|


السائق أنقذنا من الكارثة

2013.06.28 | 06:00 am

بعيداً هناك في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية تقام كأس (فيفا) للقارات، تلك البطولة التي بدأت سعودية الفكرة والولادة والمنشأ والتي أطلقها الراحل الأمير فيصل بن فهد (رحمه الله) وحملت اسم الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز (رحمه الله) واحتضنها الملعب الذي يحمل اسمه في نسخها الثلاث الأولى، فتطورت الفكرة وأصبحت ثاني أهم بطولة منتخبات بعد كأس العالم وصارت تقام في العام الذي يسبق البطولة الأهم للتأكد من جاهزية البلد المستضيف، وقد كان منتخبنا ممثلاً شبه دائم فيها إما بالاستضافة أو تمثيل القارة الآسيوية، ولكننا اليوم نكتفي بممثل سعودي في اللجنة المنظمة للبطولة الدكتور حافظ المدلج عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد الآسيوي لكرة القدم والذي حاورته «الرياضية» من هناك من البرازيل ليتحدث عن أهمية هذا التواجد السعودي والذي يمثل عنصر نجاح وتواجد للكوادر السعودية على المستوى العالمي وهو بذلك الممثل الخليجي الوحيد الذي يتولى مهام قيادية وإشرافية باسم الاتحاد الدولي لكرة القدم وهو بذلك واجهة مشرفة لكرة القدم السعودية والخليجية والعربية.
ـ كيف ترى اختيارك لرئاسة وفد (فيفا) في كأس القارات الأخيرة؟ وكيف تم ذلك؟
أعتقد أن الاختيار يعد تكريماً للمملكة العربية السعودية التي يحمل لها الاتحاد الدولي (فيفا) ورئيسه «بلاتر» كل تقدير واحترام، حيث كان لا يفوّت فرصة دون الإشارة إلى مكانة السعودية في قلبه وعقله، ويقيني أن اختيار شخصي المتواضع لرئاسة وفد (فيفا) في مباراة الافتتاح بالعاصمة «برازيليا» وبعد ذلك رئاسة وفد (فيفا) لمدة اثني عشر يوماً في مدينة «فورتاليزا» حيث مباراتين هامتين جمعتا البرازيل بالمكسيك وأسبانيا بنيجيريا بالإضافة إلى مباراة نصف النهائي التي ستجمع أسبانيا بإيطاليا يعتبر تشريفاً وتكريماً للبلد الذي ولدت فيه البطولة.
ـ ماذا يعني هذا الاختيار بالنسبة لكرة القدم السعودية؟
الاختيار يحمل دلالات كثيرة أهمها المكانة المميزة للمملكة العربية السعودية منشأ البطولة، ثم إن الشباب السعودي قادر على تحمل مسؤوليات كبيرة وكسب ثقة (فيفا) إذا أتيحت له الفرصة لأن في ذلك امتداد لتجربتي في كأس العالم الماضية في جنوب أفريقيا، كما أن الأمر الأهم مرتبط بتواجد السعودية في محفل عالمي كبير غاب عنه المنتخب السعودي.
ـ هل هناك شخصيات عربية أو خليجية أو آسيوية معك هناك وتتولى مهام عليا؟
على الصعيد العربي يرأس لجنة المسابقات بالبطولة الصديق العزيز «مصطفى فهمي» من مصر العربية، أما آسيوياً فعادة يتواجد في البطولة أعضاء اللجنة التنفيذية بالاتحاد الدولي (فيفا) حسب رغبتهم وحتى الإجابة على هذا الحوار لم أشاهد سوى الصيني «جي لونج»، كما يشرف على ملعبي برازيليا وسلفادور مدير إدارة المسابقات بالاتحاد الآسيوي «ونسور جون» من ماليزيا.



