بالهدوء.. اهزموا اليابان

لم يمنع كونه يلعب في أحد أندية الدرجة الأولى، أن يكون أحد أعمدة المنتخب السعودي الأول لكرة القدم في بداية التسعينيات الميلادية، ويمثله في التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 1994 في أمريكا.
إنه منصور الموسى الذي برز مع ناديه النجمة وهو في الدرجة الأولى قبل أن ينتقل لاحقاً إلى صفوف النصر ليضع اسمه في قائمة الذهب التي لا تزال صامدة، وكان قبلها أحد نجوم فوز المنتخب السعودي للناشئين بكأس العالم 1989.
برز من وسط أحياء عنيزة الصغيرة، ليكون واحداً من أبرز لاعبي جيله، مخالفاً قاعدة "المنتخبات للاعبي الأندية الكبيرة فقط"، ولم يخيب ظن المدربين، فسجل هدفاً من أربعة أهداف هزت شباك إيران، وحسمت التأهل للأخضر في تصفيات 1994.
ـ كيف ترى وضع المنتخب حالياً قبل التأهل إلى مونديال روسيا 2018؟
المنتخب بدأ بداية قوية أعطتنا مساحة كبيرة من الأمل والتفاؤل على جميع المستويات، فكونك تتصدر مجموعة تضم اليابان وأستراليا الفريقين الأقوى حالياً في آسيا هذا شيء ممتاز وكنا على مقربة من حسم التأهل بشكل مباشر قبل مواجهة اليابان الحاسمة، ولكن فجأة هبط الأداء وخسرنا مباراة الإمارات وأضعنا فرصة كانت في المتناول، فالإمارات لعبت على بصيص من الأمل واستطاعت المحافظة عليه، بينما نحن كان لدينا كل الأمل والحظوظ وأضعناها لأسباب مختلفة، ولعل الصعوبة حالياً تكمن في الدخول في منافسة أستراليا للتأهل أو الملحق والذي لن يكون بأسهل من التصفيات.
ـ ما سبب هبوط الأداء وضياع نقاط الإمارات؟
للأسف، في السابق كان الجهاز الفني قريباً جداً من الدوري السعودي ومن الأندية وتجده موجوداً حتى في مباريات دوري الدرجة الأولى ويبحث عن اللاعبين البارزين، فكونه في فريق مغمور ودوري أقل هذا لا يسلبه حق تمثيل المنتخب والأمثلة كثيرة، ولكن اليوم تجد المدرب في دولة وفي عمل آخر والأسماء تأتيه جاهزة وفق رؤية وتصور الجهاز الإداري، وهذا خطأ ولا يمكن أن يحدث في أي مكان آخر، كما أن استبعاد لاعبين بارزين مع بداية الدوري بحجة الانسجام أمر غير منطقي، فالمسألة؛ مباراتان فقط للتأهل، ينبغي أن استخدم فيهما أقوى وأفضل الأسلحة.
ـ ما الذي يحتاج إليه المنتخب السعودي في لقاء الغد أمام المنتخب الياباني؟
يحتاج إلى الهدوء والتركيز واستشعار المسؤولية من الجميع بداية من أصغر مشجع إلى أكبر مسؤول في هيئة الرياضة، فالوقت وقت التكاتف والالتفاف حول المنتخب ولا مجال للتصعيد الإعلامي الذي اجتاح الشارع الرياضي بعد الخسارة أمام الإمارات، كما أن اللاعبين مطالبون بالهدوء وعدم الاستعجال ووضع كامل قدراتهم في المباراة وعزل لقاء المنتخب الأسترالي والتايلاندي عن أجواء لقائنا ضد اليابان.
ـ من تتوقع لاعب الحسم في اللقاء؟
لا أتوقع أحداً بعينه، بل أتمنى أن يكون جميعهم لاعبي حسم، فالإنجاز للوطن وهو يستحق الكثير فعندما يسجل هذا اللاعب أو ذاك اللاعب فالفرح للوطن وللجميع وكلنا أمل وثقة بلاعبينا بحسم اللقاء لمصلحتهم ونحتفل سوياً بالتأهل الخامس بإذن الله بعيداً عن الحسابات، وقد تكون إقامة المباراة في ملعب مدينة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز الرياضية في جدة هي من توفيق الله لتنطلق الأفراح من عروس البحر الأحمر.
ـ كيف تلقى منصور الموسى خبر انضمامه إلى المنتخب الأول المشارك في التصفيات النهائية لكأس العالم؟
كان ذلك من أجمل الأخبار التي تلقيتها في حياتي اختلطت فيها الابتسامات ودموع الفرح، والتهاني والتبريكات تأتيك من الأهل والأصدقاء والزملاء ومن الوسط الرياضي، فحينما تحظى بثقة المسؤولين عن الرياضة السعودية لتمثيل المنتخب الوطني في منعطف مهم وتاريخي وبوجود كوكبة رائعة من أبرز لاعبي الجيل السابق أمثال ماجد عبدالله ومحمد عبدالجواد وعبدالله صالح ومحمد الدعيع وغيرهم من نجوم الكرة السعودية، وفي تلك الفترة كان الانضمام إلى المنتخب بمثابة الحلم لصعوبة الوجود في صفوفه لكثرة النجوم والمواهب، وعندما تنظر إلى خط الوسط تحديداً تجد فؤاد أنور والتيماوي والموينع وخالد مسعد وإبراهيم ماطر وطلال الجبرين وغيرهم من النجوم في هذا المركز.
