الخصم غير منصف ومجحف في حقهم خاصة وأن اللائحة لم تقل أن تنقل المباراة إلى أرض الخصم.. بل كل ما ركزت عليه ألا تلعب على أرض الفريق المعاقب.. وسبب الاعتراض هو أنه بهذا الشكل تمنح الخصم فرصة أن يستفيد من العقوبة.. مع أن من الممكن بكل بساطة نقلها إلى أرض محايدة.. صحيح أن الهلال لم يتضرر من اللعب في الأحساء ودك شباك الفتح برباعية نظيفة.. ولكن الأهلي تضرر كثيراً من اللعب في نجران وخسر منه.. ولكن ماذا لو كان الذي سيلعب مع الهلال هو الاتحاد وليس الفتح وسيقابل الأهلي الشباب أو النصر وليس نجران؟ هنا ستختلف الأمور كثيراً.. يستغرب نائب رئيس نادي الهلال السابق عبدالرحمن النمر أن تمنح لجنة الانضباط فرقاً أخرى فرصة أن تستفيد من قراراتها وتضرر أخرى، ويقول: "تضرر الهلال من نقل مباراته إلى الأحساء.. مع أن اللائحة لا تنص على أن يلعب على أرض خصمه ولكن أن تنقل مباراته خارج أرضه.. هنا أضرت الهلال بشكل مضاعف وخدمت الفتح، وفي نفس الوقت أضرت فرقا أخرى تنافس الفتح كالرائد والقادسية، لو أن الفتح استفاد من اللعب على أرضه وفاز".. ويطالب النمر بأن نستفيد من تجربة الدول الأوروبية التي سبقتنا في عالم الكرة، ويقول: "لا بد أن نستفيد ممن سبقونا كرويا وإدارياً.. لديهم حالات شغب أكبر بكثير من التي لدينا ومع ذلك لا نسمع إلا نادراً بنقل مباراة من ملعبك إلى ملعب الخصم.. للأسف الأندية تتحمل أخطاء التنظيم والقصور الأمني في المدرجات عندما تنقل مبارياتها بسبب حالة تراشق عادية بالقوارير التي لو كان هناك تنظيم أمني جيد لما وجدت داخل المدرجات فهي ممنوعة من الدخول في الأساس ولو أن هناك عازلا أمنيا جيدا لما حدث ما حدث.. في سنة ماضية خسر الهلال كأس الملك لأنه عوقب بمثل هذا القرار غير المنطقي ونقلت مباراته إلى جدة مع الاتحاد.. من الأسلم أن يكون قرار النقل إلى ملعب محايد منعا لاستفادة الخصوم من تلك العقوبة غير المقنعة في نظري.. فما يحدث ليس شغباً يستحق العقوبة القاسية بل أمور بسيطة تحدث بين الجماهير في كل مكان.. ولكن للأسف الأندية هي التي تتحمل قصور التنظيم والجوانب الأمنية".. ويرفض النمر أن تقام المباريات دون جمهور، "لأن هذا الأمر سيفقد المباراة متعتها ويضر بالشركات الراعية للأندية والدوري".



جملة انتقادات



عدا أن اللائحة بشكلها الجديد منحت فرقاً فرصة للاستفادة من عقوبات الآخرين (كما حدث مع الفتح و نجران).. فهي لم تحدد ماذا يعني شغب.. هل رمي القوارير على أرض الملعب يعتبر شغبا تماما كما أن ينزل الجمهور إلى أرض الملعب ويعيق المباراة؟.. وهل نزول خمسة أو ستة لاعبين يعتبر شغبا؟ والأهم كيف تحدد من هو جمهور من؟.. أمور كثيرة مقلقة لمسؤولي الأندية الذين يخشون أن يستغل خصومهم تلك القوانين لمصلحتهم.. في اللائحة الجديدة يكفي أقل من عشرة مشجعين أن يهتفوا ضد الحكم أو على الفريق الخصم بعبارات عنصرية لنقل مباراته المقبلة إلى أرض الخصم، في ظل غياب ما يسمى تدرج العقوبة.. فالعقوبة الأولى هي الأقسى وليس هناك تفريق لأحداث الشغب وتسلسلها، فالعقوبة الوحيدة هي نقل المباراة.. هذا الأمر لا يحدث في أوروبا.. عندما هتف جمهور اليوفنتوس الإيطالي بعبارات عنصرية ضد لاعبي إنتر ميلان ماريلو بالوتيلي كانت العقوبة أن يلعب مباراته المقبلة دون جمهور.. فيما كان قراره على جمهور نادي روما الذي هتف ضد اللاعب ذاته الغرامة بعشرة آلاف دولار، والفرق لأنها ليست المرة الأولى لجمهور اليوفي.. فيما ضرب الاتحاد الدولي fifa بغرامة 30 ألف فرنك سويسري على الاتحاد الكرواتي بعد أن أطلق مشجعو المنتخب الكرواتي هتافات عنصرية ضد المهاجم الإنجليزي (الأسمر) إميل هيسكي خلال مباراة منتخبي إنجلترا وكرواتيا.. في تصفيات كأس العالم.. بينما تنص لائحة الانضباط السعودية في القسم الأول الخاص بالأندية في المادة 22 الخاصة بمخالفات الأندية، الفقرة الثالثة منها: "إشهار أعلام أو لوحات تحمل شعارات عنصرية أو القيام بسلوك عنصري، يعاقب النادي بنقل أول مباراة رسمية له على أرضه مع ناد من خارج مدينته مع غرامة مالية عشرين ألف ريال".. مباشرة تتجه لجنة الانضباط السعودي إلى عقوبة مضاعفة وقاسية.. نقل مباراة وغرامة مالية.
