يواكيم لوف.. مهندس يحرّك الماكينات

وتفوز ألمانيا في النهاية.. هذا ما ذكره المهاجم الإنجليزي السابق جاري لينيكر خلال وصفه وتعريفه لرياضة كرة القدم، فلطالما امتلكت الماكينات الألمانية ثقافة يُضرب بها المثل عبر السنوات في مدرسة كروية مرّ عليها أفضل المعلمين وأنجح الطلبة. هذا المنتخب دخل إلى الألفية الجديدة مع سلسلة من التخبطات التي رافقت انحداراً ضخماً في المستوى والنتائج، فما كان من الاتحاد الألماني سوى أن أعد خطة بعيدة المدى لإعادة المانشافت إلى القمة في غضون سنوات، لينجح المنتخب الألماني في الوصول إلى المربع الذهبي في جميع المسابقات الرسمية التي شارك فيها منذ العام 2006، وصولاً لتربعه على عرش العالم بعد فوزه بالمونديال الأخير. وما كان لهذه الماكينات أن تضرب من جديد لولا وجود مهندس عبقري اسمه يواكيم لوف، فصحوة هذا المنتخب اقترنت باسمه، وما كانت بطولة كأس القارات الأخيرة سوى درس جديد نقله لوف إلى العالم الكروي بعدما قاد منتخباً شاباً يخلو من الأسماء اللامعة نحو اللقب.
لاعب مغمور
لم يطبع يواكيم لوف لنفسه اسماً لامعاً في مسيرته كلاعب، والتي استمرت لقرابة 17 سنة، حيث لعب لعدد من أندية الصف الثاني في البوندسليجا، وكانت تجربته الأفضل مع نادي فرايبورج الذي لعب في صفوفه لفترة دامت 8 مواسم على 3 فترات مختلفة. وكان موسم 1983ـ1984 أفضل مواسم لوف اللاعب على صعيد الأرقام، حيث سجل لفرايبورج في ذلك الموسم 17 هدفا في 31 مباراة، لكنها كانت أثناء تواجد الفريق في دوري الدرجة الثانية. وخاض لوف المواسم الـ 6 الأخيرة من مسيرته مع أندية سويسرية مغمورة، كما أنّه لم يتشرف بتمثيل المنتخب الألماني الأول، حيث اكتفى بخوض 4 مباريات دولية مع منتخب الشباب عاميْ 1979 و1980.
بداية المسيرة
أنهى لوف مسيرته كلاعب مع نادي فراونفيلد السويسري عام 1994، وهو النادي الذي فتح أمامه فرصة الدخول إلى عالم التدريب، حيث قاد الفريق كلاعبٍ وكمدربٍ في الوقت نفسه خلال تلك السنة. وفي العام 1996، عُيّن لوف كمدير فني لنادي شتوتجارت الألماني وحقق معه نتائج جيدة على مدار موسمين، حيث قاده لاحتلال المركز الرابع في ترتيب الدوري الألماني والفوز بلقب كأس ألمانيا في الموسم الأول، قبل أن يصل إلى المباراة النهائية لكأس أبطال الكؤوس الأوروبية في الموسم الثاني، لكنه خسر حينها بهدفٍ نظيف أمام تشيلسي. وفي السنوات التالية، أشرف لوف على قيادة نادي كارلسروهر الألماني، وفنربخشة وأداناسبور في تركيا، قبل أن يسافر عام 2001 إلى النمسا ليشرف على تدريب تيرول إنسبروك وأوستريا فيينا.
إلى المانشافت
عيّن الاتحاد الألماني لكرة القدم الهداف السابق يورجن كلينزمان كمدرب جديد للمنتخب الألماني عام 2004، والذي أقنع يواكيم لوف بالانضمام إلى جهازه الفني كمساعدٍ له. ووقع خيار كلينزمان على لوف بسبب مشاركته لنفس الفلسفة الكروية المبنية على الكرة الهجومية، حيث التقيا قبل سنوات في أكاديمية لتدريب المدربين واكتشفا تقارب أفكارهما الكروية حينها. وسُمّي لوف كمدير فني للمانشافت في 12 يوليو 2006 بعد رحيل كلينزمان، ووقع حينها على عقد يمتد إلى عاميْن فقط، وتحديداً عند انتهاء مشاركة المنتخب الألماني في كأس الأمم الأوروبية عام 2008. وبدأ لوف مشواره كمدرب للمنتخب الألماني بسرعة البرق، حيث حقق أفضل بداية لمدرب في تاريخ المانشافت مع 5 انتصارات متتالية، لكن الاتحاد الألماني جدد الثقة به بعد الظهور المميز للمانشافت في اليورو، وبعد حصوله على الميدالية الفضية عقب الخسارة أمام إسبانيا في النهائي.
