حي مولينبيك البلجيكي ينفض غبار الإرهاب في بطولة يورو 2016
عانى حى مولينبيك البلجيكى ، منذ الهجمات الإرهابية التي شهدتها العاصمة بروكسل في مارس الماضي ، من تصويره في وسائل الإعلام على أنه معقل الإسلاميين.
بيد ان هذا الحي الذي يغلب عليه الطابع العربي معروف لسبب آخر ألا وهو كرة القدم.
ويامل سكان الحي أن يظهر المنتخب الوطني البلجيكي بعض الجوانب الإيجابية عن تلك المنطقة من خلال بطولة كأس الأمم الأوروبية (يورو 2016) المقامة حاليا بفرنسا.
وقد اكتسب الحي ، بسبب الإرهاب والغارات، واطلاق النار المتبادل عبر شوارع مولينبيك في بروكسل ، سمعته السيئة في جميع أنحاء العالم خلال العام الماضي حيث بات يوصف بأنه "نواة" أو "الأرض الخصبة" للإرهاب في أوروبا.
وبالنسبة للمقيمين في مولينبيك الذين سئموا من السمعة السيئة التي اكتسبها مجتمعهم، تعد يورو 2016 التي تستضيفها فرنسا المجاورة، افضل ما يمكن أن يحدث في مثل هذا التوقيت لتحسين سمعة منطقتهم.
وقد بعث انتماء العديد من كبار لاعبي بلجيكا إلى الحي المعروف بأنه "منطقة المشاكل" ، الأمل في نفوس السكان المحليين في أن تظهر مولينبيك بوجه خاص ، وبلادهم بشكل عام، في صورة أكثر إيجابية، خلال أدائهم في البطولة الأوروبية .
ويعد المنتخب البلجيكى ، الشهير بوصف"الشياطين الحمر" من بين الفرق المرشحة للفوز ببطولة يورو 2016 رغم خسارتها من ايطاليا في الجولة الاولى.
وتخوض بلجيكا اليوم السبت مباراة"حياة أو موت" فى مواجهة ايرلندا، يتعين عليه الفوز بها لمواصلة مشواره في منافسات البطولة الاوروبية ضمن المجموعة الخامسة.
وفي الوقت الذي يبدو فيه ان بلجيكا ستفيق وتنفض الغبار عن نفسها لتعويض خسارتها أمام ايطاليا، فإن كل شيء بات هادئا في يوم مطير ملبد بالغيوم في مجتمع مولينبيك الذي يغلب عليه الطابع العربي على أطراف البلدة القديمة في بروكسل.
وأضفت صفوف المنازل المصنوعة من الطوب غير المزخرف وأكياس القمامة العديدة المكدسة أمام أبوابها الأمامية كآبة على الصورة الكئيبة أصلا.
وقال فرانسوا فرير، الذي بدا منزعجا عندما سئل عن مولينبيك :" انها مجرد مسألة وقت حتى يعتقلون الآخرون.
واضاف الشاب البالغ من العمر نحو 20 عاما أو يزيد ، قبل أن يختفي داخل أحد تلك المنازل الضيقة المصنوعة من الطوب :" نأمل أن تبقى الأمور هادئة هنا خلال بطولة الامم الاوروبية عام 2016 ..سيكون الأمر جيدا للمنطقة".
ويظهر ضباط الجيش والشرطة المدججين بالسلاح كل بضعة أشهر، ليعتقلوا أشخاصا مثل صلاح عبد السلام، أحد الذين يعتقد أنهم وراء الهجمات التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس في نوفمبر والذي كان وقتها واحد من أكثر المتهمين بالإرهاب المطلوبين في أنحاء أوروبا.
ويبدو أن حمى يورو 2016 التي اجتاحت جميع أنحاء القارة الأوروبية أصبحت مفقودة بشكل واضح في مولينبيك، حيث ظهرعلى أحد البارات اكليل زهور بالألوان الوطنية البلجيكية الأسود والأصفر والأحمر. ويظهر في احدى محطات المترو ظهر أحد الملصقات حاملا هاشتاج "معا جميعا" أو "الوحدة قوة"، شعار الفريق البلجيكي.