تتكرر عقوبة نقل المباراة مع الغرامة في أكثر من حالة.
عند القذف بأي أداة تجاه الحكام أو اللاعبين أو الإداريين أو الفنيين أو جمهور النادي الآخر.. عند إشهار أعلام أو لوحات أو القيام بسلوك عنصري.. عند وقوع أي اعتداء ضد الحكام أو الإداريين أو الفنيين أو اللاعبين أو أشخاص آخرين أو منشآت الملعب أو وسائل النقل.
في كل مرة عقوبة نقل المباراة تتكرر.. مع أن الاتحاد الدولي fifa اكتفى بالعقوبة المادية على الاتحاد الصربي لكرة القدم عندما قام العشرات من مشجعيه بإيقاد المشاعل وإلقائها على أرض الملعب في مباراتي الفريق أمام النمسا ورومانيا واشتبكوا أيضاً مع مشرفي الأمن في مباراة رومانيا.
كما أوقدوا مشاعل وأطلقوا ألعابا نارية خلال المباراة أمام فرنسا.. وحذرهم بحسم النقاط من رصيدهم إن تكرر الأمر.. ولم يقم بنقل مباراتهم المقبلة من صربيا إلى دولة أخرى مباشرة.. يعتقد رئيس النادي الأهلي السابق أحمد المرزوقي أن من المنطق أن تتم معاقبة الفريق المخالف ولكن شرط أن يكون هو المنظم، ومن الخطأ معاقبة الضيف لأنه ليس المسؤول عن المباراة.. ويشدد على أن دور اللائحة الجديدة هو ضبط النظام حتى لو اختلفت عن اللوائح الدولية الأخرى، ويقول: "هدف اللائحة أن تنظم وتضبط الأمور في الملاعب السعودية.. وخروج بعض الجماهير عن الروح الرياضية والانضباط ليس بجديد على الملاعب السعودية بل هو أمر متكرر وبالتالي لسنا أمام حالات جديدة وهذا الأمر يحتاج إلى عقوبات رادعة.. وأعتقد أن النقل هو القرار المناسب والطبيعي لأنه من المفترض أن يسيطر كل ناد على جماهيره من خلال رابطة المشجعين.. فليس دور رئيس الرابطة مجرد التشجيع فقط بل هو مطالب بأن يوعي الجماهير وخاصة الجماهير صغيرة السن التي لا تدرك أهمية تصرفاتها والضرر الذي سيلحق بها مستقبلاً".



