|


أيمن سعد : أولمبياد ريو جرس إنذار وحافز للسباحة العربية

ريو دي جانيرو ــــ د ب أ 2016.08.17 | 02:49 pm

أكد أيمن سعد خبير السباحة الدولي عضو اللجنة الفنية بالاتحاد الدولي للسباحة (فينا) أن السباحة العربية تحتاج لمنظومة يمكن من خلالها نقل المواهب والمهارات من طور المشاركة والتمثيل المشرف إلى مرحلة المنافسة.
وأوضح أنه يجب ألا يقسو أحد على السباحين العرب بعد النتائج التي تحققت في دورة الألعاب الأولمبية الحالية (ريو دي جانيرو 2016) لأن السباحين والسباحات قدموا كل ما باستطاعتهم، وحققوا نتائج في مجملها جيدة في إطار منظومة عمل السباحة الحالية.
وأوضح سعد أن المنظومة العلمية للسباحة هي الوحيدة التي يمكنها الكشف عن المواهب وتطويرها بدلا من الاعتماد على الحظ والمصادفة في اكتشاف بعض المواهب أو تحقيق النتائج.
وكانت الميداليات الثلاث التي أحرزها السباح التونسي أسامة الملولي في الدورتين الأولمبيتين السابقتين (بكين 2008 ولندن 2012) والميدالية الذهبية التي أحرزها السباح المصري أحمد أكرم في أولمبياد الشباب 2014 والمركز الرابع الذي احتله في بطولة العالم الماضية في كازان مصدر تفاؤل بأن تترك السباحة العربية بصمة خلال أولمبياد ريو.
ولكن مع اختتام فعاليات السباحة أمس الثلاثاء بسباق ماراثون المياه المفتوحة لمسافة عشرة كيلومترات ، لم تظهر هذه البصمة بشكل ملموس حيث غاب السباحون العرب عن المراكز الأولى وعن صراع الميداليات.
وفي مقابلة ، مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) ، أكد المصري أيمن سعد أنه لا يجب ذبح السباحين أو انتقادهم بقسوة في الفترة المقبلة لأن الدورة الأولمبية محفل عالمي ودولي كبير والمنافسة فيه على أعلى المستويات.
وأشار سعد إلى أن السباحين العرب قدموا مشاركة جيدة في هذه الدورة الأولمبية رغم عدم تحقيق ميداليات أو مراكز متقدمة، واقتصار التأهل للأدوار النهائية على السباحة المصرية فريدة عثمان التي بلغت الدور قبل النهائي في سباق 100 متر فراشة نظرا لمشاركتها للمرة الثانية في الدورة الأولمبية واكتسابها الخبرة.
وأوضح سعد أن السباحة العربية والمصرية خاصة تمتلك حاليا عددا من المواهب التي تحتاج فقط إلى العمل في إطار منظومة لتحقيق النجاح في السنوات المقبلة.
واسترشد سعد على ذلك بموهبة السباح أحمد أكرم وزميله مروان القماش الذي حقق مركزا أفضل من أكرم في تصفيات سباق 400 متر علما بأن أكرم لم يسجل رقمه الشخصي في سباق 1500 متر، واحتل المركز الحادي عشر وهو مركز جيد ولو سجل رقمه (14 دقيقة و53 ثانية ) كان سيتأهل لنهائي السباق لأنه كان سيصبح في المرتبة السابعة خلال التصفيات وقد يكون عدم تسجيل رقمه بسبب الضغوط الواقعة عليه إضافة إلى أنها المشاركة الأولى في الدورات الأولمبية له ولعدد من السباحين المصريين والعرب.
وأشار سعد إلى أن القماش من المواهب الرائعة التي تحتاج للرعاية والاهتمام لأنه قادر على تحقيق نتائج رائعة في المستقبل.
وأضاف : "هناك أيضا السباح الموهوب علي خلف الله الذي لا يحظى بالاهتمام أو التركيز رغم مستواه الرائع حيث قدم سباقا رائعا في 50 متر حرة وحقق رقما مصريا جديدا في هذا السباق بأولمبياد ريو ويستطيع أن يكون من نجوم المستقبل بشرط الاهتمام به".
