|


البرامج الرياضية (مزارع خاصة)

2012.03.12 | 03:00 am

قراءة ـ عبدالله القحط



تحولت بعض البرامج الرياضية، التي تأخذ مساحة من الفضاء، وحيزاً من الوقت، إلى "مزارع" خاصة بأصحابها، وأصحابها هنا هم مقدموها، الذين يتحكمون بشكل المادة ونوعيتها، بل وحتى في اختيار ضيوفها وفق رغباتهم وربما مصالحهم. وبشيء من التركيز أثناء المتابعة، سيجد المشاهد أن من ينطبق عليهم هذا الوصف يمارسون علناً تصفية حساباتهم اعتماداً على قناعاتهم بملكية هذه "المزارع"، ويؤدون خلال تواجدهم فيها دور "المعلم"، ولا بأس بالنسبة لهم لو عاشوا دقائق يوزعون ما شاءوا لمن شاءوا، ويمنعون ما يريدون عمن يريدون، في سياق متصل يتراوح بين المدح والذم.



الدور المفقود
لقد تخلت معظم البرامج الرياضية عن دورها المتمثل في إبقاء المتابع على صلة بالأحداث اليومية أو الهامة، ونسي أو تناسى "مالكوها" أهمية التحليل والقراءة الموضوعية لهذه الأحداث، وغابت عن أذهانهم أهمية رأي المتلقي فيما يطرحون، وتمادى بعضهم في محاولة توجيه هذا المتلقي، وكأنه بلا رأي أو حجة تنطلق منها قناعاته.



الجبهة المضادة
كما ظهر على بعض البرامج الرياضية ميلها للتحديات، ونزعتها للخلافات والمصادمات، تارة مع الأندية ومنسوبيها، وأخرى مع الشخصيات الرياضية، ما يوحي بأنهم تواقون لتشكيل جبهة مضادة تسعى لأهداف خاصة، ليس من بينها بكل تأكيد تطور الرياضة وخدمة المجتمع.



ترهّل إعلامي
والمتابع لبعض هذه البرامج منذ إطلالتها، يجد أن بداياتها كانت جيدة، تخدم المصلحة العامة، وترضي طموح المتابع، ولكنها مع الزمن ترهلت وترهل فريق عملها، وربما مع بعض المؤثرات تغيرت أهدافها، فيما ظلت صيغتها وحتى (ديكورها) على ما هو عليه، وانكشفت طبيعة من تستضيف، واستعانت بـ"الكليبات" وفتحت الباب للـ"مهاترات"، فغاب أو غُيّب ما يسمى "الإعداد" بمفهومه العلمي، وتحول المُعد إلى مجرد "منسق" يتابع حضور ضيوف المذيع، وأصبح التقرير يعتمد على "المصوّر" وربما على لقطات مأخوذة رغم أنف الحقوق، وبلا منهجيّة واضحة، ولا هدف محدد يمكن الوصول إليه. ومن بين البرامج الرياضية من يستهدف إرضاء جمهور معيّن، أو أشخاص بحد ذاتهم، ضمن كرم الضيافة الذي تقدمه "مزارعهم الخاصة".



ردُّ الجميل
أما ثالثة الأثافي، فهم "النقاد والمحللون" الذين قد "يحتكرهم" برنامج معين، ليس تبعاً للمهنية والحرفية، وإنما ربما للراحة النفسية بين محلل ما، وبين المذيع "صاحب المزرعة"، أو لاتفاقه معه في توجهات معينة، فتجد في غالب الأحيان أن مقدم البرنامج إذا شن "هجمة عنترية" تجاه نادٍ بعينه، أو شخص ما، سرعان ما ركب الناقد الموجة، وسار على دربه.
فهل هذا هو الهدف من التحليل الفني، والنقد المبني على أسس أكاديمية؟
نحن بالطبع لا نعمم، لأن الجادين متواجدون على الساحة، يعملون في صمت، ويقدمون الخدمة الإعلامية، التي يجب أن يقدمها الجميع.



أنقذوا المهنية
أما ما يأمله المتابع الفطن، وما ينتظره الغيور على إعلام بلده ورياضته، فهو أن ينتبه القائمون على المؤسسات الإعلامية التي تحتضن هذه البرامج لمثل هذه العقول، إن لم يكن من الآن فعلى الأقل من بداية الموسم الرياضي المقبل، فلديهم من الوقت ما يسمح لهم، إن أرادوا، بإعادة صياغة هذه البرامج أو تأسيس أخرى، وفق المهنية أو الحد الأدنى منها.