|




لا ترفع عقالك يا عثمان ...

2013.02.08 | 03:00 am

هناك عشرات الكلمات والعبارات المقلدة والمستوردة يتناقلها العامة في كل مكان وكل مناسبة.. وأنا لا أدعي أنني أكثر وعياً أو أكثر علماً أو أكثر ثقافة لكنني أضحك حتى تبين تواجدي إذا سمعت أو قرأت كلمات يتم تركيبها بطريقة مبتذلة لا أساس لها ولا قاعدة لها ولا مضمون لها ولا وصف لها سوى أنها بناء مكركب.. كالذي يبني على الطين طابوق.
وليعذروني الكاتب الأنيق والراقي جداً الزميل عثمان أبو بكر مالي ليكون مثالاً ونموذجاً يمكن خلاله أبسط وأستطيع إيصال فكرتي حتى لا أتشعب وأهدر وقت القارئ العزيز بتفرعات لا تسمن ولا تغني من جوع.
فهذا الزميل الكاتب كتب مقالاً في صحيفة الجزيرة أمس الأول بعنوان (ارفع عقالي من جديد)، وقال هذه العبارة: من جديد ارفع عقالي للإدارة الاتحادية وهذه المرة ليس فقط إعجاباً وتقديراً لها ولأعمالها وخطواتها وجهودها، وإنما إضافة إلى كل ذلك صبرها وتمتعها بحلم كبير في مواجهة أوضاع النادي وأحواله ومزاج الاتحاديين المتقلب بما في ذلك بعض الذين يتولون مسؤوليات مباشرة ويعملون معها رسمياً.
انتهى كلام أبوبكر مالي وهو كلام راقٍ لا يكتبه إلا كاتب مليء بالرقي والوعي، ومن مثله تحتاجهم ولا شك الساحة الرياضية الإعلامية.
لكن السؤال هل كلمة (ارفع عقالي) كلمة تصح لما نريد أن نكيل عليهم وابلاً من الثناء والمديح؟..
كان يريد المديح بالتأكيد على طريقة (ارفع قبعتي)، لكنه ربط وتشبيه ما لا يشبه.. وليته كالذي يشبه الماء بالماء.. فإذا قلت لأحد أنك ترفع عقالك له ربما يظن في الوهلة الأولى أن لديك نوايا شريرة وتهم بكل ما تملك من أدوات إلى الدخول معه في معركة حقيقية، وكم من مرة ومرة استخدم السعوديون والخليجيون (العقل) لضرب خصومهم في أوقات يأخذ فيها العقل والحكمة والحلم والتروي إجازة قصيرة.
عقال الزميل أبوبكر مالي رفعه للإدارة الاتحادية وأنا أؤمن كل الإيمان أن عقال أبوبكر مالي لا يمكن أن يرتفع إلا احتراماً وتقديراً كما قال، لكن (مرة أخرى) أنبه الزميل الكاتب أبوبكر أن العبارة خاطئة ومضحكة، فالعقال ليس بدرجة متوازية مع القبعة، والغرب اعتادوا على رفع قبعاتهم لمن يريدون إيصال كلمة امتنان أو شكر لهم.. لكننا نحن الخليجيين ونحن السعوديين بالذات لا نرفع العقل إلا في غايات محددة ليس بينها أبداً ما يفعله الغرب مع القبعة.
وعادة ما يرتكب الإعلاميون مثل تلك الأخطاء، وليس آخرهم الزميل داود الشريان الذي رفع عقاله في إحدى حلقات برنامجه الشهير الثامنة مع داود.
أظن الكتابة الرياضية جزءاً من العملية التثقيفية الإعلامية في الوسط الرياضي فإذا كان من مثل عثمان أبوبكر مالي يرفع عقاله فقط تقليداً لكلمة (ارفع قبعتي).. فبهذه الحالة تكون العملية تحتاج إلى ترتيب أولويات من جديد.. وليس رفع عقل من جديد كما يقول.