|


أحمد الحامد
الكيف
2018-05-31

في عام 1985 أنتجت السينما المصرية واحداً من أجمل أفلامها "الكيف" إخراج علي عبدالخالق وقصة وسيناريو وحوار محمود أبو زيد. هذا الفيلم طرح للمشاهد الصراع بين عدة مفاهيم تحملها العقول البشرية، والمنحنيات التي قد ينزلق بها الإنسان بتأثير من الفوضى ونتاجها السلبي والتناقضات التي تظهر في عالم يتسيده المال والصخب على حساب الذوق العام والأخلاق.



صوّر الفيلم حالات اجتماعية دائمة في الحياة، وتسلل الفيلم إلى عقل المشاهد وقلبه بصورة لا تقاوم من خلال الكوميديا السوداء المضحكة إلى درجة التعب والمبكية إلى درجة الحسرة! السيناريو والحوارات تضربك بين حين وآخر حتى تستفيق مما اعتدت عليه من ذوق عام سيئ. في الفيلم "أفيهات" أسطورية للمبدع محمود عبدالعزيز المطرب الشعبي "مززنجي" الذي دخل الفن بعد فشله في الدراسة واستطاع أن يصبح مغنياً مشهوراً من خلال أعمال غنائية رديئة في رسالة واضحة مفادها: ليس كل مشهور جيداً، الشهرة للسيئين أيضاً، في مشهد مززنجي مع فؤاد خليل "الريس ستاموني" المؤلف الغنائي، دار بينهما حوار وضّح للمشاهد طريقة النزول بقيمة العمل الفني إلى الحضيض وانتهى المشهد باختيار النص الغنائي التالي: القلب مليان منك جفا، والصبر من قلبي انتفى، وضاع معاك كل الصفا، ضيعته بعندك يا قفى، آه يا قفى يا قفى.



في مشهد آخر بين يحيى الفخراني وجميل راتب يدور نقاش أزلي بين الخير والشر، الأمانة والخداع، الذوق الرفيع والرديء.



جميل راتب: زمان كنت بغش الشاي بنشارة خشب وأبيعه في بواكي شكلها حلو مكتوب عليها شاي أبو الأصول، كسبت والماركة بقالها اسم وسمّعت، وفجأة النشارة غليت والنجارين اتملعنوا، عبينا الشاي من غير نشارة، تعرف حصل إيه؟ اتخرب بيتي وفلست، الزباين طفشت وقالوا عليا غشيت في الشاي، مش بقولك مغفلين!



يحيى الفخراني: هم مش مغفلين، اللي زيك اللي أفسدوا ذوقهم، عودوهم على الوِحش لغاية ما نسوا طعم الحلو!



فيلم الكيف يصلح لكل الأزمنة، حتى مستواه الفني يصلح للاستدلال بما هو عمل فني عظيم.