دون تفريق



المعضلة الأساسية أن العقوبة ستكون حاضرة حتى لو كان مرتكبوها فئة قليلة جداً من الجماهير وتعمم على النادي..مما يترك الباب واسعا لاندساس جماهير لا تنتمي للنادي من أجل الإضرار به.. والاستفادة من نقل المباراة التي قد تكون في أرضهم هم.. ولم تحدد نوعية الشغب الذي يستحق العقاب ولم تتدرج في العقوبات أو تفرق بين درجات الشغب أو الهتافات ونوعيتها.. يكشف نائب رئيس لجنة الانضباط عبدالله الناصر أنه ستكون هناك مراجعة للائحة بعد نهاية الموسم لإجراء أية تعديلات ضرورية إن وجدت.. وهو يدافع عن اللائحة التي طبقت هذا الموسم للمرة الأولى بعد تعديل بنودها، ويعتبر من الضروري أن تكون قاسية لتكون رادعة للجميع.. ويقول: "نحن قصدنا أن تكون العقوبات قاسية لأننا نريد منها أن تكون رادعة.. فكلما كانت الأمور قوية كان هناك التزام أكثر..لاحظنا في الفترة الماضية أن هناك استهتارا في الأنظمة واحترام الآخرين.. وهناك ممارسات في الاعلام والصحف والقنوات الفضائية تجاوزت الحد وتتطلب أن تكون هناك أنظمة قوية لضبطها".. ويدافع الناصر الذي يحمل أيضا منصب رئيس لجنة الحكام الرئيسية عن اختلاف لائحة الانضباط الدولية عن المعمول بها في الاتحاد الدولي لكرة القدم وبعض الاتحادات الأوروبية.. ويضيف: "لكل اتحاد محلي حرية اختيار العقوبات الداخلية.. فهي ليست مرتبطة بنظام دولي معين كقانون كرة القدم.. بل هي أنظمة خاصة لكل اتحاد.. ولكن لا يعني هذا أن الوضع القائم هو الصحيح فما زالت اللائحة ناقصة وستكون ناقصة.. ولهذا سيكون هناك مراجعة كاملة للائحة والعقوبات التي صدرت منها والملاحظات التي كانت عليها لتعديل ما يجب تعديله في الموسم المقبل.. ولكن لن يكون هناك أي تعديل وسط الموسم إلا إذا كان أمرا طارئا قويا يستلزم التغيير".
وحول عدم تفريق اللائحة بين درجات الشغب الجماهيري قال: "العقوبة لدينا واحدة.. وسواء كان الشغب كبيرا أو صغيرا فمن في الملعب يتضرر منه.. وعموما أية ملاحظات سنأخذها بعين الاعتبار وسنراجع اللائحة مطلع الموسم المقبل لإجراء أية تعديلات ضرورية عليها".
ويقلل الناصر من احتمالية أن يندس عدد من الأشخاص بين مشجعي جمهور ما للتسبب في عقوبته، ويقول: "هذا أمر مستبعد.. أنا متأكد أنه لا يمكن أن يحدث هذا.. العقوبات الحالية ستجبر الجمهور على أن يكون منضبطا خاصة عندما يرى العقوبة التي وقعت على ناديه".. مشدداً على أنه لا يمكن أن تلعب مباراة دون جمهور لأن هذا الأمر سيضر بالشركة الراعية للدوري، ويقول:" لا يمكن أن نقيم مباراة بدون جمهور لأن هذا الأمر يضر بالشركة الراعية للدوري السعودي ونحن لا نريد أن نلحق بها الضرر".. ويتابع مستغربا من الذين يعترضون على نقل مباراة الفريق المعاقب إلى أرض خصمه بحجة ألا نص على ذلك في اللائحة، "هناك أمور متروكة للاجتهاد.. ولكن لماذا لا ننقل المباراة إلى أرض الخصم؟ نحن نريد من الفريق المعاقب أن يعاني كي لا تتكرر المخالفة منه.. وليس من المنطق أن أنقل المباراة إلى مدينة محايدة".
وفيما يتفق المرزوقي والنمر مع الناصر في أهمية عدم تحميل الشركة الراعية للدوري ضرر أخطاء الأندية، ويقول: "ما ذنب الشركة الراعية كي تقام المباراة بدون جمهور.. وأزيد على ذلك ما ذنب اللاعبين أن يلعبوا دون جمهور.. الجمهور هو ملح المباراة وعدم حضوره للملعب سيقتل المباراة.. أعتقد أن النقل هو الحل الأمثل في هذه الآلية".. يختلفان معه في تأكيداته بأن لا يمكن أن يندس مشجعون من أندية بين جماهير الأندية الأخرى لتثير الشغب من أجل إيقاع عقوبة بها، ويقول النمر: "من الممكن حدوث ذلك.. وهو أمر ليس من المستحيل أن يحدث.. لهذا يجب أن نضع احتياطات أمنية كبيرة وأن يكون هناك رجال أمن كما في أوروبا لا يتابعون المباراة ولا يهتمون بها.. بل يكون كل تركيزهم على الجماهير كي لا تتحمل الأندية أي ضرر من القصور الأمني".. فيما يقول المرزوقي: "هذا أمر قد يحدث ولكن سيكون نادر الحدوث مع الحضور المكثف لرجال الأمن.. هو صعب ولكن قد يحدث.. لا بد أن تتحلى الجماهير بالأخلاق الرياضية وعدم الخروج عن الروح الرياضية كي لا يعاقب ناديها".