|


أحمد الحامد
لكل زمان
2018-05-29

في تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى تجتمع عقول مختلفة، بيئات متنوعة، أجمل ما فيها أنها منصات حقيقية، لكن الأمور لا تكتمل عادة.

 تويتر مثلاً يجمع كل الأصناف، أنت لا تختار بل تلتقي، بعض الشخصيات عادة تختار المكان الذي تود أن تجلس به لمعرفتهم بنوعية الأشخاص المتواجدين كالمجالس مثلاً أو الاستراحات، عندما تختار فأنت تحدد المستوى، أما في تويتر فأنت في بحر متلاطم من جميع الأصناف الحسن منه والسيئ، الفاهم و"الغشيم"، المؤدب والوقح، العالم والجاهل، الذكي والغبي، المفيد والمضر، المشجع والمحبط، المليء والفارغ، غير أن هذا التكوين ما هو إلا صورة مصغرة من هذا العالم وأصناف بشره، نماذج الإنسان جميعها تعيش بداخل هاتفك، في ضغطة واحدة تستحضرهم جميعًا وفي ضغطة أخرى تستبعدهم جميعًا، العيش بداخل هذا الهاتف هو ضرر كبير، لكن استخدام منصاته فائدة كبيرة، في تويتر يعجز كبار أطباء النفس من علاج بعض المرضى لكثرتهم وتنوع عقدهم، بعض الحسابات تشتري متابعين وهميين في محاولة خداع للنفس بأهمية صاحبها، وبعضها تحاول أن تعارض كل رأي دون التفكير به وفهمه، تتضح الأخلاق جلية في عدد الكلمات المحدودة، لا تحتاج لتجربتهم بل لقراءتهم، من ناحية ثانية تويتر هو منصة ثقافية وعلمية فائقة، يستطيع المنتمي إليه أن يحصل على الكثير من المعلومات والفائدة، ويستطيع أن يسبح في بحور الشعر العتيقة قبل تنقيط الحروف، في تويتر تستطيع أن تتعرف على أفكار الناس وتطلع على مواهبهم،  وعلى كل مستخدم ألا ينصدم في ردود فعل بعضهم نحو ما تقدمه أو ما تقرؤه من ردود على الآخرين، أعود للبحر المتلاطم الذي يجمع كل ما هو سمين وهزيل، ولاختيار جميع من تود الجلوس أو الحديث معهم، تغيرت الوسيلة ولم تتغير طبيعة الناس، هكذا هم في كل زمان ومكان، أشعر أحيانًا أن الزمان يعيد نفسه وإن اختلفت التواريخ والأماكن، لكل زمن علماؤه ومبدعوه ورجاله الكرماء الطيبون وذوو الأخلاق، وفي كل زمن أيضًا عكس جميع ما ذكرت، وفي كل زمن أيضًا أسماء تعيش لتبقى في قلوب وذاكرة الناس والتاريخ وأسماء تموت قبل أن تموت، الأخلاق العالية خط الدفاع والنجاح الأول في هذه الحياة في كل وقت وفي كل مكان وزمان.