الغامدي في مفترق طرق

أصبح لاعب الفريق الأول لكرة القدم بنادي النصر خالد الغامدي مادة دسمة لوسائل الإعلام من خلال عدم تجديده لعقده مع ناديه حتى بعد دخوله الفترة الحرة بجانب الأحاديث التي تؤكد اتفاقه بالتوقيع مع الهلال، بينما يردد النصراويون أن لديهم اتفاق مع اللاعب بعد أن وافقوا على طلباته، وإن قل الحديث الآن عن قضيته بسبب المباريات الحاسمة لفريقه في الدوري فقطعاً ستشهد الفترة المقبلة ضجة كبرى حوله مثل ما حدث لحظة توقيعه للنصر قادما من القادسية.
البداية بالقادسية
اشتهرت المنطقة الشرقية بإمداد الكرة السعودية بالمواهب الشابة خصوصاً قطبا المنطقة القادسية والاتفاق ولعل خالد الغامدي والمولود بمدينة الجبيل في الثامن والعشرين من شهر مارس لعام ١٩٨٨م هو أحد تلك المواهب فبدأ من نعومة أظفاره في صفوف نادي القادسية بفئة الناشئين وتدرج حتى الفريق الأول وكان يلعب في الجبة اليمنى، وفي موسم ٢٠١٠ـ٢٠١١م برز بشكل كبير وأصبح مطمعاً للعديد من الأندية أبرزها الهلال والنصر إلا أنه فضل تقديم طلب احتراف لناديه القادسية حسب النظام المتبع ولم يرد عليه ناديه إلا بعد انتهاء مدة الطلب مما جعله يبحث عن مخرج آخر ليستطيع التوقيع كلاعب محترف في أحد الأندية العاصمية الكبيرة خصوصاً وأن التوقيع لصالح القادسية سيقلص من حظوظه في تحقيق حلمه.
غيّر اللوائح
ما لايعرفه البعض أن خالد الغامدي كان سبباً رئيسياً في تغيير لوائح الاحتراف بالاتحاد السعودي إبان رئاسة الدكتور صالح بن ناصر حيث قضت حادثة الغامدي على العبارة المشهورة في الكرة السعودية " كوبري" حين كان اللاعب الهاوي يستغل ثغرة في نظام الاحتراف ويوقع لناد خارجي ثم يعود لأحد الأندية الكبيرة في نفس الشهر ليوقع دون أن يستفيد ناديه الأصلي من أي قيمة مالية، إلا أن نادي القادسية لم يسكت حينها فقد أكد أنه قدم للغامدي ثلاثة عروض إلا أنه تفاجأ بمغادرته إلى سويسرا وتوقيعه مع نادي (إف سي ويل) بعد تجربة غير ناجحة للتوقيع مع نيوشاتل الأمر الذي يضر بالقادسية كون اللاعب سينتقل دون إذن ناديه ودون أن يستفيد مادياً، ومع الضغوطات الكبيرة قامت لجنة الاحتراف بتعديل اللائحة خصوصاً في الفقرة التي تخص اللاعبين الهواة، وبالفعل تم إقرار بأن اللاعب الهاوي حين يوقع لناد خارج السعودية فإنه لايحق له العودة قبل سنتين من مغادرته أو بموافقة ناديه وهو الأمر الذي قضى تماماً على مصطلح "كوبري" في الكرة السعودية.
قصة انتقاله
لا يخفى على أحد أن علاقة الغامدي بالنصر مثل علاقة أي لاعب آخر مع ناديه بل كان عاشقا نصراوياً منذ الصغر ومعجب جدا بالأسطورة ماجد عبد الله وكان حلمه بأن يمثل النصر وأن يحقق معه الإنجازات، إلا أن العلاقة ما بين النصر وبين القادسية خصوصاً في رئاسة الأمير فيصل بن تركي للأول كانت مميزة ورائعة بين الإدارتين، وحين أعلن الغامدي توقيعه مع نادي أوف سي ويل السويسري ظهر في عدد من البرامج الرياضية وقال إنه كلاعب يطمح للاحتراف الخارجي ولايفكر نهائياً باستخدام كوبري للتوقيع مع ناد معين إلا أن الواقع كان يكذب الغامدي، فسرعان ما أعلن نادي النصر توصله لإتفاق مباشر مع اللاعب للانضمام لصفوفه في أغسطس من عام ٢٠١١م حينها طالب القادسية بأن يشمل القانون الجديد الغامدي وألا يستطيع التوقيع مع النصر إلا أن الوثائق للتوقيع كانت في تواريخ متقدمة عن القرار وكعادة الأمير فيصل بن تركي فقد فضل إكرام القادسية وقام بدفع مبالغ مالية بمثابة قيمة انتقال اللاعب وهو ما وجد ترحيباً من إدارة القادسية ووافقوا على انتقاله.
مشوار ناجح
الموسم الأول للاعب مع النصر لم يكن على مستوى الطموح حيث لعب في الدوري ٢٠ مباراة كأساسي من أصل ٢٦ ولم يسجل أي هدف وصنع هدفاً واحداً فقط، ويأتي ذلك لأن الفريق بأكمله لم يكن جيدا حيث أنهى الموسم في المركز السابع بسبب أزماته الفنية، وتناوب على تدريبه ثلاثة مدربين وهم جوستافو كوستاس وعلي كميخ وفرانسسكو ماتورانا، إلا أن ما يحسب للغامدي هو احتلاله للمركز الأول من خلال عدد دقائق اللعب في ناديه في ذلك الموسم حيث لعب ١٨٢٨ دقيقة ووصل الغامدي في ذلك الموسم معه إلى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين إلا أنه لم يستطع الظفر بها من أمام الأهلي.
