قد تكون مثلي محباً للبرامج الحوارية «المركزة» والتي تجمع مقدماً بارعاً وضيفاً يستحق الإنصات، للأسف في رمضان الحالي ورغم الطفرة التي شهدتها القنوات، إلا أننا ما زلنا نفتقد للحوار المحترف المركز، الذي يمنح الضيف المساحة المناسبة لما يقول ولا يهتم بالقشور الإخراجية الأخرى أو الفنون التي يبتدعها مهندس الديكور خلف الضيف والمذيع.
في الغالب تركز الحوارات بالضيوف الذين يملكون قيمة وإضافة للمشاهد، أما إذا ارتأيت أن تبحث عن إعادة التغريد وفلان قال وعلانة قالت، فهذا سينتج حلقة مثيرة ومشاهدة عالية ولكن بلا قيمة، لن يبقى في ذهن المشاهد سوى بأن الفنانة فلانة اتصلت على صديقتها في البرامج لتعتذر، أو أن الشاعر الفلاني هاجم شاعراً منافساً آخر.
حسناً، أنا أعلم أن القنوات تبحث عن المشاهدات العالية، وردود الفعل الكبيرة، وتريند تويتر وهاشتاقات لا تنتهي، لكن نحن لا نطلب سوى ساعة مركزة لا فواصل فيها ولا تقارير تلفزيونية ولا مداخلات هاتفية.. ولا حتى أسئلة عبر تويتر، برنامج يواجه فيه المذيع ضيفه وجهاً لوجه ويسبق ذلك إعداد مميز، ليكون المنتج مناسباً لنا نحن محبو البرامج الحوارية.. لا أعتقد أن ذلك أمراً صعباً.
الكنوز في بلادنا وفيرة ومنهم المفكرون والمبدعون وذوو الخبرة في مجالاتهم، ولو استدعى الأمر إنتاج 365 حلقة لكان أمراً ميسراً وليس إنتاجاً رمضانياً فحسب، بشرط أن نترك القشور الجانبية ونركز على اللب بما فيه من خبرة وفكر ومعرفة. مثل هذه الحلقات إنتاجها سيكون أقل كلفة من أي برامج أخرى، والمشاهد الذي يبحث عن الفائدة لن ينظر إلى الديكور أو الفواصل أو حركة الكاميرا متى ما كان الضيف ذا قيمة تستحق، ومتى ما كانت الساعة التي سيتابعه فيها ستمنحه المتعة والفائدة.