|


يبيعون (الكلام) في حارة (المذيعين)

2012.05.31 | 03:00 am

برزت في الآونة الخيرة ظاهرة اقتحام بعض الصحفيين لمجال تقديم البرامج الرياضية، وظهروا بشكل متباين، بين من أجاد إلى حد ما، ومن يشعر معه المتابع بالتوتر وربما السأم.. “الرياضية” طرحت هذا الموضوع على عدد من أصحاب العلاقة لتقصي آرائهم من خلال التحقيق التالي:
بداية تحدث مسؤول المذيعين في القناة الرياضية السعودية عادل الزهراني بقوله: “ما يميز الصحفي عن غيره ربما فقط الثقافة وسعة الإطلاع، ولكن هذا لا يكفي لأن يصبح الصحفي مقدم برنامج، فالمقدم يحتاج إلى أدوات ومهارات خاصة، إضافة إلى ما يعرف بالحضور الجيد، ولكن ربما ينجح الصحفي بشكل أفضل في البرامج الحوارية بشكل خاص، لأنه سيستثمر حينها مخزونه الثقافي في محاورة ضيفه”.
وحول المعايير التي يتم الاعتماد عليها لقبول الصحفي كمذيع يقول الزهراني: “عند إجراء مقابلة مع صحفي يرغب في التحول لتقديم البرامج فإن معايير التقييم والاختبار لا تختلف عن غيره، وتتمثل في سلامة اللغة والنطق ومخارج الحروف، لأنها الفيصل في نهاية الأمر”.
وعن مدى تأييده لهذه الظاهرة يقول الزهراني: “أنا أميل في العموم إلى أن يكون المقدم وجهاً جديداً لم يُعرف عن طريق الصحافة، فضلاً عن أن يكون له سابق حضور كناقد، حتى يكون تقبل المتابع من عدمه مرهوناً بما يظهره كمذيع وليس على اعتبارات أخرى في مجال آخر”.
وفي الجانب الأكاديمي المتخصص طرحنا القضية على رئيس قسم الإعلام بجامعة السلطان قابوس الدكتور عبيد الشقصي الذي قال بداية: “صحيح أن العمل الإعلامي في عمومه يتقاطع ويتداخل في بعض جوانبه، فالحوار الصحفي يقابله حوار إذاعي أو تلفزيوني، والخبر الصحفي يقابله خبر إذاعي، وهكذا بالنسبة للتقرير والتحقيق أو ما يسمى بالصحافة الاستقصائية، إلا أن لكل وسيلة صنعتها وطريقتها”، ويضيف الشقصي بقوله: “تبعا لذلك، هناك من يمتلك موهبة الكتابة فيصبح قلمه سيالاً، وهناك من يجيد الحوار والحديث المباشر ولكنه لا يستطيع صف جملتين مفيدتين على بعضهما، والأمر هنا يتعلق بالموهبة من جهة، وبالمهارات المكتسبة من جهة أخرى، ولكن لا يوجد قانون يمنع من تحول أي فريق إلى المجال الآخر ما دامت المواصفات اللازمة متحققة”.

وحول تقييمه لواقع الأمر يقول الشقصي: “المثير في الواقع هو عملية الاقتحام غير المدروسة، أو بعنوة في بعض الحالات، لا لشيء أكثر من المظهر والقدرة على الوصول، أو حتى الرغبة في خوض تجربة جديدة في العمل الإعلامي، وهذا الاقتحام هو ما يسيء إلى الشخص نفسه والوسيلة التي تتبناه معا، فمحافظة الإنسان على لون يبرع فيه أفضل له من تسجيل حضور سلبي في لون آخر، فلاري كنج وتم سبستيان اشتهرا بكونهما محاورين جيدين، وبالتالي فشلهما في لون آخر يأتي بالضرر أكثر من النفع لهما وللوسيلتين اللتين كانا يعملان بها”، ويستطرد الشقصي بقوله: “الأمر ينطبق أيضا على الصحفي الذي عرفه قراؤه كاتباً فذاً ثم يتحول إلى مذيع في الراديو أو التلفزيون دون امتلاك زمام المهارات المرتبطة بالوسيلة، ومنها اللباقة، والبديهة، وسلامة اللغة، والحضور، والثقافة العامة، والقدرة على التعامل مع الميكرفون والكاميرا، ومخارج الصوت، وكلها مواصفات أساسية لإنتاج مذيع ناجح”.
ولمعرفة رأي أحد ممن خاضوا تجربة تقديم البرامج بعد مشوار صحفي، التقت “الرياضية” بمقدم برنامج (ديوانية لاين) على قناة لاين سبورت محمد الشيخ، وهو ممن مارسوا العمل الصحفي فترة قبل الدخول في مجال تقديم البرامج، وسألناه بداية عن الدافع من خوض هذه التجربة فقال: “لقد جاء قرار خوض التجربة بعد تردد من جهة، ودراسة وتمحيص للأمر من جهة ثانية، خاصة أن الأمر قد عرض عليّ منذ العام 2005 من الزميل الدكتور صالح الورثان، وكان حينها في قناة الرياضية السعودية، ولكنني اعتذرت، وبعد قناعتي بنضج تجربتي الصحفية ونصائح من أثق فيهم مع شعوري بامتلاك المعايير الأساسية للمقدم أقدمت على التجربة”، وفي سؤال حول ما إذا كان بريق الشهرة الفضائية هو من يقف خلف تحول بعض الصحفيين للتقديم قال الشيخ: “بالنسبة لي لم تكن هذه التجربة بداية ظهوري الفضائي، فقد كنت ضيفا دائما في كثير من القنوات الخليجية والعربية، كما أن الشهرة تصب في صالح الضيف أكثر من المقدم”.
وحول ما إذا كان قد خضع لاختبارات تقيس قدرته على التصدي للتقديم التلفزيوني في قناة لاين سبورت قال الشيخ: “لم يكن هناك اختبارات بقدر ما كانت تمهيدا وتوطئة لجس النبض، حيث قدمت أستديو تحليلي لمباريات كرة اليد، ومنها تحولت لتقديم برنامج (ديوانية لاين)”. وعن تقييمه للتجارب المشابهة من زملاء صحفيين آخرين قال الشيخ: “تحول الصحفي لتقديم البرامج ليس غريباً، وهناك العديد من الأمثلة، منها ما هو ناجح كتجربة تركي الدخيل وغسان بن جدو ورجا الله السلمي، وهناك منها ما هو مسيء للفكرة بدون ذكر أسماء، وهؤلاء دخلوا من باب العلاقات الشخصية و(الواسطة)، دون أي اعتبار لما يجب أن يمتلكه المقدم من حد أدنى على الأقل من الأدوات والمهارات”.


يبيعون (الكلام) في حارة (المذيعين)

يبيعون (الكلام) في حارة (المذيعين)