ـ ما هي الاستفادة المرجوة من المشاركة في مثل هذه المحافل الدولية وكيف يمكن الاستفادة منها؟
هناك ثلاث فوائد واضحة وأخرى يمكن توضيحها، فأولاً المشاركة في المحافل الدولية تعتبر أهم منصات التواصل مع العالم، ففي (فيفا) قيادات رياضية من مختلف أنحاء العالم والتواصل معهم يعتبر أساساً في تطوير الرياضة السعودية، وثانياً تعتبر المحافل الدولية بمثابة ورشة عمل أو دورة تدريبية يتعلم فيها الممثل السعودي دروساً جديدة كل يوم وعليه أن يستوعب تلك الدروس ويزيد من رصيده المعرفي من خلال البحث عن المعلومة والشغف بالتعلم، وثالثاً يأتي نقل المعرفة كأهم مكتسبات المشاركة، وليس سراً حين أقول إنني قد أعطيت كل ما عندي من معلومات للاتحاد السعودي ورابطة دوري المحترفين التي يمكنني القول إن أغلب ما تحقق فيها كان نتيجة النقل المعرفي الذي قدمته مع الزميل محمد النويصر بعد مشاركات عديدة في محافل دولية. وبالتأكيد هناك فوائد أخرى يمكن اختصارها في وجود اسم المملكة العربية السعودية في أوراق البطولة وتاريخها وفتح المجال لسعوديين آخرين للمشاركة في محافل قادمة، وغيرها من الفوائد التي أتمنى أن تنعكس إيجابيا على كرة القدم السعودية.
ـ التمثيل السعودي يصل لمناسبات دولية كبيرة وبمهام عليا ومع هذا مازلنا نكرر أن لدينا أزمة في التمثيل لماذا هذا التناقض؟
في مجتمعنا الرياضي من يتخصص في جلد الذات والتركيز على الجزء الفارغ من الكأس، وفي رأيي المتواضع أن من يقوم بذلك يؤثر سلباً على رياضتنا من جهتين، الأولى أنه يحبط العاملين الحاليين في المجال الرياضي بحرمانهم من حقهم الطبيعي في التقدير على الجهد والوقت الذي يبذلونه لتمثيل الوطن في ظروف صعبة أحياناً، والثانية في إرهاب الكوادر التي تنوي الدخول للمجال الرياضي وربما يبتعدون عنه خوفاً من سهام المحبطين التي لا ترحم وبذلك يخسر الوسط الرياضي كوادر مميزة كان يمكن لها أن تدخل وتصنع الفارق ولكنها ابتعدت رهبة وخوفاً من تلك القسوة. ولعلي لا أضيف جديداً حين أقول إن التمثيل السعودي مر بثلاث مراحل: مرحلة الأمير فيصل بن فهد حيث كان بشخصيته ونفوذه وعلاقاته قادر على تطويع الاتحادات الدولية والقارية من مكتبه بالرياض بمساعدة رجال يستمدون قوتهم منه مثل الراحل البطل «عبدالله الدبل»، ولعل تنظيم كأس العالم للشباب وابتكار كأس القارات خير دليل على قدرات الأمير فيصل بن فهد، ثم جاءت مرحلة الأمير سلطان بن فهد والتي ركزت على البناء المؤسساتي للمنظومة الرياضية فكانت بدايات الانتخابات وتغيير جلد الرياضة السعودية وهي مرحلة هامة جداً تؤسس لما بعدها بنهاية مرحلة البطل الوحيد، فعرفت الرياضة السعودية في هذه المرحلة شخصيات رياضية جديدة تم فتح المجال لها ومنحها الصلاحيات لتعمل من أجل التمهيد للمرحلة الثالثة التي أدارها الأمير نواف بن فيصل، حيث تخلى الأمير الشاب عن اتحاد القدم بقرار الانتخابات الكاملة وبدأ غربلة كاملة في أوراق الرياضة السعودية بفتح الباب للمزيد من الشباب وابتعاث العشرات للدراسة المتخصصة في الخارج للعودة بإذن الله لقيادة رياضة الوطن. والتمثيل الخارجي يتماشى مع تلك المراحل ولذلك أتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة الكثير من القيادات السعودية في المناصب والمحافل الدولية بإذن الله.
ـ كيف تصف لنا التجربة البرازيلية وهل حققت البطولة أهدافها حتى الآن؟
برأيي أن تنظيم البطولة قبل كأس العالم بعام في نفس البلد يعتبر فكرة عبقرية للتعرف على الاستعدادات وكأنها دورة مصغرة من ثمانية منتخبات للتحضير للبطولة الأكبر التي يشارك فيها اثنان وثلاثون منتخباً، ولكن الخطأ يحدث في حال تعاملت معها الدولة المنظمة باهتمام أقل مما قد يعرض سمعة المستضيف للخطر، والحقيقة أن هناك علامات استفهام كبيرة على الترتيبات الأمنية حيث تعيش البرازيل حالة فوضى لم يسبق أن مرت بها البلاد خلال العقود الماضية ويرجح أن الشعب الغاضب قد اختار هذا الوقت الذي تتركز فيه الأنظار على البرازيل ليلفت نظر العالم لمشاكل الأمن والصحة والتعليم والمواصلات والفساد المرتبط بالمبالغة بالإنفاق على تكاليف تنظيم كأس العالم، وقد تعرضت لموقف خطر حين كنت في طريق الكورنيش ذي الاتجاه الواحد في سيارة (فيفا) ففوجئنا بمظاهرة في الاتجاه المعاكس قادمة ولا يفصلنا عنها سوى عشرات الأمتار ولكن بفضل من الله ثم بدعوات المحبين كانت ردة فعل السائق سريعة بالدخول إلى شارع فرعي على اليمين لم يكن هناك غيره حيث البحر على يسارنا والمظاهرة أمامنا فنجونا بحمد الله من كارثة كانت ستقع لي ولمراقب الحكام «بلعيد لاركان» من الجزائر.