وأشار سعد إلى أن أكرم مشروع بطل عالمي خاصة وأنه لا يزال صغير السن وربما تكون الضغوط من الإعلام والتوقعات والترشيحات القوية التي سبقته إلى ريو هي السبب وراء عدم تحقيق النتائج المنتظرة منه موضحا أن باقي السباحين في البعثة المصرية حققوا أرقاما أفضل من أرقامهم المعتادة باستثناء أكرم.
كما أشار إلى أن مروان العامري وريم قاسم جاءا في مراكز متأخرة بسباقي ماراثون المياه المفتوحة للرجالي والسيدات على الترتيب لعدم امتلاكهما الخبرة التي تؤهلهما للمشاركة حيث تقتصر خبرتهما على ثلاث مشاركات دولية وهو ما يجب أن يراعيه المسؤولون لأن سباحة المياه المفتوحة بالذات تحتاج لخبرات متراكمة والدليل أن كلا منهما لم يتراجع عن مجموعة المقدمة إلا في آخر كيلومترين من السباق.
وأعرب سعد عن اعتقاده بأن توفير الإعداد الجيد لهؤلاء السباحين يمكن أن يحقق طفرة في مستواهم خلال بطولات العالم القادمة وكذلك أولمبياد طوكيو 2020 ويجب أن يكون التركيز من الآن على إعداد ثلاثة أو أربعة سباحين بهذا المستوى لأولمبياد طوكيو.
وعن الملولي واحتلاله المركز الثاني عشر في سباق ماراثون المياه المفتوحة (عشرة كيلومترات) ، أكد سعد أنه يرى أن الملولي كان في طريقه لإحراز الذهبية في هذا السباق ولكن الحظ العاثر حال دون ذلك في الأمتار الأخيرة من السباق.
وعن فريدة عثمان ، قال سعد إن فريدة استفادت من تجربتها الأولمبية السابقة وكانت أكثر خبرة وبلغت الدور قبل النهائي محققة رقما أفريقيا جديدا.
وقال سعد : "يجب ألا نقسو على هؤلاء السباحين لأن معظمهم لا يزال صغير السن ويجب إعدادهم لاستكمال المسيرة التي بدأتها رانيا علواني قبل سنوات وتوجها الملولي من خلال ثلاث ميداليات أولمبية".
وأضاف : "الدورات الأولمبية خبرات تتراكم وهكذا بطولات العالم للسباحة ولابد من إبعاد السباحين صغار السن عن الضغط الإعلامي والجماهيري لأنني أعتقد أن التوقعات الهائلة والضغط الجماهيري كانا وراء عدم تحقيق السباحين العرب وخاصة المصريين لأي مراكز متقدمة في الأولمبياد الحالي رغم أن الفرصة كانت سانحة خاصة أمام أكرم".
وعن خطة العلاج التي تحتاجها السباحة العربية حتى تترك بصمة واضحة ومستمرة على الساحتين العالمية والأولمبية ، قال سعد إن النتائج التي تركت أثرا جيدا لدى المتابعين للسباحة العربية جاءت من خلال السباحين الذين سافروا إلى الولايات المتحدة أو بلدان أخرى مثل رانيا علواني والملولي وفريدة عثمان وأكرم وغيرهم كما أن هناك سباحين متميزين يسيرون حاليا في نفس الاتجاه مثل محمد سامي وعمر عيسى وهانيا مورو.
وأضاف : "هذه الحالات تؤكد أن لدينا في المنطقة العربية ثقافة السفر إلى الخارج من أجل العمل ضمن منظومة جيدة علما بأن كل هذه الحالات لم يكن الترتيب لها من خلال المؤسسات المشرفة على الرياضات المائية وإنما كانت بجهود شخصية من السباحين وعائلاتهم باستثناء أكرم... ولهذا ، يجب أول تنظيم هذه العملية بشكل جيد ومدروس والبدء في نفس الوقت في خلق منظومة مماثلة في المنطقة العربية خاصة وأن أكثر من دولة عربية لديها الإمكانيات اللازمة لهذا ولا ينقصها سوى الاستعداد لاتخاذ القرار".
