نهايـة تراجيديــة للأسطـورة “نور”

2013.04.09 | 06:00 am

لم يكن أحد يتوقع أن تنتهي علاقة أسطورة الاتحاد محمد نور بناديه بهذا الشكل المخيب.. فالأسطورة التي قادت الاتحاد للفوز بـ19 بطولة في 17 عاماً أنهى علاقته مع عشقه بمخالصة مالية أشبه بالطرد.. ولا يتوقع أن يمر رحيل نور عن الاتحاد بهدوء بين جماهير النور العاشقة لأسطورتها التي اقترنت بإنجازات الاتحاد الكبيرة والتي كان دائماً اسم نور الأول فيها. وعلى الرغم من الخلافات التي عصفت بعلاقة اللاعب مع ناديه في الفترة الأخيرة وتجاوزه الخامسة والثلاثين من العمر وهبوط مستواه كان يمكن أن تنتهي علاقة نور بالاتحاد بطريقة تحفظ للنجم الكبير كرامته وما قدمه طوال السنوات الماضية.. خاصة وأن أقل ما يمكن وصف ما حدث بين نور والاتحاد بأنه (نكران صريح).. فلم يحتمل اللاعب الذي يعشق الاتحاد أن يمنح إجازة مفتوحة اعتبرها طرداً غير معلن ففضل أن تكون الأمور أكثر وضوحاً.. وأن ينهي ارتباطه بالاتحاد قصراً.. فيما يلي قصة نور:
منذ أن داعب الكرة للمرة الأولى كان طموح نور أن يكون أفضل لاعب في آسيا.. وكاد أن يكون قريباً من تحقيق ذلك في عامي 2009 و2011 ولكنه أخفق قبل المرحلة الأخيرة.. ولكن حتى مع فشله في الفوز بالجائزة يعتبر الاتحاديون أن نجمهم ابن الـ35 عاما والمولود في مكة المكرمة أبرز لاعبي الاتحاد على الإطلاق وأحد أهم لاعبي الوسط في تاريخ الكرة السعودية.
ولد محمد بن محمد بن نور آدم هوساوي في حارة (يمن) بشارع المنصور بمكة المكرمة .. وسط حارة صغيرة لا يجد سكانها متنفساً لهم سوى زقاق بعرض ثلاثة أمتار وطول500 متر طولي تقريبا كشريان وحيد يصلهم ببقية أحياء مكة وجدة..
هناك برز نور كلاعب موهوب يحب نثر إبداعاته في الملاعب ولم يمض به كثير من الوقت حتى بات القلب النابض للفريق ومحركه الذي متى ما توقف توقف الفريق .. فمنذ عام 1996 ونور يقود وسط الاتحاد كصانع لعب مميز يمتلك حساً تهديفيا جعله ينافس المهاجمين في إحراز الأهداف، والمعروف أنه إذا أبدع نور يبدع كل من معه في الفريق.. وحتى موسمه الأخير الذي لم يكتمل مع الاتحاد سجل خمسة أهداف وصنع هدفين مع أنه لم يلعب كل المباريات كاملة.. فلعب 20 مباراة أكمل تسعاً منها فقط بمجموع 1439 دقيقة لعب.