وفي الموسم الثاني تراجع مستواه بعض الشيء وقدم موسماً عادياً كأي ظهير فلم يستطع إلا صناعة هدفين فقط مع تراجع كبير في المستوى الدفاعي خصوصاً في ظل عدم التفاهم ما بينه وبين شوكت المدافع مليجانوف الذى كان يلعب بجانبه، لكنه استطاع الوصول مع الفريق إلى نهائي كأس ولي العهد ولم يشارك في المباراة بسبب الإصابة.
وفي الموسم الحالي والثالث له مع النصر قدم الغامدي نفسه بصورة مغايرة عن سابقتها وكان مميزاً في النواحي الهجومية والدفاعية حيث استطاع صناعة أربعة أهداف بالرغم من غيابه عن بعض المباريات بسبب الإصابة أو مؤخراً بسبب الإبعاد من الجهاز الفني وحصل على الإنجاز الأهم كأس ولي العهد إضافة إلى اقترابه من لقب دوري عبداللطيف جميل.
إصابات
يعتبر خالد الغامدي أحد اللاعبين الحريصين على تقوية بنيته الجسمانية فلذلك نادراً ما يحرج فريقه بالغيابات الطويلة بسبب الإصابة سوى العضلية التى تعرض لها مرتين بتدخل عنيف من المنافسين، كانت الأولى في منتصف موسم ٢٠١٢م بعد تدخل عنيف من أحد لاعبي الفتح سبب له كدمة قوية بعظمة الساق اليسرى ليغيب ثلاثة أسابيع، وكانت الإصابة الثانية في صيف الموسم الحالي أثناء استعدادات النصر للدوري في مواجهة ودية من أمام الشباب حين أصيب بتمزق من الدرجة الثانية في عضلة الساق اليمنى غيبته أيضاً لثلاثة أسابيع وحرمته من المشاركة في الجولة الأولى من الدوري.
مشاكل
يعتبر الغامدى مقلاً في الظهور الإعلامي إلا أن مشاكل عقوده تبقى وجبة دسمة لوسائل الإعلام، ففي عقده الأول مع النادي السويسري والنصر كان متصدراً للأحاديث ومع انتهاء عقده والبحث عن عقد جديد أيضاً يتصدر الغامدي الأحاديث الإعلامية، وإن دل ذلك فإنه يدل على سوء الإدارة التي تواجه اللاعب من خلال اعتماده على وكلاء أعمال لم يستطيعوا أن يذللوا الصعاب له ففي المرحلة الحالية أبعد الغامدي عن المشاركة مع فريقه النصر بسبب المشاكل التي أحدثها وكيله مع النادي.
مصير مجهول
يتمسك نادي النصر باتفاقية ملزمة ما بينه وبين اللاعب حينما قدم الأخير عن طريق مكتب وكيل أعماله غرم العمري خطاباً اشتمل على الطلبات التي يريدها من النصر مقابل تجديد عقده وقد وافق عليها النصر وهو الأمر الذي يعتبر اتفاقاً ملزماً إلا أن الغامدي ووكيله تراجعا عن بعض الطلبات بعد موافقة النصر، ويبحث العمري الآن مع عديد من المحامين عن مخرج لهذا الاتفاق حتى يعتبر غير ملزم، وكان رئيس النادي الأمير فيصل بن تركي أكثر حكمة حين قال في مداخلة تلفزيونية لقناة العربية " إذا أراد الغامدي الخروج من النادي فعليه أن يخبرني غداً لألغي تلك الاتفاقية " إلا أن الغامدي لم يأت ويخبره برغبة الرحيل وتواترت أحاديث إعلامية عدة بأن الغامدي قد اختار فعلاً التوقيع لنادي الهلال وهو الأمر الذي يحق له كونه دخل الفترة الحرة من العقد إلا أن وكيل أعماله طلب إرجاء التوقيع حتى يجد حلاً للاتفاقية التي قدمها للنصر خوفاً على اللاعب من الإيقاف لسنة كاملة حسب الأنظمة واللوائح حيث يكون حينها قد وقع لمصلحة ناديين.
ولعل الغامدي هو الخاسر الأكبر من هذه الصراعات حيث أبعد أولاً عن مشاركته مع فريقه بسبب الغياب الذهني وتفكيره بالعقد مما أدى إلى انخفاض مستواه في المباريات الأخيرة إضافة إلى تسرب أنباء داخل البيت الهلالي بتراجعهم عن التوقيع مع الغامدي.
وهذا الوضع جعل شعبيته تتراجع لدى أنصار النصر كونهم يتهمونه بالمماطلة في التوقيع بالرغم من موافقة الإدارة على طلباته، مطالبين إياه بأن يكون زملاؤه اللاعبون قدوة حسنة له في عدم مساومتهم أثناء التجديد، وقطعاً سيكون انتقاله للند الهلال ضربة موجعة للنصراويين.