وترفرف الأعلام البلجيكية من بعض النوافذ، ومن بينها أحد المباني الجاهزة بالقرب من ملعب سيبلبرج حيث يتعلم لاعبو كرة القدم الشباب، ذكورا وإناثا، قواعد اللعبة وكذلك المهارات الحياتية.
ولاتبتعد الفكرة"الاسلامية" كثيرا عن مجالات التدريب، حيث يتولى مدرب الشباب عز الدين القيام بهذه المهمة من واقع تجربته شخصية.
وقال عز الدين لدويتشه فيله :" قبل خمس سنوات، اقترب مني بعض الاشخاص هنا في مولينبيك، وطلبوا مني الذهاب إلى سورية" ولكن والديه والإمام الذي يتبعه طلبوا منه البقاء.
واعتادت كبار الأندية البلجيكية مثل"أر اس سي أندرلخت" منذ زمن طويل إرسال مكتشفي المواهب إلى الحي الذي يعج بالمشاكل.
وقال جان كيندرمانز مدير قسم الشباب بفريق اندرلخت مؤخرا لصحيفة فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج الألمانية:."إن مولينبيك مثل محيط يزخر بالمواهب".
ومن السهل على النادي الذي يحظى بشعبية جارفة في تلك المنطقة اكتشاف المواهب التي تقطن الضاحية ، كي يصنع منها شيئا ما .
وخير مثال على ذلك روميلو لوكاكو الذي تمكن من شق طريقه للخروج من ذلك الحي الذي يعج بالمشاكل عبر لعبة كرة القدم.
فهذا اللاعب الذي يلعب في مركز الهجوم والمتعاقد حاليا مع نادي ايفرتون في الدوري الانجليزي لكرة القدم نشأ وترعرع في مولينبيك ويمتلك منزلا هناك حسبما أفادت احدث التقارير.
ومع ذلك فقد افادت منابر إعلامية انجليزية بأنه يسعى إلى بيع العقار - بسبب المداهمات الارهابية المتعددة.
ويعد "فينسنت كومباني" مثالا آخر لنجم سوبر ستار من الحي الذي يبلغ تعداد المقيمين فيه نحو 100 ألف نسمة.
وعلى الرغم من أن قائد فريق الشياطين الحمر الحالي لايشارك في بطولة يورو 2016 بسبب اصابة عضلة، فإنه لا يزال يتمتع باحترام واسع النطاق في الحي.
وإذا سألت أي شاب من شباب المنطقة عن لاعبه المفضل فإنه وبشكل يكاد يكون حصري سيخبرك بأنه "فينسنت كومباني" مدافع مانشستر سيتي.
وفي أواخر العام الماضي، دافع "كومباني" عن الحي الذي تردد انه منبع الأنشطة الإرهابية قائلا لصحيفة الاندبندانت البريطانية اليومية إن مولينبيك "ليس المكان الذي أظهرته وسائل الاعلام على هذه الهيئة" .
وقال إنه تم إهمال الحي منذ "فترة طويلة جدا" وهذا هو السبب في انه "من السهل جدا" على الاشخاص الانحراف عن الطريق الصحيح دون أن يلاحظ ذلك أحد.
ولا يكاد يكون هناك شعار أكثر ملاءمة من شعار " معا جميعا " لسكان مولينبيك خلال بطولة يورو .2016
وقال محمد عطشاوي ، أحد سكان المنطقة أثناء انتظاره في محطة السكك الحديدية، قلها على هذا النحو:"إن كرة القدم تقوي شعورنا القومي وخصوصا قاطني هذا الحي..انها تجمعنا مرة اخرى ونأمل أن ننسى قضية الإرهاب ... على الأقل خلال الأسابيع المقبلة".