اللوعة في قصيدة (نواف)
رثا الأمير نواف بن فيصل فقيد الأمة (سلطان بن عبدالعزيز) رحمه الله بقصيدة تقطر أسىً وحزناً على الراحل الكبير.. نشرت في "الرياضية" يوم الجمعة الماضي، وقد كانت بحق مرثية فريدة في كل شيء.. توقيتها السريع ولغتها السهلة ومفرداتها المتميزة وروعة معانيها والحزن الذي اشتملت عليه.
القصيدة في مجملها فريدة في كل ما احتوته، ولعلي أروي قصة عن بعض الشعراء من القبائل العربية القديمة عندما سئل: ما بال مراثيكم تتفوق على مدائحكم؟ أجاب: نقولها وأكبادنا تتفطر.
نعم لقد قال نواف قصيدته وقلبه وكبده يتفطران، كيف لا وهو الذي افتقد في مدة وجيزة أباه فيصل ووالدته أم فيصل العنود بنت عبدالعزيز بن مساعد ووالده العظيم (فهد بن عبدالعزيز) ثم والدته (منيرة بنت سلطان) وأخيراً جده وعم أبيه ووالده أيضاً (سلطان) ورئيسة الجميع منيرة بنت عبدالعزيز بن مساعد التي تعتبر والدته أيضاً.
فمن يلومه؟ ومن يستطيع أن يتحمل هذا الفقد المتواتر؟ نواف رثا جده سلطان كما لم يرثي أحداً قبل هذا الرثاء، ولذا يجب أن تعلق هذه المرثية ففيها صدق العاطفة وهول الفجيعة وكبر المعاناة.
اقرؤوا معي وتأملوا البيت الأول:
ودعت أبوفيصل وفيصل وارتحل سلطان..
وأمي الحبيبة ودعتني وش بقى ثاني؟
نواف لقد بقي لك الخالق ورب الذين ودعتهم والذين ارتحلوا عنك وهو الذي أعطى وأخذ.
نواف لاتبكي فقد بكا البكاء معك وأبكيتنا كذلك والكل يبكي سلطان.. ولكن البكاء بالنسبة لك لأنه أعقب البكاء بكاء وفي زمن متقارب.
نواف لجوؤك إلى الله إيمان ما بعده إيمان.. وأنت المؤمن الذي تربى في بيت كله إيمان بقضاء الله وقدره.
يا رب اغفر لي ضعيف وبرحمتك طمعان
أنت الرحيم وعلى كل البشر حاني
نواف: إن سلطان لم ينزع ثوبه ليدفئك فقط.. دائماً أدفأ خلقاً كثيراً وواسى أحزان أناس أكثر.
وها أنت تسترسل في أبيات القصيدة بيتاً يعقبه بيت آخر.. ليشرح مآثر الراحل الكبير.
نواف: أتوقع أن تكون وأخوانك وأعمامك وأبناء الفقيد بعون الله ساحله وشطآنه كما قلت.. مع أنه البعيد ولكنه يسكن وجدان كل من يعرف سلطان كما هو ساكن في وجدانك.. لأنه لو غاب كما تغيب الشمس فإنه يطلع كما تطلع النجوم في الليل البهيم.. لأنه من سديم عبدالعزيز الذي بنى هذا الكيان الشامخ.
كما هو المجد لايندثر والكل يتباهى به وسيكون على طول الأزمان كما هو تربيته لك ولجميع أهلك على العطاء والبذل مع أن الجود رباني كما تقول:
ما يندثر مجد تباهى في سناك أزمان
ولا ينتهي منك العطا والجود رباني
كما أن دعاءك له في الختام ولجوءك إلى الله والطلب منه سبحانه وتعالى بأن يغفر له وأن يثبتك بالإيمان الذي هو فيك أصلاً لأنك مؤمن.
وعزاؤك في خادم الحرمين الشريفين جاء في محله.. لأنه أب للجميع وقائد لهذا البلد المعطاء.
عشت يا نواف وعاش فيك الصدق وثبتك بالإيمان ورحم الله جميع أموات المسلمين الذين ماتوا وهم يشهدون لرب العباد بالوحدانية ولنبيه بالرسالة وجعلك ممن يسيرون على نهج الملك المؤسس وأبنائه وأحفاده.
وجعل الله ولي العهد الأمير خير خلف لخير سلف، فنايف وبعون الله سوف يسير على نهج سلطان.. فهما شقيقان مؤمنان ساهما في ترسية هذا الكيان الذي نعيش ونرفل في خيراته، واسلم يا أمير الشباب كما هو أنت الخلف لسلطان الشباب الرجل الذي لايقل عن سلطان الخير عطاء وكرماً ومعرفة.