وأشار سعد إلى أن من أبرز مشاكل السباحة العربية أن قاعدة الممارسة قد تكون كبيرة ولكن قاعدة البطولة أقل كثيرا من المطلوب مما يعني ضرورة توسيع قاعد البطولة والمنافسة حتى يكون لدى القائمين على المنتخبات فرصة أكبر للاختيار والمفاضلة.
ووجه سعد مناشدته إلى الاتحاد العربي للسباحة بضرورة تفعيل بطولات الناشئين ووضع منظومة جديدة.
وقال سعد : "الأمثلة على وضع مثل هذه المنظومة كثيرة ومنها جنوب أفريقيا التي تتمتع حاليا بمنظومة تفريخ سباحين بارزين يفرضون سيطرتهم شبه المطلقة على الساحة الأفريقية وينافسون بشكل قوي عالميا وأولمبيا دون الاعتماد على السفر للولايات المتحدة وبلدان أخرى بحثا عن منظومة تدريب عالية المستوى... يجب ألا نكتفي بدور المشاهدين وهناك دول لم يكن لها أي تواجد سابق في عالم المنافسة قدمت الآن نماذج رائعة لسباحين قادرين على المنافسة ومنها سنغافورة على سبيل المثال لا الحصر".
ولخص سعد هذا قائلا : أولمبياد ريو يمثل جرس إنذار للسباحة العربية ولكن أرقام بعض السباحين فيه تعتبر حافزا للمستقبل بشرط بدء العمل فورا استعدادا للارتباطات المقبلة.
وعن الدورة الأولمبية الحالية ومستوى السباحة فيها بشكل عام ، قال سعد إن الدورات الأولمبية الأخيرة ومنها الدورة الحالية شهدت تطورا هائلا في مستوى السباحة والسباحين ويكفي تحطيم العديد من الأرقام القياسية العالمية والأولمبية في الدورة الحالية.
ولدى سؤاله عن السباح الأمريكي مايكل فيلبس ووضعه في تاريخ السباحة العالمية والأولمبية ، أجاب سعد بأن فيلبس سباح من طراز فريد يصعب تكراره لأنه لا يتمتع فقط باللياقة البدنية العالية والإمكانيات الجسمانية الرائعة وإنما يتمتع فوق هذا كله بالروح المعنوية العالية والقتالية والإصرار على مواصلة الإنجازات.
وقال سعد "فيلبس يساوي قارة وليس دولة في ظل العدد الهائل من الميداليات الأولمبية والعالمية التي حصدها على مدار مسيرته الرياضية حتى الآن ومن المؤكد أنه سيظل لعشرات السنين على الأقل كعلامة بارزة مضيئة في القمة دون أن يصل إليه أي سباح خاصة مع هذا الرصيد الهائل من الميداليات الأولمبية (23 ذهبية وثلاث فضيات وبرونزيتين) ".
وعن كيفية استخدام علاقاته بأعضاء الاتحاد الدولي لإسناد إحدى حلقات كأس العالم للسباحة إلى مصر ، أشار سعد إلى أن كل شيء يظل ممكنا بشرط توافر الإرادة من المسؤولين والتقدم بطلب التنظيم خاصة وأن مصر لديها ما يؤهلها لهذا بشرط استغلال الإمكانيات بالشكل الأمثل.
وأوضح سعد ، الذي يعمل أيضا في منصب المدير التنفيذي للاتحاد الإماراتي للسباحة ، : "دأبنا على تنظيم العديد من حلقات سلسلة كأس العالم للسباحة والسباحة الطويلة والغطس في دبي وأبو ظبي على مدار السنوات الماضية حتى أصبحت دبي وأبو ظبي من أكثر الأماكن التي يرغب السباحون في الذهاب إليها".