على عرش العالم
استفاد المنتخب الألماني من لجوء يواكيم لوف إلى استخدام قائمة شابة في المونديال عام 2010 وفي كأس الأمم الأوروبية عام 2012، حيث حصل لاعبوه على الخبرة اللازمة قبل الدخول إلى المنافسة في المونديال البرازيلي الأخير، والذي تُوّج المانشافت بلقبه بعد التغلب على الأرجنتين في المباراة النهائية. وانتظر الألمان 24 عاماً للعودة إلى عرش كأس العالم بهندسة من المدرب يواكيم لوف، حيث حقق المنتخب الألماني لقبه السابق عام 1990 تحت إدارة القيصر فرانتس بيكنباور، كما لم ينجح هذا المنتخب في الفوز بأي لقب رسمي منذ أن حصد ذهبية اليورو عام 1996 مع المدرب بيرتي فوجتس، وصولاً إلى كسر هذه السلسلة على الأراضي البرازيلية قبل 3 سنوات. وحقق المانشافت في المونديال الأخير نتائج عريضة منها الفوز على البرتغال برباعية نظيفة في مباراته الافتتاحية، والفوز التاريخي على أصحاب الأرض بنتيجة 7ـ1 في نصف النهائي.
المشروع الجديد
أشرك يواكيم لوف في نهائيات كأس العالم عام 2010 التشكيلة الأصغر في تاريخ المنتخب الألماني منذ العام 1934، حيث عوّل على أسماء شابة حينها مثل مانويل نوير ومسعود أوزيل وتوني كروس وجيروم بواتينج وتوماس مولر وغيرهم من اللاعبين الذين تحولوا إلى نجومٍ كبار في السنوات التالية. واستمرت حالة التباعد بين الألمان والألقاب بالرغم من المستويات المميزة التي قدمها المانشافت، حيث ودّع المونديال عند الدور نصف النهائي، قبل أن يخسر بعد سنتيْن في اليورو أمام إيطاليا عند الدور نفسه، لكن الثقة الألمانية بالمدرب لوف استمرت نظراً لحالة التفاؤل التي سادت بعد تقديمه لمشروع مستقبلي بعد جيل شاب صاعد، وهو الجيل الذي قطف الثمار على الأراضي البرازيلية عام 2014.
رهان القارات
وضعت الجماهير الألمانية سقفاً منخفضاً من التوقعات لحظوظ منتخبها في المنافسة على لقب كأس القارات التي استضافتها روسيا قبل أيام، خاصة بعد قرار المدرب لوف بإراحة النجوم الذين شاركوا في نهائيات المونديال عام 2014 والنهائيات الأوروبية في الصيف الماضي، واستدعائه لتشكيلة شابة وصل معدل الأعمار فيها إلى أقل من 24 عاماً. وكسب لوف الرهان عندما قاد قائمته الشابة للفوز باللقب بعد تجاوزه لأبطال آسيا (أستراليا) وإفريقيا (الكاميرون) والكونكاكاف (المكسيك) والقارة الأمريكية الجنوبية (تشيلي) في المباراة النهائية، ليؤدّي قراره إلى إنشاء جيلٍ كروي ألماني سيملك كل الإمكانيات للحفاظ على لقب المانشافت كأبطالٍ للعالم في المونديال الروسي العام المقبل.
أفضل 5 مدربين في تاريخ المنتخب الألماني.
المدرب الفترة عدد المباريات الانتصارات الألقاب
يواكيم لوف 2006 – الآن 152 102 كأس العالم 2014
كأس القارات 2017
سيب هيربيرجر 1936 – 1964 167 94 كأس العالم 1954
هيلموت شون 1964 – 1978 139 87 كأس أوروبا 1972
كأس العالم 1974
بيرتي فوجتس 1990 – 1998 102 66 كأس أوروبا 1996
فرانتس بيكنباور 1984 – 1990 66 34 كأس العالم 1990
أكثر المدربين تحقيقاً للانتصارات على صعيد المنتخبات
المدرب المنتخب الانتصارات
يواكيم لوف ألمانيا 102
سيب هيربيرجر ألمانيا 94
فيثنتي ديل بوسكي إسبانيا 87
هيلموت شون ألمانيا 87
أوسكار تاباريز الأوروجواي 86




