الهلال والنصر.. ذاكرة واحدة لا تكفي
في نفس الجلسة تلتقي نفس الوجوه منذ أعوام طويلة داخل استراحة تأخذ من شرق الرياض موقعاً على جغرافيا الكرة الأرضية.. جميعهم عن بكرة أبيهم تميل قلوبهم كل الميل لعشق النادي البرشلوني الشهير.. يضعون على جدران مجلسهم الذي لا يدخله أحد سواهم صورة كبيرة للأرجنتيني ليونيل ميسي صارخاً بعد تسجيله أحد أهدافه التي تجاوزت الخمسمائة بقميص البرشا، كما تقول أرقام لا تكذب على الأغلب.. يجمعهم عشق النادي الإسباني العريق الذي تناوب على ارتداء قميصه مارادونا ورونالدينهو، وكرويف الثلاثي الأكثر حرفنة ومهارة في تاريخ كرة القدم، ثم يأتي الهلال والنصر ويفرقوهم كما تفرق الشمس بين الليل والنهار.
لا تمضي سهرتهم اليومية إلا والهلال والنصر يستحوذان على جزء من حكاياتها.. يعشقون كرة القدم كثيراً وينقسمون على الناديين العاصميين الكبيرين.. لا تنتهي الذكريات في أرشفة مباريات الديربي.
يملك النصراويون سجلاً حافلاً يجابهون به أنصار المعسكر الهلالي.. يذكرونهم بأهداف ماجد ومهارات الهريفي وضربات محمد السهلاوي وتصاريح الرمز الراحل عبد الرحمن بن سعود.
عندما يتحدث أنصار البيت الأزرق يسترجعون بقلوب تملؤها القوة والثقة ما فعله الثنيان وريفالينو وموسى نضاو وسامي الجابر وياسر القحطاني.. هناك عشرات عابرون مروا على ضفاف الذكريات.. لاعبون سجلوا هدفاً واحداً يساوي مائة هدف كما فعل فيصل مرزوق في المباراة الرباعية التعادلية الشهيرة.. لا أحد ربما يتذكر ملامح وجهه لكن هدفه القاتل الذي جلب التعادل للأصفر لا يزال حديثا يروى مع تعاقب الأجيال.. هناك لاعبون لم يحالفهم الحظ في هز الشباك.. لهم نصيبهم أيضاً.. هناك لاعب تعرض للإصابة.. هناك مشجع ذرفت دموعه حسرة على خسارة.. هناك مدرب خرج عن طوره وفقد أعصابه ثم التقطته الكاميرا فصار حديث الناس.. زحمة ذكريات لا تنتهي بين النصر والهلال.. مداها وآثارها تجتاز الخمسين عاماً.. أحداث تسكن ذاكرة المتذكرين وكأنها أحداث حرب لم تضع أوزارها.. يتجدد الصراع اليوم كما يحدث كل عام مثنى وثلاث ورباع..
لكن السؤال البريء المتردد في الأذهان والعقول الباطنة: هل سيترك لقاء اليوم أثراً ويأخذ نصيباً من الذاكرة والذكريات؟ هل سيكون هو الآخر إحدى المواجهات التي يتردد صداها في الاستراحة التي تتزين بصورة ميسي وتكتظ بها حكايات النصر والهلال بلا ملل؟
إنها تسعين دقيقة جديدة مزدحمة بأرقام لاعبين أجانب لأول مرة بهذا العدد.. أيكفي هذا لتكون بين تلك الديربيات التي لا تنسى؟
الإجابة معلقة حتى نهاية المباراة وبداية سهرة الاستراحة.