نور والبطولات
شارك محمد نور في جميع بطولات الاتحاد الآسيوي من عام 99 وحتى 2012 وقاد فريقه لتحقيق 3 بطولات هي: كأس الكؤوس الآسيوية عام 99 ويومها سجل الهدف الثاني في المباراة التي انتهت 3ـ2 أمام جونام دراجونز الكوري، وفاز بدوري أبطال آسيا عام 2004، وسجل الهدفين الثالث والرابع في المباراة التاريخية أمام سيونجنام التي انتهت 5 ـ 0 دوري أبطال آسيا عام 2005 .. وسجل الهدف الثاني من الرباعية القاسية التي مني بها العين الإماراتي وكان خلف الثلاثة أهداف الأخرى... وكان قريبا من قيادة الفريق للفوز باللقب الرابع وسجل هدف فريقه الوحيد أمام بوهانج ستيلرز الكوري الجنوبي ولكن الاتحاد خسر 1ـ2.
وفيما عدا ذلك ساهم نور في تحقيق كل ألقاب الفريق القارية مسجلا 4 أهداف في 3 نهائيات، وهو رقم قياسي من لاعب وسط.
وعربياً حقق نور مع الاتحاد الكأس العربية مرة واحدة فقط .. على الرغم من كثرة مشاركاته فيها.. في عام 2005 حقق العميد البطولة بنظامها الجديد وهو من أحرز هدفي الفوز أمام الصفاقسي التونسي في مباراة لا تنسى ..
وخليجياً شارك نور في البطولات الخليجية للأندية مرتين أعوام 99 و 2001 وكان محمد نور ضمن القائمة .. بطولة عام 99 م تحمل ذكرى خاصة .. فهي البطولة الخارجية الأولى التي يفوز بها الاتحاد.
كما شارك نور في جميع مباريات السوبر أمام الأهلي في القاهرة عام 2002 والتي فاز بها الاتحاد 3ـ2 وأمام الإسماعيلي في جدة وفاز بها الاتحاد 1ـ0 وأمام الزمالك في القاهرة وخسرها العميد بركلات الترجيح 1ـ2 ونال محمد نور جائزة أفضل لاعب في تلك المباراة.
أما أهم المباريات التي خاضها نور مع الاتحاد فكانت عندما قاد الفريق للفوز على الأهلي المصري ونال جائزة أفضل لاعب .. ولكن المشوار توقف عند نصف النهائي أمام ساوباولو البرازيلي وسط أداء اتحادي مميز.



أفضلية نور
يحظي محمد نور بالعديد من الصفات التي تميزه عن غيره فهو لاعب لامع وبارع.. ومتألق إذا كان في مزاج جيد، ولكن مهما كانت الظروف فإن لاعب الوسط السعودي كان دوماً بين صفوة صانعي الألعاب للجيل الحالي في القارة الآسيوية.
ويتذكر الاتحاديون جيدا مباراتهم مع ناجويا الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا عندما قاد الاتحاد للفوز 6ـ2 سجل منها ثلاثة أهداف.. قبل أن يخسر مع فريقه اللقب أمام بوهانج ستيلرز الكوري الجنوبي 1ـ2 وهو سجل هدف فريقه الوحيد.. ورغم الخسارة كان الأبرز في المباراة.
بعد فوز الاتحاد الكبير على ناجويا قال دراجان ستويكوفيتش مدرب ناجويا جرامبوس :" أعتقد أن محمد نور كان نجم هذه المقابلة". وأضاف: "قبل بداية المباراة طلبت من لاعبي فريقي مراقبة مناف أبوشقير وهشام أبوشروان، ولكن محمد نور فاجأني بصورة غير متوقعة من خلال المستوى الذي قدمه".
ومن أجل التعرف على مستوى قدرات محمد نور يمكن العودة إلى مشوار الاتحاد في دوري أبطال آسيا عامي 2004 و2005 حيث ساهم في تحطيم دفاعات الفرق المقابلة وقاد ناديه للفوز باللقب لعامين متتاليين.
ويذكر تاريخ البطولة أن الاتحاد تأخر في الدور النهائي عام 2004 بعدما خسر أمام سيونجنام ايلهوا الكوري الجنوبي 1ـ3 في مباراة الذهاب التي أقيمت في جدة، ولكن نور كان أحد مفاتيح الانقلاب التاريخي في مباراة الإياب على مجمع سيونجنام الرياضي فسجل هدفين وقاد فريقه للفوز 5ـ0.
وفي العام التالي واصل نور التألق فقاد الاتحاد إلى بلوغ المباراة النهائية حيث تعادل ذهاباً خارج أرضه 1ـ1 ثم حقق الفوز في جدة بنتيجة 4ـ2 وكان نصيب نور هذه المرة هدفاً واحداً. وبعد ذلك عانى نور من حدة مزاجه حيث وقعت العديد من الخلافات بينه وبين الأجهزة الفنية في نادي الاتحاد والمنتخب السعودي، وتسبب هذا الأمر في النهاية بتعرضه للإيقاف لمدة عام واحد من قبل الاتحاد السعودي لكرة القدم وتم تخفيض العقوبة بعد ذلك إلى ستة أشهر.
ولكن النجم السعودي عاد من جديد هذا العام ليؤكد تألقه الكبير على المستوى القاري، حيث إنه بات من خلال الأهداف الثلاثة التي سجلها في مرمى ناجويا واحداً من أفضل الهدافين في تاريخ البطولة بمجموع 10 أهداف سجلها خلال 34 مباراة.