ـ ذكريات الكابتن منصور الموسى مع أول مشاركة وتأهل إلى كأس العالم؟
الذكريات كثيرة وجميلة بداية من المعسكر وحتى التأهل، وهي ما زالت عالقة في ذاكرتي حتى الآن وشريطها يلفني بين فترة وأخرى، فكان التكاتف والتعاون وروح الفريق الواحد والجو الأخوي بين اللاعبين تشعرنا وكأننا عائلة واحدة متماسكة تسعى إلى هدف واحد وهو تشريف الكرة السعودية ورفع سمعتها عالياً، فتجد ماجد عبدالله يوجهك وعبدالجواد يسدي لك نصيحة وسامي الجابر يعطيك كلمة فكل لاعب لا يبخل تجاه زميله بأية نصيحة أو كلمة.
ـ كيف كان تأثير وجود الأمير فيصل بن فهد ليلة اللقاء أمام المنتخب الإيراني عليكم كلاعبين؟
الأمير فيصل بن فهد ـ رحمه الله ـ هو كلمة السر في التأهل، فهذا كان أول طريق للتأهل وكان وجوده معنا في المعسكر ليلة المباراة دافعاً معنوياً لنا قبل اللقاء وكان يحفزنا ويبث في أنفسنا كلمات الحماس، فعندما ترى المسؤول الأول قريباً منك ويوجهك ويحتضنك كواحد من أبنائه فهذا فخر وشرف لنا كلاعبين ولا ننسى كلماته التي كانت نبراساً أضاء لنا طريق التأهل.
ـ كيف كانت الاستعدادات ليلة اللقاء الختامي أمام المنتخب الإيراني؟
منذ بداية التصفيات ونحن عاقدون العزم على التأهل، فالفرق التي كانت تنافسنا تعتبر من فرق الصفوة في آسيا فعندما تقول إيران وكوريا الجنوبية واليابان فهذا يعطيك دليلاً على قوة الخصوم التي ستواجهك وكل لقاء أصعب من اللقاء الذي قبله والتقارب النقطي بعد كل جولة يجعل عليك ضغطاً هائلاً ورهيباً، وقبل لقاء إيران تعاهدنا على أهمية حسم اللقاء وإسعاد الجمهور السعودي بالتأهل فكان الحديث السائد بين اللاعبين هو التضحية واللعب حتى إطلاق الحكم لصافرة النهاية فكنا لا نفكر في أندية أو مجد شخصي بقدر ما كنا نبحث عن الفرح للجميع.
ـ كيف كان شعورك وأنت تستعد للنزول لأرض الملعب في مباراة إيران؟ وما الأدوار التي طلبها منك الجهاز الفني؟
كنت متفائلاً وكان لدي ارتياح كبير على الرغم من عظم المسؤولية، فالمباراة مفصلية والفرصة أحياناً لا تأتي إلا مرة واحدة لأي لاعب والحمد لله بفضل الله ثم توجيهات المدرب محمد الخراشي وزملائي اللاعبين استطعت تسجيل واحداً من الأهدف الأربعة، وفي وقت مهم وحساس، ومن أول كرة وهذا ما أعطاني دافعاً أكبر وأزال كثيراً من الضغط علينا داخل الملعب، فالهدف جاء في أول دقيقة من الشوط الثاني وقبل أن يرتب المنتخب الإيراني أوراقه كما ساهم هذا الهدف في بعثرة أوراق المدرب الإيراني الذي كان قد نجح في تقليص الفارق قبل 5 دقائق من نهاية الشوط الأول وكان يطمح إلى مباغتتنا والضغط في ملعبنا لإدراك التعادل.
وبالنسبة إلى الجهاز الفني بقيادة محمد الخراشي وتوجيهاته لي قبل النزول، فقد طلب مني الوجود في منتصف الملعب والربط بين خطي الوسط والهجوم ومساندة زملائي المهاجمين عند الهجمة واستغلال البطء في الدفاع الإيراني باللعب السريع للكرة.
ـ ما شعورك عند تسجيلك للهدف الثالث الذي وسع الفارق إلى هدفين؟
كانت فرحة لا توصف خاصة أن ملعب الدوحة كان مليئاً بالجمهور السعودي فعندما شاهدت فرحتهم بالهدف، كما ذكرت أعاد فارق الهدفين من جديد وأعطى الجميع أريحية تامة للتفرغ للعب والعطاء، كما أن التأهل كان حليفنا وهذا مما زاد سعادتي بشكل كبير، إضافة إلى الاحتفالات التي كانت في الملعب وفي غرف الملابس وفي شوارع السعودية هي فرحة لكل لاعب وليست لمنصور الموسى وحده.
ـ اللحظة الحزينة لمنصور الموسى باستبعاده من المنتخب المشارك في نهائيات كأس العالم 94؟
لا شك أن تعرضي للإصابة في العضلة الخلفية كان لحظة صعبة وصعبة جداً فلا راد لقضاء الله، وكنت متشوقاً لتمثيل الأخضر في مونديال 94 ولكن الإصابة حالت دوني ودون تلك المشاركة التاريخية التي سجلت بأحرف من ذهب كونها الأولى والوحيدة التي تجاوزنا فيها دور المجموعات ووصلنا لدور الستة عشر، ولعل ماخفف عليّ وقع الإصابة والاستبعاد هو وقفة مسؤولي المنتخب وعلى رأسهم الأمير فيصل بن فهد ونائبه الأمير سلطان بن فهد حينها ولا أنسى الجهازين الفني والإداري وزملائي اللاعبين.
