في كتابه "بابلو أسكوبار.. والدي"، يروي خوان ابن أخطر وأشهر وأمهر تاجر مخدرات عرفته البشرية الكولمبي بابلو أسكوبار القصة من زاويته، وليس كما يرددها الناس في كل مكان..
يعترف ويكشف الأقنعة عن عشرات الأسرار الخفية في علاقته مع والده وفي حياتهم العائلية التي ظلت مثيرة للجدل، ومادة دسمة للصحافة والتقارير الإخبارية حول العالم.. ولم يتوانَ خوان من القول والإيمان بأن والده بالفعل كان مجرمًا وإرهابيًّا، وأنه أنقذ نفسه بعدم السير على خطاه، وإنما واصل تعليمه حتى أصبح مهندسًا معماريًّا..
ويتحدث خوان عن حياة البذخ التي عاشها في كنف والده مع شقيقته، ويصر على أن الوالد العزيز فضل الموت منتحرًا على خلاف ما يشاع بمقتله على يد جماعة مسلحة لها ارتباط غير مباشر بالولايات المتحدة الأمريكية.. ويقول خوان أيضًا إنه مع والدته حاولا كثيرًا في تغيير نهج حياة أسكوبار الغارق في التهريب والتجارة الممنوعة والقتل والإجرام، لولا أن كل تلك المحاولات كان مصيرها الفشل والعجز والخيبة.. وما كان رأي الابن بوالده صادمًا أو مفاجئًا أو غريبًا.. الدنيا كلها تعرف أن أسكوبار اغتال قرابة أربعة آلاف شخص في بلاده بين قضاة ورجال شرطة وسياسيين ومن عامة الشعب، ونشر الرشوة بطريقة واسعة بين أصحاب القرار في كولمبيا بعبارته المفزعة "فضة أو رصاص"، ويعني بها تقبل أن تأخذ المال أو القتل بانتظارك..
لا أحد يجادل على مسيرة أسكوبار الإجرامية، سواء ابنه أو زوجته أو أشقاءه وأصدقاءه.. إنسان واحد في هذا العالم فقط قال إن أسكوبار ليس مجرمًا هي والدته، وهذا يرمي دليلاً إضافيًّا على علاقة الإنسان بمن حوله.. جميعهم يرونك ويضعونك في مقامك الصحيح ومكانتك الطبيعية إلا أمك؛ فهي لا تصدق أن الطفل الذي حملته تسعة أشهر وأنجبته وأرضعته وداعبت طفولته ولامست براءته، يمكن أن يكبر ويصبح مجرمًا إرهابيًّا يوزع السموم المميتة على قارات العالم، حتى بات في فترة الثمانينيات المطلوب الأبرز للعدالة على وجه الكرة الأرضية؛ فهذا بالنسبة لها ظلم وتجنٍّ وجنون..
لا ترى الأمهات الحقيقة ولا يصدقن عن أبنائهن قول القائلين، فيما الآباء يذهبون إلى المدارس في أول يوم دراسي ويقولون للمعلمين: "هذا ولدكم خذوه لحم ورجعوه عظم"، وهذا يستحيل أن تقوله أي أم، ومن أي مكان وفي أي زمان، حتى إن كانت أم أسكوبار المجرم الإرهابي القاتل تاجر المخدرات الأكبر في التاريخ.. أم أسكوبار ليست سوى دليل جديد..!!