فؤاد.. قصيدة ألف عام

جدة ـ فرج الشمري 2018.02.02 | 05:14 am

تغرق كرة القدم في التفاصيل الصغيرة.. يمكن لتاريخ لاعب واحد رمي هذه الحقيقة وتعريتها أمام الأعين.. من السهل أن تكون لاعباً كروياً تصطف بجانب آلاف وملايين ركلوا الكرة منذ أن عرفتها الخليقة.. حينما تكتب لك الأقدار أن تكون لاعباً عظيماً ومؤثراً ومختلفاً عن نظرائك ثم لا تثير الجدل حولك وعنك فهناك شيء من تلك التفاصيل الصغيرة.

غادر المشهد دون أن يراه أحد.. هذا بالتحديد ما حدث لفؤاد أنور.. لاعب جمع المجد من أطرافه كما يقال على الألسنة وكما تقول وقائع لا تجامل ولا تهادن ولا تمايز بين وجه وآخر..

ظل فؤاد أنور اللاعب الأكثر مظلومية في تقييم الجماهير، والأقل صخباً داخل أجواء الإعلام حتى اعتزل وقال وداعاً.. في أحد البرامج التلفزيونية أثيرت قضية أسطورة الكرة السعودية هل هو ماجد عبد الله أم سامي الجابر أم محمد الدعيع.. أدلى ضيوف الشاشة في تلك الليلة بدلوهم وغنى كل منهم على هواه.. جاء اتصال مباشر للمذيع.. كان على الخط فؤاد أنور قائد الشباب والنصر والمنتخب السعودي الأسبق..

طرحوا عليه السؤال ذاته المضطرب بالألغام.. تململ أنور ولم يرمِ بإجابة واضحة في أول الأمر.. ثم نجح في أن ينحو بالموضوع إلى اتجاه آخر.. 

قال لهم لماذا لا يكون هناك أسطورة أخرى.. بهت الذين ملأوا الاستديو ضجيجاً.. لم يقل فؤاد أنور أنا الأسطورة بالفم المليان لكنه في  الوقت ذاته راح يعدد مزاياه وإنجازاته ويذكرهم بصولاته وجولاته.. الوقت لم يسعفه لينبري بقصيدة عصماء رددها المتنبي قبل أكثر من ألف عام.. لم يقل لهم:

“أنا الذي نظر الأعمى إلى أهدافي..

وأسمعت ركضاتي من به صمم”..

ظلت تلك المكالمة واحدة من الأهداف والتمريرات الحاسمة في تاريخ فؤاد.. يبدو أنه صبر كثيراً على أصوات أرادت بعمد أو بغير قصد إبعاده تماماً عن الصراع على عرش لقب الأسطورة.. لم يكن فؤاد طماعاً ولا جشعاً وهو يطالب أن يكون اللاعب السعودي الأول بين صفحات التاريخ السعودي لكن على الأقل يريد الدخول بين أبيات قصائد المادحين والهجائين على حد سواء.. يريد أن يكون واحداً من الذين تستوعبهم برامج الصوت الطويل لأن تاريخه طويل بإنجازات لا تتكرر بسهولة..

حقق مع ناديه كل أنوع البطولات وصعد كل أشكال المنصات.. تلك المنصات التي زخرفت في ملاعب عربية وآسيوية وخليجية.. يحسب له أنه صاحب أول هدف عالمي تخفق له قلوب السعوديين في المونديال عبر الشباك الهولندية.. كذلك يحسب له كونه أول سعودي تلامس يداه كأس الخليج.. ظل السعوديون ينتظرون تتويجهم بلقب الخليج لأكثر من ثلاثة عقود حتى جاء جيل يقوده الأنور فؤاد وأنار الطريق بالذهب والمجد..

أن تكون لاعباً يضعك الآخرون في مرمى مقاصدهم حينما يحين الزمن لاختيار الأسطورة بين نجوم بلادهم الكرويين فذاك مجد يستحق العناء والصدام والتحدي ويضطرك إلى أن ترفع بيدك لا بيد عمرو الراية وتكتب في نفسك ومجدك وتاريخك وأهدافك ما لذ وطاب من قصائد ومدائح.. فهذا أقل حقوقك وأيضاً أكبر واجباتك.. تفعل هذا لأنك فؤاد أنور.. فؤاد الأخضر.